"لا أحد يمكنه أن يستجيب لكل الأشكال؛ فنحن نقدم على اختيار الشكل الذي يسعف ميولاتنا، وهنا نتبنى حسه الملائم الذي يمهد لنا الطريق عبر التصورات".
(هـ.ن)
حالما يفيق السيد جون مايجر من نومه، يكون لزاما عليه أن ينتر رأسه من الوضع القائم طيلة الليلة؛ الوضع الذي يتطلب جهدا كبيرا، وهذا لا يتأتى له إلا إذا كان في مكتبه من أجل الصيغة التي يتبناها في فراشه الاحتياطي؛ مثل حلزون يدفع برأسه ليعانق النور الأول. مع العلم أنه يمقت هذا التشبيه، مفضّلا كنية السلحفاة، بداعي أنه يكره اللزوجة، فيجمع أنفه في كرمشة التقزز المسبق، معلنا بيديه كذلك، في حركة تنم عن القرف الناشئ من لبس الوضع الجنسي الخنثي للحلزون. لكنْ لماذا يستدعي الأمر أن ينتر رأسه في حركة كأنه يفصل فيها رأسه؟ هل يحتاج إلى كل هذا الجهد لاستقبال يومه حين يفضل النوم في مكتبه؟
كان علينا، منذ البداية، أن ننوه بطبيعة السيد جون مايجر. يبدو أن كلمة "طبيعة" هنا غير خاضعة للوصف الدقيق للمخزون البيولوجي، الذي يتحول إلى حركات عفوية مسلطة، كأن يتفوه باستمرار، مادا ذراعيه لطرد الكسل. الأمر يحتاج إلى إدراج طبيعة السيد جون التي فصّلها على قد حياته، كافرا بكل النظريات التي تُعرّج بالإنسان إلى طفاوة التطورات والنشوءات المحفوفة بالاعتزازات العلمية التي تهتم بالداخل على نحو كبير وتهمل الشكل الكبير، الخالق. إذن، فالسيد جون كان يتوق إلى كلمة "الحرية" المدعاة، المفصولة عن المواضعات الجاهزة لحزب المحافظين مثلا، بالرغم من أنه يتظاهر بالدفاع عن مقومات الحزب حد الموت. وهنا يكفي أن نقول إنه كان يتلون مع قدره الإيديولوجي ببراعة جذابة، حالما يعبر بيديه في شكل دائري، معلنا عودة بريطانيا إلى مجدها السالف. قد كان يميز في تصوراته بين طبيعة الشخصية الأساسية والوظيفية، فينغمر في وضع خاص حين يجنح إلى شخصيته الأساسية، منطويا داخل إطار عبوديته الذاتية التي اختارها بنفسه، منسجما مع انفعالاته وتفاعلاته. إن الحرية الأسمى تقود إلى عبودية خاصة، تصنع الشكل المدرج بالقصد الداني من الحركة المنتجة للفعل، وهذا يتطلب دورة دينامية تضمّنها الطاقة، التي تُحفّز التصور الذهني على الاستيعاب الكامل، بعيدا -كما أسلفنا- عن هموم وأسئلة مجلس العموم أو فك شفرة تعقيدات الجيش الجمهوري الإيرلندي أو النبش في "ملف لوكربي". فعلى مستوى التطبيق كان هذا الشكل يفرز ساعة النوم بمنسوب كاف وبنسبة أقلّ على دعامة سجاد المكتب، في تمرينات أولية تسعف الجسد حتى ينسجم مع التطلعات؛ تبلوره عزلة المكتب غير الكاشفة، التي تخول له الحرص على تطبيقاته النظرية بتعداد المحاولات، حتى يضمن الشكل المرغوب فيه. إن الشكل في تصور السيد جون ولادة الغاية، لهذا فهو يعتبر أن كل شيء مرده إلى الشكل الأول الذي أوجد هذا الكون. إذن فالعالم تشكل في بداياته من الدائرة الأولى التي أبدعته من خلال الوضع الدالّ على الصفات الوجودية كلها. ويعزز ذلك بدائرة الحمل، التي تنتج دوائر أخرى كدورة الحياة أو الدورة الدموية أو الدورة التشريعية أو دورة الدائرة الانتخابية "هونتينغتون" التي تضمن حركية الدائرة حتماً. وهنا يمكن أن نُدرج عدة دوائر يتبناها في الحيز الذهني الذي يستخدمه دماغه لتشمل كل مناحي الحياة. يتأفف حين يدرك أن العالم ظلّ جاحدا، مبلورا كل الأشكال التي تقبل التمدد والتمطط، مشيرا، عبر الأسهم والمسافات، إلى الأمام، عوض اختيار الشكل الدائري المقنع. مثلا، فالإنسان البريطاني لم يدرك، حتى الآن، أن كل بريطانيا تحيل على ذلك؛ هذه الدائرة التي نبعت وسط البحر، التي تعدّ انعكاسا للقمر في تكامله هي من أنتجت الرؤية اليسرى الخاصة، لهذا تبدو الشمس غيورة حد المنتهى، راغبة في معاقبة هذه الدائرة بلفها بالضباب في أغلب الأوقات. فقد كانت عيناه الضيقتان تلمعان بشكل تحفّ دوائر الاستعداد القبلي للفرح، تتناسل من رحم بعضها بعض حالما يرغب في قضاء الليل في مكتبه، حيث يضمن له ذلك تجنّب ملاحقات السيدة نورما، ويكثر من الحركات المرتابة للتخلص منها على نحو أسرع، كجمع الملفات في ارتباك حتى تتيقن أن الوقت لا يسمح بالحديث حول المواضيع الجانبية، أو التذكير بالعشاء في بيت اللورد سميث، وحتى لا يتم كذلك تفويت الفرصة لمشاهدة مسرحية "قصة مدنيتين" في مسرح "ريجنت بارك".
كانت الهمهمات كافية لأن تتيقن السيدة نورما، من جديد، من أنها منبّهات دعوة التصرف كما ترغب فيه، لكن ذهنه كان يلف ويفرز إجابة النكاية، بأن موعده الحقيقي مع الدائرة في فراش المكتب أو على السجادة، حين يجعل بطنه المركز، رافعا رأسه ورجليه بغية إقفال الدائرة، هذا إن كان يرغب في أن يجرب دورانها، أمّا إذا كان يرغب في النوم فالمركز يكون، تلقائيا، على جانبه الأيسر، مُكبّا ببطء على تقريب رأسه، ورجليه معا؛ ويسميها هنا "الدائرة المرتاحة"، حين تصبو إلى إنهاء الخلق وتنطوي على نفسها كما يليق بها، لهذا فهي غير خاضعة للحسّ الرياضي المتشبث بالمسافة بين المركز والمحيط أو القطر أو الشعاع؛ ما جعله يمقت إلى حد كبير سمير أمين، الذي وجّه العالم إلى نظرية اقتصادية يعتبرها غير عادلة، ما دام يركز على داخل الشكل ودورانه الداخلي في الاهتمام بالمركز حد المحيط الداخلي، عوض الشكل الخارجي الكامل، فيشبه دائرته بدائرة الشيطان، التي تمردت عن الدائرة الخالقة، وهي كفيلة بأن تُغوي بعض الدوائر الأخرى، مكسرة حالة التبجيل، لتنشأ عدوات، أحيانا، بين الوجود في حد ذاته؛ ما يشكّل بعض الحروب بين الدوائر، ويؤدي إلى انفصالات قائمة بذاتها أو يستدعي الفعل الدائري الذي يفوق القوة المعمول بها. وهنا ينشأ غضب طبيعة الدائرة الأولى، فتعصف العواصف والأمطار الطوفانية والزلازل وبعض الظواهر الطبيعية بشكل دائري، تتلقف خريف الدوائر التي حان موعد اندثارها. وهنا تحدث النهايات التي نسميها "الموت".
كان علينا أن ننتبه، كذلك، إلى أن الدوائر تصاحب السيد جون مايجر في كل مكان، وأنه يتعامل معها بذهنه، موجها طريقها وطبيعة مرواغاتها، حتى لا تقع الاصطدامات غير محمودة العواقب وتُطرح الأسئلة العالقة: أليست الدائرة الأولى الخالقة كفيلة بأن تجنّب الدوائر مصيرها؟ وسيفتح باب الشك حول القدرة من عدمها، وتتفرع إلى أسئلة لاهوتية، ملفوفة في بُعدها الأنطولوجي والميتافيزيقي. لهذا كان كلما خرج إلى الشارع، يرى كل الأشياء عبر متواليات دائرية؛ كل دائرة تشكل رغبتها في الانفصال، لكنها مدفوعة بنيّة الفعل المشترك، وفق قوة أقوى منها. وهنا تنسجم الرؤية مع الإجابة المسعفة بأن الدائرة الأولى مكتملة على ذاتها بوجوب الصفات الوجودية كلها؛ من القدرة إلى الابداع إلى التوجيه والتحكم في المصائر، الآنية والبعيدة. وقد نحيد أحيانا عن دوائر السيد جون مايجر، التي تدور على الدعامة، ونعرج معه على الرؤية الدائرية حين يرفع رأسه بشكل دائري صوب السماء، بغية أن يصادف طائرا أو طائرة، فيدرجها ضمن الدوائر السفيرات للدائرة الخالقة التي تدعم عضد التواصلات، كأنها ملائكة سائحة تلقي إشارات السلام، وهذا يتأتى تبعا للصوت، خاصة هدير الطائرة الدائرة المسالمة. أما إذا اشتد الهدير فإن الدوائر التي تمثل الخبث المنطوي على الدوائر الشيطانة، تملأ الكون حروبا مدمّرة؛ فيشيع القتل والفساد والأوبئة.. لكنْ، لماذا لا تتدخل الدائرة الخالقة للحد من هذه المؤامرات؟!
كان السيد جون مايجر قد نتر رأسه من الدائرة التي تحدد الشكل الخارجي، وانساق وراء مساءلة الدائرة الخالقة، التي لم تترك له مجالا للتعبير عن قلقه الاستفزازي، فابتلعته هذه المرة حتى يهتمّ بالشكل الداخلي..
هشام ناجح
" منشورة في الملحق الثقافي لجريدة العلم..
(هـ.ن)
حالما يفيق السيد جون مايجر من نومه، يكون لزاما عليه أن ينتر رأسه من الوضع القائم طيلة الليلة؛ الوضع الذي يتطلب جهدا كبيرا، وهذا لا يتأتى له إلا إذا كان في مكتبه من أجل الصيغة التي يتبناها في فراشه الاحتياطي؛ مثل حلزون يدفع برأسه ليعانق النور الأول. مع العلم أنه يمقت هذا التشبيه، مفضّلا كنية السلحفاة، بداعي أنه يكره اللزوجة، فيجمع أنفه في كرمشة التقزز المسبق، معلنا بيديه كذلك، في حركة تنم عن القرف الناشئ من لبس الوضع الجنسي الخنثي للحلزون. لكنْ لماذا يستدعي الأمر أن ينتر رأسه في حركة كأنه يفصل فيها رأسه؟ هل يحتاج إلى كل هذا الجهد لاستقبال يومه حين يفضل النوم في مكتبه؟
كان علينا، منذ البداية، أن ننوه بطبيعة السيد جون مايجر. يبدو أن كلمة "طبيعة" هنا غير خاضعة للوصف الدقيق للمخزون البيولوجي، الذي يتحول إلى حركات عفوية مسلطة، كأن يتفوه باستمرار، مادا ذراعيه لطرد الكسل. الأمر يحتاج إلى إدراج طبيعة السيد جون التي فصّلها على قد حياته، كافرا بكل النظريات التي تُعرّج بالإنسان إلى طفاوة التطورات والنشوءات المحفوفة بالاعتزازات العلمية التي تهتم بالداخل على نحو كبير وتهمل الشكل الكبير، الخالق. إذن، فالسيد جون كان يتوق إلى كلمة "الحرية" المدعاة، المفصولة عن المواضعات الجاهزة لحزب المحافظين مثلا، بالرغم من أنه يتظاهر بالدفاع عن مقومات الحزب حد الموت. وهنا يكفي أن نقول إنه كان يتلون مع قدره الإيديولوجي ببراعة جذابة، حالما يعبر بيديه في شكل دائري، معلنا عودة بريطانيا إلى مجدها السالف. قد كان يميز في تصوراته بين طبيعة الشخصية الأساسية والوظيفية، فينغمر في وضع خاص حين يجنح إلى شخصيته الأساسية، منطويا داخل إطار عبوديته الذاتية التي اختارها بنفسه، منسجما مع انفعالاته وتفاعلاته. إن الحرية الأسمى تقود إلى عبودية خاصة، تصنع الشكل المدرج بالقصد الداني من الحركة المنتجة للفعل، وهذا يتطلب دورة دينامية تضمّنها الطاقة، التي تُحفّز التصور الذهني على الاستيعاب الكامل، بعيدا -كما أسلفنا- عن هموم وأسئلة مجلس العموم أو فك شفرة تعقيدات الجيش الجمهوري الإيرلندي أو النبش في "ملف لوكربي". فعلى مستوى التطبيق كان هذا الشكل يفرز ساعة النوم بمنسوب كاف وبنسبة أقلّ على دعامة سجاد المكتب، في تمرينات أولية تسعف الجسد حتى ينسجم مع التطلعات؛ تبلوره عزلة المكتب غير الكاشفة، التي تخول له الحرص على تطبيقاته النظرية بتعداد المحاولات، حتى يضمن الشكل المرغوب فيه. إن الشكل في تصور السيد جون ولادة الغاية، لهذا فهو يعتبر أن كل شيء مرده إلى الشكل الأول الذي أوجد هذا الكون. إذن فالعالم تشكل في بداياته من الدائرة الأولى التي أبدعته من خلال الوضع الدالّ على الصفات الوجودية كلها. ويعزز ذلك بدائرة الحمل، التي تنتج دوائر أخرى كدورة الحياة أو الدورة الدموية أو الدورة التشريعية أو دورة الدائرة الانتخابية "هونتينغتون" التي تضمن حركية الدائرة حتماً. وهنا يمكن أن نُدرج عدة دوائر يتبناها في الحيز الذهني الذي يستخدمه دماغه لتشمل كل مناحي الحياة. يتأفف حين يدرك أن العالم ظلّ جاحدا، مبلورا كل الأشكال التي تقبل التمدد والتمطط، مشيرا، عبر الأسهم والمسافات، إلى الأمام، عوض اختيار الشكل الدائري المقنع. مثلا، فالإنسان البريطاني لم يدرك، حتى الآن، أن كل بريطانيا تحيل على ذلك؛ هذه الدائرة التي نبعت وسط البحر، التي تعدّ انعكاسا للقمر في تكامله هي من أنتجت الرؤية اليسرى الخاصة، لهذا تبدو الشمس غيورة حد المنتهى، راغبة في معاقبة هذه الدائرة بلفها بالضباب في أغلب الأوقات. فقد كانت عيناه الضيقتان تلمعان بشكل تحفّ دوائر الاستعداد القبلي للفرح، تتناسل من رحم بعضها بعض حالما يرغب في قضاء الليل في مكتبه، حيث يضمن له ذلك تجنّب ملاحقات السيدة نورما، ويكثر من الحركات المرتابة للتخلص منها على نحو أسرع، كجمع الملفات في ارتباك حتى تتيقن أن الوقت لا يسمح بالحديث حول المواضيع الجانبية، أو التذكير بالعشاء في بيت اللورد سميث، وحتى لا يتم كذلك تفويت الفرصة لمشاهدة مسرحية "قصة مدنيتين" في مسرح "ريجنت بارك".
كانت الهمهمات كافية لأن تتيقن السيدة نورما، من جديد، من أنها منبّهات دعوة التصرف كما ترغب فيه، لكن ذهنه كان يلف ويفرز إجابة النكاية، بأن موعده الحقيقي مع الدائرة في فراش المكتب أو على السجادة، حين يجعل بطنه المركز، رافعا رأسه ورجليه بغية إقفال الدائرة، هذا إن كان يرغب في أن يجرب دورانها، أمّا إذا كان يرغب في النوم فالمركز يكون، تلقائيا، على جانبه الأيسر، مُكبّا ببطء على تقريب رأسه، ورجليه معا؛ ويسميها هنا "الدائرة المرتاحة"، حين تصبو إلى إنهاء الخلق وتنطوي على نفسها كما يليق بها، لهذا فهي غير خاضعة للحسّ الرياضي المتشبث بالمسافة بين المركز والمحيط أو القطر أو الشعاع؛ ما جعله يمقت إلى حد كبير سمير أمين، الذي وجّه العالم إلى نظرية اقتصادية يعتبرها غير عادلة، ما دام يركز على داخل الشكل ودورانه الداخلي في الاهتمام بالمركز حد المحيط الداخلي، عوض الشكل الخارجي الكامل، فيشبه دائرته بدائرة الشيطان، التي تمردت عن الدائرة الخالقة، وهي كفيلة بأن تُغوي بعض الدوائر الأخرى، مكسرة حالة التبجيل، لتنشأ عدوات، أحيانا، بين الوجود في حد ذاته؛ ما يشكّل بعض الحروب بين الدوائر، ويؤدي إلى انفصالات قائمة بذاتها أو يستدعي الفعل الدائري الذي يفوق القوة المعمول بها. وهنا ينشأ غضب طبيعة الدائرة الأولى، فتعصف العواصف والأمطار الطوفانية والزلازل وبعض الظواهر الطبيعية بشكل دائري، تتلقف خريف الدوائر التي حان موعد اندثارها. وهنا تحدث النهايات التي نسميها "الموت".
كان علينا أن ننتبه، كذلك، إلى أن الدوائر تصاحب السيد جون مايجر في كل مكان، وأنه يتعامل معها بذهنه، موجها طريقها وطبيعة مرواغاتها، حتى لا تقع الاصطدامات غير محمودة العواقب وتُطرح الأسئلة العالقة: أليست الدائرة الأولى الخالقة كفيلة بأن تجنّب الدوائر مصيرها؟ وسيفتح باب الشك حول القدرة من عدمها، وتتفرع إلى أسئلة لاهوتية، ملفوفة في بُعدها الأنطولوجي والميتافيزيقي. لهذا كان كلما خرج إلى الشارع، يرى كل الأشياء عبر متواليات دائرية؛ كل دائرة تشكل رغبتها في الانفصال، لكنها مدفوعة بنيّة الفعل المشترك، وفق قوة أقوى منها. وهنا تنسجم الرؤية مع الإجابة المسعفة بأن الدائرة الأولى مكتملة على ذاتها بوجوب الصفات الوجودية كلها؛ من القدرة إلى الابداع إلى التوجيه والتحكم في المصائر، الآنية والبعيدة. وقد نحيد أحيانا عن دوائر السيد جون مايجر، التي تدور على الدعامة، ونعرج معه على الرؤية الدائرية حين يرفع رأسه بشكل دائري صوب السماء، بغية أن يصادف طائرا أو طائرة، فيدرجها ضمن الدوائر السفيرات للدائرة الخالقة التي تدعم عضد التواصلات، كأنها ملائكة سائحة تلقي إشارات السلام، وهذا يتأتى تبعا للصوت، خاصة هدير الطائرة الدائرة المسالمة. أما إذا اشتد الهدير فإن الدوائر التي تمثل الخبث المنطوي على الدوائر الشيطانة، تملأ الكون حروبا مدمّرة؛ فيشيع القتل والفساد والأوبئة.. لكنْ، لماذا لا تتدخل الدائرة الخالقة للحد من هذه المؤامرات؟!
كان السيد جون مايجر قد نتر رأسه من الدائرة التي تحدد الشكل الخارجي، وانساق وراء مساءلة الدائرة الخالقة، التي لم تترك له مجالا للتعبير عن قلقه الاستفزازي، فابتلعته هذه المرة حتى يهتمّ بالشكل الداخلي..
هشام ناجح
" منشورة في الملحق الثقافي لجريدة العلم..
