يا سيدي الربُّ الأوحد
مرَّ العام كما ترى
يُستَحَى من رثائه
دون حالٍ يُعزَى إلى خير
لكني سأعتلي "طوزَهْ"* خِلسةً
في آناءِ الغسق النديّ
لأقول لكَ فقط:
"كلُّ عامٍ وأنتَ وحدكَ الكافلُ للحبِّ
والوصيُّ على أتباعهِ وأيتامه"
مرَّ الصيف حارقًا كتنّينٍ عظيم
بلا بردٍ وسلام
في ثوبٍ موحِشٍ من هوام الدهر
مُتخمًا بالحروب والأوبئة
والظلام والقنوط
في غفلةٍ عن الملائكة
مرَّ النزوح الكبير من"القومن"* الخصيب
في مفازات القيظ العاصف وغِيلان العطش
نحو العراء والعوَز وأرصفة السائلة
في يومٍ (كبروفةٍ) من قيامة الحشر
مرَّ ضاجًّا بالجنائز والتوابيت والمبتورين والجرحى
مرَّ على ليبيا اليتيمة خاذلاً
لمواثيق عهوده
بما تشابه من خونة
على وضح اسمها السائغ الأحرف الشهيِّ الحُنُوث
نعيًّا بلفيفٍ من شموعها الميامين
مرَّ غريبًا شريدًا بلا وطنٍ ولا نشيدٍ ولاراية
ها هو يمضي بلا أملٍ أيضًا
إلى شتاءٍ يُنذِرُ بشراسة الصقيع والرياح والخيبات
وطوفان المفسدين وقطّاع الطرق الموحشة
مرَّ بفوّهات الإبادة في الأودية والشعاب القصيّة
على ما تبقى من كائناتٍ تناقصت في البراري الناعمة
ومرَّ على فسائلي الغضّة بلفحٍ من غُبارٍ سديم
ملوّحًا بالاجثتات
وأنا أيها الرب
أقفُ وحيدًا مُفلِسًا من القصيدة
وساقطًا عن دالية الكلام
بخيالٍ مناهِزٍ لنصفِ قرنٍ ونيَّف
وهو مايزال طفلاً في تصوُّر وجهكَ
الرؤوف بعبده البار في قلبي
كُلَّما همَّ بمقصده
فخذْ بقريحتي من جفافها
وامسِسني بعطاءٍ من الشعر
يُبلِّل ريق النار في كلماتي
بشررٍ من حبيبتي الوادعة النبوَّة
التي لا أملك إلّا بصيصًا من لمحها
دون ينابيعَ وشَعرٍ طويلٍ مُلهِمٍ ومُسفِرٍ عن رسولته
وانشُب طيفها البعيدَ في فضائي كاكتمال البدر على قِفار المساء
لأنفُذَ في نفق الضوء على مِقودٍ لصهوةٍ مسافرة
تسري بي في ليلةٍ ظلماءَ طاحت نجومها
أيقِظها طَرفةَ صحوٍ لِمَا أُكابده
في أرق الشوق إلى صوتها
كُلَّما غَفَتْ باكِرًا كأُمٍّ بسيطةٍ وطيّبة
يعُدُّني زُهدها فيما قد لا يأتي من احتمال
ويعُدُّها شغفي صديقتي الحمّالة لأوجه كل انتماء
كُلَّما أوغلَ تصوُّفها عن الحب
أقسمتُ أني أُحِبُّها
في كُلِّ حديثٍ خاصٍّ إلى الله
بلُغةٍ تحفّت من الطواف
وكفٍّين تصدَّعتا من الأدعية
أقسمتُ به بيني وبينه
عدا ما تسرَّب سهوًا في جوف ليلٍ مًرهفِ السمع
يُحيطُني برعايته على خُلوةٍ
في بيداءَ شحيحةِ النصِّ
مقتِّرةِ المعنى
غيثُها تُقامُ له الصلوات
وتُسمّى به الأعوام
وتُقلَبُ نحوه القمصان
وتُحسر إليه الرؤوس
لكنّي سأعبر دهرها كأسلافي
بشقِّ تمرٍ
وجرابٍ من ماء وجهٍ بشوش
وجُبٍّ لاينزح من الصبر
وسرٍّ لا يُفرٍّط في التراب
___________________
* طوزه: قلعة ودّان التاريخية
* القومن: طبيعة خلابة بترهونة
ودّان. 16. كانون الأول 2020 م
مرَّ العام كما ترى
يُستَحَى من رثائه
دون حالٍ يُعزَى إلى خير
لكني سأعتلي "طوزَهْ"* خِلسةً
في آناءِ الغسق النديّ
لأقول لكَ فقط:
"كلُّ عامٍ وأنتَ وحدكَ الكافلُ للحبِّ
والوصيُّ على أتباعهِ وأيتامه"
مرَّ الصيف حارقًا كتنّينٍ عظيم
بلا بردٍ وسلام
في ثوبٍ موحِشٍ من هوام الدهر
مُتخمًا بالحروب والأوبئة
والظلام والقنوط
في غفلةٍ عن الملائكة
مرَّ النزوح الكبير من"القومن"* الخصيب
في مفازات القيظ العاصف وغِيلان العطش
نحو العراء والعوَز وأرصفة السائلة
في يومٍ (كبروفةٍ) من قيامة الحشر
مرَّ ضاجًّا بالجنائز والتوابيت والمبتورين والجرحى
مرَّ على ليبيا اليتيمة خاذلاً
لمواثيق عهوده
بما تشابه من خونة
على وضح اسمها السائغ الأحرف الشهيِّ الحُنُوث
نعيًّا بلفيفٍ من شموعها الميامين
مرَّ غريبًا شريدًا بلا وطنٍ ولا نشيدٍ ولاراية
ها هو يمضي بلا أملٍ أيضًا
إلى شتاءٍ يُنذِرُ بشراسة الصقيع والرياح والخيبات
وطوفان المفسدين وقطّاع الطرق الموحشة
مرَّ بفوّهات الإبادة في الأودية والشعاب القصيّة
على ما تبقى من كائناتٍ تناقصت في البراري الناعمة
ومرَّ على فسائلي الغضّة بلفحٍ من غُبارٍ سديم
ملوّحًا بالاجثتات
وأنا أيها الرب
أقفُ وحيدًا مُفلِسًا من القصيدة
وساقطًا عن دالية الكلام
بخيالٍ مناهِزٍ لنصفِ قرنٍ ونيَّف
وهو مايزال طفلاً في تصوُّر وجهكَ
الرؤوف بعبده البار في قلبي
كُلَّما همَّ بمقصده
فخذْ بقريحتي من جفافها
وامسِسني بعطاءٍ من الشعر
يُبلِّل ريق النار في كلماتي
بشررٍ من حبيبتي الوادعة النبوَّة
التي لا أملك إلّا بصيصًا من لمحها
دون ينابيعَ وشَعرٍ طويلٍ مُلهِمٍ ومُسفِرٍ عن رسولته
وانشُب طيفها البعيدَ في فضائي كاكتمال البدر على قِفار المساء
لأنفُذَ في نفق الضوء على مِقودٍ لصهوةٍ مسافرة
تسري بي في ليلةٍ ظلماءَ طاحت نجومها
أيقِظها طَرفةَ صحوٍ لِمَا أُكابده
في أرق الشوق إلى صوتها
كُلَّما غَفَتْ باكِرًا كأُمٍّ بسيطةٍ وطيّبة
يعُدُّني زُهدها فيما قد لا يأتي من احتمال
ويعُدُّها شغفي صديقتي الحمّالة لأوجه كل انتماء
كُلَّما أوغلَ تصوُّفها عن الحب
أقسمتُ أني أُحِبُّها
في كُلِّ حديثٍ خاصٍّ إلى الله
بلُغةٍ تحفّت من الطواف
وكفٍّين تصدَّعتا من الأدعية
أقسمتُ به بيني وبينه
عدا ما تسرَّب سهوًا في جوف ليلٍ مًرهفِ السمع
يُحيطُني برعايته على خُلوةٍ
في بيداءَ شحيحةِ النصِّ
مقتِّرةِ المعنى
غيثُها تُقامُ له الصلوات
وتُسمّى به الأعوام
وتُقلَبُ نحوه القمصان
وتُحسر إليه الرؤوس
لكنّي سأعبر دهرها كأسلافي
بشقِّ تمرٍ
وجرابٍ من ماء وجهٍ بشوش
وجُبٍّ لاينزح من الصبر
وسرٍّ لا يُفرٍّط في التراب
___________________
* طوزه: قلعة ودّان التاريخية
* القومن: طبيعة خلابة بترهونة
ودّان. 16. كانون الأول 2020 م