محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - لماذا انا؟..

لماذا انا ؟
هكذا صرخت
حين عُلقت في مجزرةِ المساء
معروضاً
لشتى الزبائن
للفصول التي تأتي ببدلها المُختلفة
بعضها ناعمة كمساءآت الحب
وبعضها شرسة كقطط في مزاج معكر
بعضها قلق مثل الغياب غير المبرر
وانا معلق في عارضة الجزارة
يتحسسني المشترون
كما يتحسس هواة جمع الدُمى البشرية في عصر ما
عضلات العبيد
وخصاهم
يتحسسونني
رجل منتفخ الحب والرغبات
له خصيتان
لم تتوقفا يوماً عن مُطارد النساء في مخيلة العطر
له فم فضولي
يتسلل وراء كل فم مرتعش
وراء كل ثديّ بالغ في الضحك
وراء كل ردف
عاند صاحبته في السير
مُعلق من مُخيلتي في مجزرة الوقت
معروضاً للاشياء حولي
للفصول
للتوابيت التي تطرق الابواب لتشتري الاعمار التالفة
للنجوم التي تتسلق شرايين العتمة وتذكرنا بقبلة خبأناها في حصالة النسيان
للطائرات الورقية التي انقطع خيطها و احتفت بحريها بالمضيّ قدماً
لعقارب الساعة التي تلدغ الرغبات منتصف الليل
لنصف انعكاسي في المرآة
لظلي الذي يظهر بذيل
لوجهي الذي ينظر لكل الاتجاهات سوى اتجاه الرب
معروضاً
كحذاء قديم ، تتفاوض حوله الارجل وتمضي غاضبة تشتم الغبار
كاكسسوارات فتيات رائجة
كجريمة شرف تشتريها صحف فاضحة
كمسنة تبيع ذاكرتها لكاتب فضولي
ككل الاشياء الرخيصة
مُعلق من ابجديتي ، جرحي لاسفل
ووجهي كما هو دائماً مهيء لالتقاط الاتجاهات من اصابع تستدل على الاماكن بعدد من دفنوا فيها
معلق على العارضة
اصرخ
يخرج الصدى غاضباً مثل الانتباه
يرتد نحوي
مثل الكلمات الجارحة
ابكي
فيشويني الملح اكثر
لاكون شهياً اكثر
واقرب لجيوب المشترين
اصرخ في وجه الوقت
في وجه حوافر انثى المطر
حين تسحبني إليها
حقلاً يخصبها بحار
اصرخ في وجه البحر ، فيلسوف الزرقة الصماء
تريث في شرائي
لا أملك زعانف حتى اشاركك الثمالة في العميق الغامض
تريث
يا أكل احلام السجناء بالمدن الزجاجية
والافخاذ النقية مثل كوب الولادات الجديدة
تريث
اصرخ في وجه
رصاصة
خرجت من فم الجندي
لتشتري حمالةً للموت ، فحمالتها القديمة تمزقت
في وجه طفل
انهكه الشتاء فضمها ظناً بأنها من سترد نهاره الدافئ
اصرخ في وجهها
لا جسد لي
حتى اصونك في ارتحالك بين صدر و راس اخر
حتى اصير ملاعقُ من الاسفنج
امتص العيون الخائفة ، لاطعمك حساء الموت عند الليل
حين يثرثر القتلى
حول الموت
حول الجنس
حول برودة التابوت
حين يثرثر القتلة ، ويشربون جماجم الاطفال
كأساً من خيانة
ومن حدادِ ساخر
اقول للماهية
اعطني جسداً خفياً لا يُرى
لا تعتصر شهواته ايدي الفصول
لا تلتقط انفاسه
اذن المساء الغبية
جسداً
خفياً كالضباب
كنزهة في شارع من الشوكلا
كقصيدة تهمس في اذن زهرة لكي تنال رحيقها
وكمقعد فارغُ للانتظار
لماذا انا
هكذا صرخت
حين عُلقت في مجزرة المساء
معروضا بثمن بخس للمشترين
وللفصول السائحة
وللمدن الهاربة من مزارع التبق
وللقردة التي جاءت لتشاهد سرك المدينة بلا تذاكر
حيث النخاسين
يعرضوننا
بثمن بخس
للمشتريين

# عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى