صباح بن حسونة

مقدمة: لا يمكننا أن ننكر ما تشهده الرواية الحديثة من تلاقح بين الأجناس الأدبية المختلفة و كسر للحدود بينها فكتبت الرواية بلغة شعرية و صار الشعر نصا مليئا بالسرد ، و هذا ما أعطى أشكالا ابداعية جديدة لا تؤمن بالحدود. و تعنى الشعرية بقواعد الابداع الأدبي و الفني و الجمالي و البحث في مكوناته...
ذات ليل.. تمدد فيّ الوقت حتى صرت بحجم القيامة.. عبرت الصّراط أتوكّأ على حروفي حينا و أهشّ بها على أحلامي في كل حين.. كان وجهي خاشعا و قلبي مطفأة للقمر .. حصى مبعثر هنا وطريق شاحب يتلو رفات التاريخ يأبّن السنين و العُمر . مربك هذا الطريق الفراشات تحسر أجنحتها للريح تخلع جرحها النازف سرّا...
(اهداء : الى مراد الزغيدي / لا تبالي فسيأتي الصباح ) الساّعات الأولى من الليل يقول أحمد: "غيم المساء يظلّل عمرا رافق الحلم نصفه و نصفه الثاني أيقظته العتمة .. مسح الورد دموعه انكفأ على خيباته يهدهدها لتنام عندما هرّبت الشمس خيوطها و توارت في المنعطف الأخير.. انهالت أكفّ الصّمت على وجه...
رواية أحلام أخرى ممكنة للكاتبة صباح بن حسونة متفرّدة،و تفرّدها يتجلّى في بنيتها الروائيّة المتميّزة و في قدرة الكاتبة على التحكّم في زمن القصّ غير الخطّي لتفسح حيّزا أوسع لاستحضار الذكريات الذي وظّفته في نواح عديدة و كذلك في اقتدارها على إغناء السرد بالوصف الذي يرتقي إلى اللغة الشعريّة...
أيّها الرّابض في معاريجِ روحي أرسل قُبلتَك للقمر لتؤجّجَ لهفتي .. اترك لي ذراعيكَ لنمارس طقسَ العناق... دع يديك تخاصراني ترسمان موعدا للسفرِ عند اكتمال البدر ِ في واحات العشق و المواني .. بين انفراجات أصابعك يتسلّل الضوء ُو يكتبنا جسدين في عيون القصيدة حلماً لا يخونه...
إلَهي إليكَ تقودُ الثّنايَا و أنتَ طريقِي بكلِّ مَضيقٍ و إنْ غِبتُ عنكَ فأنتَ مَدايَا و أنت الحبيبُ و أنت الرّفيقُ و أنت الملاذُ لكلِّ غريقٍ. بسطتُ إليك أكفَّ يدِي و أيقظتُ رُوحي ترُومُ نِداكَ و أنت النّصيرُ و أنت المُغيثُ و في كل أمرٍ أريدُ رضاكَ فكُنْ لي ،إلهي، جنانَ أمانٍ و هبْ لي...
مطر هذا الصّباح حَبابٌ يُعابِثُ نَافِذتِي يَستيْقظُ قَلبِي نديًّا يَعزفُ لحنَ السَّماءِ .. مِن خَلفِ النَّافِذةِ تَرقصُ زيتونةٌ نشْوانةٌ تهلّلُ للخصبِ و الرَّواءِ يَحضنُها الشِّتاءُ يُزيحُ عنها بؤسَ الهجرِ يُبلّلُ أعمَاقَهَا .. ألتصقُ بالنّافذةِ.. يَا ليتَنـي فَراشةٌ أراقصُ...
[/B] عَلى مَشارِفِ قلبِي تَهَاوَت كلُّ الأغنياتِ عدا مَعزّوفةٍ لِنَايٍ عَنِيدْ يَشهَقُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِندَ سُفُوحِ قَصَائِدِي مَا يَزَالُ يَرقُبُ الدّفقَ فِيهَا والوَمَضاتِ يُغْدِقُ عَلَيْهَا بالطَّلِّ و العُشْبِ وَيَفْتَحُ شَبَابِيكَ الشِّعِرِ للشّمسِ وَلِلْفَرَاشَاتِ.. يُنْسِيهَا...
هنَا أنتَ و هناك أنَا و بيننَا ألفُ قصيدةٍ و مليونُ أغنية.. لا شيء قابلٌ للقسمةِ لا الوجعُ و لا اغترابُ الشوقِ في العُيون الذّاوية.. ما بالك تُحصي علي المدامعَ و أنّاتِ الليلِ في قصائدي و أنا الغريبةُ في ديار الحزنِ قلبي سرابٌ جسدي تدكّه أحجارُ الصَّمتِ و لا كفوفَ و لا أصابعَ...
-[/B] أين زوجك؟ - و هل يمكن أن يكون لها زوج ! تبدو طفلة. قالت الممرّضة وهي تجرّ سرير المريضة لتدخلها إلى غرفة العمليّات: -ساقطة أخرى! ما أكثركنّ و ها قد ابتدأت مبكرا. - لا يمكن أن تلد بشكل طبيعي، قال الطّبيب، رحمها ما يزال صغيرا و الجنين في وضع "الفارس". -أين أمّك لم أنت بدون مرافقة ؟...
صباحُ المطرِ حفيفًا خفيفًا كهذا الضّياءِ كابتسامةِ قلبٍ حزينٍ كضحكةِ طفلٍ كدمع تمرّدَ كقصائدِ حُبٍّ قديمٍ كنوّارِ لوزٍ كخدٍّ تورّدَ.. كخلخالِ أمِّي يعزفُ في الرُّوحِ أجمل الأغنياتِ كرائحةِ قهوتِها في المساءاتِ كحضنٍ من الياسمينِ كرائحةِ كفِّ أبِـي كقُبلةِ شوقٍ كبَوح المساءِ لشمسٍ...
لِمَ هذا الضَّجَر ما بالُ هذِي النّافِذةِ تُشوِّهُ الصُّوَر و ذاك البدرُ غافيًا و هذا الرِّيحُ غاضبًا يُبعثِر التُّرابَ في المَمَر ! طريقٌ مكفهرٌّ أسْفلتُه مُتَـرَّبٌ طيورُه نُزُر تَرَى النَّخْلَ قمِيئًا و الأزهارَ تَفرّ سأُغلقُ النَّافذةَ و أُغفِلُ النَّظَر .. **** صحوتُ بعدَ غفوةٍ...
أنا مريمُ أجلسُ في مواسم الخسوفِ إلى جذع النخلةِ .. أسقيها بالصبرِ و أنتظرُ أن أحبِلَ بالمعاني ************** أنا مريمُ أُقيم في فيف الرمضاء نجمةً في سماء غائمةٍ سحابةً بعثرتها الريحُ لا بابَ أكسِرُه كي أخرجَ و لا نافذةَ أطلّ منها على العابرينَ.. ساقاي تنغرسان في الأرض...
و أنت أيّها الوجع المغلّفُ بالوجل تحاصرني كقاطرة أدمنت رحلاتها الليلية تزدحم بالعتمة و بضوضاء النائمين يراودون الأحلام و يستسقون الوصول.. ..أيها الوجع المغلفُ بالصبر و حكايات المطر تمهل قليلا.. قليلا فما يزال للأمنيات محطات أخَر و للانتظارات أرصفة من سحاب.. أيها الوجع لا تكلني اليك...
في غزة يُغتال الفراشُ يقتله الذعر قبل الشظايا يكسو الرمادُ ألوانَه يسربلها السوادُ فهي أشلاء .. ألا تراهم يا الله ؟ حلمةً في فم رضيع شارة نصر صغيرة تطاولُ السماء تقطر دما و طينا أجنحة كاسفة مبعثرة بلا سَواٍر كليل حالك فجره بعيد و صبحه وئيد .. ألا تسمع أنينهم يا الله؟...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى