محمد علي عزب - أدبية الأدب لا علاقة لها بمقولة أن النقد أذواق

"النقد أذواق وما لا يعجبك قد يعجب غيرك" هذه المقولة تشبه تماما دَسّ السّمّ فى العسل,وكم من كتابات هزيلة تم تمريرها عبر تلك المقولة التى لا تتسم بالموضوعية, وتفتح الباب للدجل, هناك أساسيات لا يمكن الاختلاف عليها وأولها هو أن يكون العمل الأدبى متضمنا للحد الأدنى من المقومات التى تجعله عملا أدبيا, تلك المقومات التى أطلق عليها الشكلانيون الروس "أدبية الأدب" أى ما يجعل الأدب أدبا, فلا شعر بلا صورة شعرية ولغة تختلف عن اللغة العادية التوصيلية فى بنائها وتركيبها, ولا قصة بدون بنية سردية "رواى, بؤرة حدث, زمن سردى, تنامى درامى اٍلخ" يحّول الحكاية التى هى مجموعة أحدث متسلسلة "متن حكائى" اٍلى نص قصصى "مبنى حكائى", ووسم أى عمل كتابى بأنه شعر أو قصة ولا يتوافر فيه الحد الأدنى من مقومات الشعر أو القصة دجل وشعوذة لا علاقة له بالنقد من قريب أو من بعيد .
وليس معنى ما سبق أنه لا يوجد خلاف بين النقاد على جودة هذا النص أو ذاك فالخلاف لا يكون حول هل هذا النص أدب أم لا, بل الخلاف بين النقاد يكون له مسببات معروفة ومحددة قد تتفق أو تختلف معها, لكنها ليست مجرد مقولات انطباعية لا تحمل مبررا عند هذا الناقد أو ذاك وأهم تلك الخلافات تكون حول النقاط التالية
1 ـ التقليد والتجديد
كما يوجد أديب تقليدى يبدع عبر الأشكال التقليدية فهناك ناقد تقليدى, وكما أن هناك أديب مجدد هناك ناقد مجدد
2 ـ تفضيل شكل كتابى على شكل آخر
هناك ناقد يفضل قصيدة النثر مثلا على كل الأشكال الشعرية الأخرى, ويرى أنها الشكل الأمثل الذى لا يجاريه شكل آخر .
3 ـ رفض الناقد لتقنية أو أسلوب ما من أساليب بناء النص الأدبى
مثل عدم قبول هذا الناقد أو ذاك لكتابة الحوار فى القصة القصيرة أو الرواية بالعامية
4 ـ رفض النوع الأدبى
مثل رفض هذا الناقد أو ذاك لقصيدة النثر أو قصيدة العامية أو القصة القصيرة جدا
مبررات الاختلاف السابقة التى تخص هذا الناقد أو ذاك تخضع لخيارات وانحيازات جمالية منها ما هو جذرى وشديد الحدة, ومن حق الناقد أن ينحاز لما شاء من خيارات جمالية, وعند مناقشة الناقد فى هذه الخيارات فاٍن تلك المناقشة لا تكون عائمة عشوائية بل تقوم على الجدل وعرض الأسباب وتقديم البراهين, وبما أن هذا الناقد أو ذاك لا يتعاطى قصيدة التفعيلة مثلا فاٍنه لا يجوز له أن يقيّم ديوانا تفعيليا فى مسابقة أو فى لجنة قراءة لنشر الأعمال ويعرض العمل موضوع التقييم على ناقد آخر, والجدير بالاٍشارة هو أن الغالبية العظمى من النقاد يقرأون كل عمل وفقا لمدرسته الفنية وجماليته الخاصة به, والقليل منهم مَن يرفض عملا أدبيا بسبب نوعه أو شكله الفنى , أخيرا أؤكد أن الاختلاف يكون حول القيمة الجمالية للنص ومدى جدته وتفرده وليس حول كونه أدبا من عدمه .. استقيموا يرحمكم الله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى