المكي الهمامي - كَأَنَّكَ زَرْقَاءُ قَرْطَاجَ..! (صَدًى لانْتِفاضَةِ جُوعٍ وقَمْعٍ)

أ مازِلْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ الخَلاصَ قَريبُ..
وتونسُ ليستْ لأبنائِها..!
إنِّها للعِصاباتِ تَحْكُمُها..!!
إنَّها للقُوَى الخارجيّةِ تَغْنَمُها
[جَولةً، جولةً،
في معاركَ غامضَةٍ لا تُرى]
إنَّها للغريبِ الّذي سرَق الحُلْمَ
مِنْ أَعْيُنِ الفقَراءْ..!!!

أ مازلتَ تُؤمِنُ..؟!
والكفرُ بالسَّاسةِ السَّاقطينَ
طَريقُ النَّجاةِ الأخيرَةُ،
شِرْعَتُنا في الزَّمانِ الدُّجَى..
[قُلْ، بِرَبِّكَ..؟!]
ما زلتَ، والقلْبُ محتَرِقٌ..
والحياةُ، على هذهِ أرضِ،
مِشنقَةٌ.. والوُعودُ تَناثرُ،
في الوقتِ، مَحْضَ هَباءْ..!؟!

ظَلامٌ،
ولا ضَوْءَ في آخرِ الدَّرْبِ..
[حَدِّقْ بعيدًا، كأنَّكَ زرقاءُ قرطاجَ]
لا نَجمةً في المدَى..
لا صُوًى نَهْتَدي بعلاماتِها،
إذْ نَسيرُ سدَى،
في الطَّريق الرَّدَى..
والضَّبابُ [تَأَمَّلْ..!] كثيفٌ،
مخيفٌ، هنا وهنالكَ..
لا شَيْءَ [أَجْزِمُ] إِلاَّ الفَناءْ..!

رَأَيْتُكَ، تَكتبُ في ورَقٍ
خَشِنٍ: "إنّ عَشْرًا
مِنَ السَّنَواتِ العِجافِ
تُطَوِّقُ أَعْناقَنا، مِثْلَ أَفْعَى".
وحَرَّكْتَ وُسْطَى الأَصابِعِ:
"هذا نَصيبُ الشُّعوبِ، وأَنْكى..!
وليسَ لنا،
بَعْدَ ما كانَ مِنْ وَهْمِنا،
وسِياساتِ حُكَّامِنا،
غَيْرُ هَذا العَراءْ..!"

ونَحْنُ نُحاولُ نَصْرًا؛
فَنُدْحَرَ، مُنكسرَيْنِ أَسًى،
قلتَ لي: "لا خيارَ..
طُقوسُ العبورِ الولادَةُ؛
فَلْنُضْرِمِ الْحُلْمَ
في شَجَرِ القادمِينَ، هَوًى..!"
وكَأَنَّكَ أَوْمَأْتَ لي بالبِدايَةِ:
"لا فجرَ إلاَّ الخروجُ..
ولا أفْقَ دونَ عروجٍ
إلى ضفَّةٍ لا عذاباتِ فيها،
إلى جَنَّةِ الارتواءْ.."

أضفتَ: "سَنَرْفَعُ خُسرانَنا،
خيبَةً مرَّةً، صَرخةً حرُّةً ضدَّهم..
وسَنَخْضَّرُ كالعُشْبِ
في كلِّ رابيةٍ، هَهَنا..
ونَقولُ لهُمْ، واحِدًا، واحِدَا:
نَحنُ أكبرُ من كيدِكم..
نحنُ نعناعُ هذي البلادِ، وصَعترُهَا
الْجبليُّ، ونوَّارُها المُشْتَهَى..
قُلْ: هُوَ الرَّفْضُ مِشْكاتُنا.. رفضُ
كلِّ المُرائِينَ من ساسَةٍ بَبَّغاءْ..
لا ضَميرَ لَهُمْ، كالبَغاءْ..!"

رَأَيْتُكَ مبتسِمًا
–صاحِبي–
مُؤْمِنًا بِيَدٍ ونَشِيد..
رَأَيْتُكَ تَرفعُها عاليًا،
قبضةً من حَديد..
ولَوَّحْتَ للعابرينَ إلى نصرِهمْ
صاعدِينَ، بكفِّكَ بيضاءَ
ناصِعَةً في الفَضاءْ..
كأنَّكَ [هل كنتُ أحلُمُ..؟]
تَرْفَعُ أبعدَ، سَقْفَ السَّماءْ..


* شعر/ المكّي الهمّامي *

(بنزرت- تونس/ 17- 01- 2021)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى