قَريبًا مِنْ أَسْوارِ القَصْبَةِ
[قَصْبَةَ بِنْزَرْتَ، عَنَيْتُ..]
نَسيرُ، مَعًا، في خِفِّةِ قافِيَةٍ..
نَقْفِزُ أَحْيانًا؛
ونَنِطُّ بِلُطْفٍ،
في رَفَّةِ عُصْفورٍ مَسْحورٍ،
يَشْرَعُ في الطَّيَرانْ..
نَمْشي مُنْسَجِمَيْنِ،
[أَبًا وحَبِيبَتَهُ الصُّغْرَى]
الزَّوْرَقُ يَرْقُصُ في حَضْرَتِنا..
يَتَمايَلُ.. والأَنْوارُ تُشَعْشِعُ
في كَأْسِ الآفَاقِ.. يَحُطُّ النَّوْرَسُ،
خَطْفًا، فَوْقَ زُجاجِ الماءِ.. ويَرْقَى،
مُنْذَهِلاً، أَبْعَدَ، في الأَجْواءِ..!
وهَذا الأَزْرَقُ
[مُنْدَفِعُ الرَّغَباتِ،
طُفولِيُّ الهَمساتِ..]
يُرافِقُنا، طَرِبًا، وَلْهانْ..!
نَخْطو فَرِحَيْنِ..
أُلاَعِبُ خُصْلَتَها الأَبْهَى؛
فَتَقُولُ: "أَبي،
أَحْتاجُ صَباحَكَ، أَكْثَرَ..!".
تَرْفَعُني ضِحْكَتُها أَعْلَى..
وكَأَنَّ يَدًا خَضْراءَ تُلَوِّحُ لِي
ولَها: أَنَّ القادِمَ أَحْلَى
[يا عُمْري الضَّائِعَ..!]
مِنْ طَعْمِ الشُّكولاَ..
أنَّ بِلادًا أَدْفَأَ مِنْ كُلِّ البُلْدانْ..
أَرْوَعَ مِنْ قَوْسِ الأَلْوانْ..
تُشْرِقُ، رَغْمَ العَتْمَةِ، حَتْمًا،
مِنْ عُمْقِ قَرَارِ الوِجْدانْ..
قُلْتُ: قَريبًا
مِنْ أَسْوارِ القَصْبَةِ، صامِدَةً
ومُكابِرَةً، أَتَنَفَّسُ رائِحَةَ المِلْحِ،
بِأَقْصى ما في ذاكِرَتي مِنْ أوْشامٍ وخُدوشٍ وعَذاباتٍ وجِراحٍ وحِكاياتٍ..!
أَتَشَرَّبُ هَذِي الرِّيحَ الأَشْهَى..
أَتَذَكَّرُ وَجْهَ أَبي، حَذْوَ القَلْعَةِ
[لا تَعْرِفُ أَنْ تَهْرَمَ، أَبَدا]
كانَ أَبي يَمْنَحُني الأَسْمَى..
كانَ يُكَثِّفُ هَذا العالَمَ
في كَلِماتٍ.. ويُطَيِّرُها،
مِثْلَ فَراشاتِ البُسْتانْ..!
وقَريبًا مِنْ قَلْبي
[جِهَةَ الماضي الحاضِرِ
في كُلِّ تَفاصيلِ وُجُودي]
حَيْثُ الأَسْماءُ مُطَرَّزَةً
فَوْقَ حِجارِ البَدْءِ، وحَيْثُ الغَيْمَةُ
في مُتَناوَلِ عاشِقِها الظَّمْآنِ، نَمُرُّ
مُرُورَ السِّرِّ [أَنا والسَّمَكَةْ]
نَقْطَعُ خَيْطًا، خَيْطَا،
كُلَّ فِخاخِ الشَّبَكَةْ..
ونَخِفُّ.. نَشِفُّ؛ فلاَ يُبْصِرُنا
إِلاَّ رَاءٍ أَوْ مَجْنونٌ أَوْ فَنَّانْ..!
قُلْتُ: قَريبًا مِنْ أَسْوارِ الرُّوحِ،
عَلَى بُعْدِ خُطًى كَسْلَى
مِنْ مَرْسَى "هِيبُوأَكْرَا"،
نَمْشي مَلِكًا يَحْضُنُ مَلِكَةْ..
تَغْمُرُنا الشَّمْسُ بِفِضَّةِ دَهْشَتِها..
تَتَرَدَّدُ، في الفَمِ، أُغْنِيَةٌ
مِنْ إِيقاعِ الخَفَقانِ.. وأَضْحَكُ
[مِنْ فَرْطِ الشَّوْقِ الأَبَوِيِّ..]
و أَبْكِي
[يَحْدُثُ..!]
حَدَّ الهَذَيانْ..
يا قُدْسَ الخَيْبَةِ والخُسْرانِ،
ويا قُدْسَ النَّصْرِ الآتي..
يا أَجْمَلَ بِنْتٍ في الأَكْوانِ،
ومِشْكاةَ حَياتي..
اَللَّحْظَةُ، هَذي اللَّحْظَةُ،
حَفْنَةُ أَضْواءٍ تَتَلَأْلَأُ
في كَفَّيْكِ المُورِقَتَيْنِ هَوًى..
والمَوْتُ، الآنَ، يُراقِبُنا
أَخْرَسَ،
مَجْدُوعَ الأَنْفِ،
ومَقْلُوعَ الأَسْنانْ..
(شعر// المكّي الهمّامي)
(بنزرت- تونس// 2021)
(إضاءة: "هِيبُوأَكْرَا" الاسم الفينيقيّ لمدينة بنزرت التّونسيّة. وقدس ابنة الشّاعر الصّغرى)
[قَصْبَةَ بِنْزَرْتَ، عَنَيْتُ..]
نَسيرُ، مَعًا، في خِفِّةِ قافِيَةٍ..
نَقْفِزُ أَحْيانًا؛
ونَنِطُّ بِلُطْفٍ،
في رَفَّةِ عُصْفورٍ مَسْحورٍ،
يَشْرَعُ في الطَّيَرانْ..
نَمْشي مُنْسَجِمَيْنِ،
[أَبًا وحَبِيبَتَهُ الصُّغْرَى]
الزَّوْرَقُ يَرْقُصُ في حَضْرَتِنا..
يَتَمايَلُ.. والأَنْوارُ تُشَعْشِعُ
في كَأْسِ الآفَاقِ.. يَحُطُّ النَّوْرَسُ،
خَطْفًا، فَوْقَ زُجاجِ الماءِ.. ويَرْقَى،
مُنْذَهِلاً، أَبْعَدَ، في الأَجْواءِ..!
وهَذا الأَزْرَقُ
[مُنْدَفِعُ الرَّغَباتِ،
طُفولِيُّ الهَمساتِ..]
يُرافِقُنا، طَرِبًا، وَلْهانْ..!
نَخْطو فَرِحَيْنِ..
أُلاَعِبُ خُصْلَتَها الأَبْهَى؛
فَتَقُولُ: "أَبي،
أَحْتاجُ صَباحَكَ، أَكْثَرَ..!".
تَرْفَعُني ضِحْكَتُها أَعْلَى..
وكَأَنَّ يَدًا خَضْراءَ تُلَوِّحُ لِي
ولَها: أَنَّ القادِمَ أَحْلَى
[يا عُمْري الضَّائِعَ..!]
مِنْ طَعْمِ الشُّكولاَ..
أنَّ بِلادًا أَدْفَأَ مِنْ كُلِّ البُلْدانْ..
أَرْوَعَ مِنْ قَوْسِ الأَلْوانْ..
تُشْرِقُ، رَغْمَ العَتْمَةِ، حَتْمًا،
مِنْ عُمْقِ قَرَارِ الوِجْدانْ..
قُلْتُ: قَريبًا
مِنْ أَسْوارِ القَصْبَةِ، صامِدَةً
ومُكابِرَةً، أَتَنَفَّسُ رائِحَةَ المِلْحِ،
بِأَقْصى ما في ذاكِرَتي مِنْ أوْشامٍ وخُدوشٍ وعَذاباتٍ وجِراحٍ وحِكاياتٍ..!
أَتَشَرَّبُ هَذِي الرِّيحَ الأَشْهَى..
أَتَذَكَّرُ وَجْهَ أَبي، حَذْوَ القَلْعَةِ
[لا تَعْرِفُ أَنْ تَهْرَمَ، أَبَدا]
كانَ أَبي يَمْنَحُني الأَسْمَى..
كانَ يُكَثِّفُ هَذا العالَمَ
في كَلِماتٍ.. ويُطَيِّرُها،
مِثْلَ فَراشاتِ البُسْتانْ..!
وقَريبًا مِنْ قَلْبي
[جِهَةَ الماضي الحاضِرِ
في كُلِّ تَفاصيلِ وُجُودي]
حَيْثُ الأَسْماءُ مُطَرَّزَةً
فَوْقَ حِجارِ البَدْءِ، وحَيْثُ الغَيْمَةُ
في مُتَناوَلِ عاشِقِها الظَّمْآنِ، نَمُرُّ
مُرُورَ السِّرِّ [أَنا والسَّمَكَةْ]
نَقْطَعُ خَيْطًا، خَيْطَا،
كُلَّ فِخاخِ الشَّبَكَةْ..
ونَخِفُّ.. نَشِفُّ؛ فلاَ يُبْصِرُنا
إِلاَّ رَاءٍ أَوْ مَجْنونٌ أَوْ فَنَّانْ..!
قُلْتُ: قَريبًا مِنْ أَسْوارِ الرُّوحِ،
عَلَى بُعْدِ خُطًى كَسْلَى
مِنْ مَرْسَى "هِيبُوأَكْرَا"،
نَمْشي مَلِكًا يَحْضُنُ مَلِكَةْ..
تَغْمُرُنا الشَّمْسُ بِفِضَّةِ دَهْشَتِها..
تَتَرَدَّدُ، في الفَمِ، أُغْنِيَةٌ
مِنْ إِيقاعِ الخَفَقانِ.. وأَضْحَكُ
[مِنْ فَرْطِ الشَّوْقِ الأَبَوِيِّ..]
و أَبْكِي
[يَحْدُثُ..!]
حَدَّ الهَذَيانْ..
يا قُدْسَ الخَيْبَةِ والخُسْرانِ،
ويا قُدْسَ النَّصْرِ الآتي..
يا أَجْمَلَ بِنْتٍ في الأَكْوانِ،
ومِشْكاةَ حَياتي..
اَللَّحْظَةُ، هَذي اللَّحْظَةُ،
حَفْنَةُ أَضْواءٍ تَتَلَأْلَأُ
في كَفَّيْكِ المُورِقَتَيْنِ هَوًى..
والمَوْتُ، الآنَ، يُراقِبُنا
أَخْرَسَ،
مَجْدُوعَ الأَنْفِ،
ومَقْلُوعَ الأَسْنانْ..
(شعر// المكّي الهمّامي)
(بنزرت- تونس// 2021)
(إضاءة: "هِيبُوأَكْرَا" الاسم الفينيقيّ لمدينة بنزرت التّونسيّة. وقدس ابنة الشّاعر الصّغرى)