(1)
لمْ أسألْ عَن هَذا القلْبِ المَجْروحِ
عَن سِبْطٍ يَمشِي مَذبُوحًا
في يَدِهِ كَونٌ أبيضُ وحمامةُ
بَوحٍ وَسَلامْ
تتبرّجُ في هذا العالمِ
وهي تُضوّي راياتٍ للعِشْقِ
وأُخْرَى تَتْويجًا لبَني الإِنسَانْ
(2)
هَذِي أيامٌ حُبلَى بالأَسرَارِ الممْهُورةِ
بِالخَوفِ
وشَقْشقةِ الغُرُفاتِ السِّريّة
هَذِي أَجيَالٌ تَتأوّدُ بَينَ شَآبِيبِ الكَوثرِ
وَمَضَامِيرِ الهَيجَاءِ الأَزَليّةِ
وَتَنُوشُ بأَيدِيهَا تِيجَانَ الأَسمَاءِ الحُسنَى
وَتُخَاصِرُ بالكَفَّينِ أَخَادِيدَ
الأَرضينَ السُّفلَى
فَكُفُوفُكَ يا ابنَ ضَمِيرِ الكَوكَبِ مِسْبَحةٌ
تَتَهجَّدُ في فَضَواتِ الرّحمَن
دُهُورًا
وَتُزاحمُ بالإِصبعِ ذَيَّاكَ الهَاطِلَ
مِن سِدرةِ آدَمَ، أو مُقَلِ الأنوارِ النّبويّة
(3)
كَيفَ تراني وَأراكَ ؟
كَيفَ أُقطّرُ رُوحِي في نَجواك ؟
كَيفَ سَأَمحو بِسُؤالي مَنْ عَادَاك؟
كَيفَ أُصلِّي في مِحرابِكَ مَفتُونًا؟
وَأَرَى فَلَكي دَوَّارًا
يَتَهَجَّى مَلَكُوتَ السَّاعَةِ في ضَجَرٍ
وَيَقُولُ :
هَا أَنَذَا في بَابِكِ أَنقُشُ اسْمِي
وَأَقُولُ لِنَايَاتِي
فِي هَذَا المَنْحَرِ أَخْتَزلُ الدُّنيَا
وَأَرَى سُبحَاتي تَتَوَضّأُ
بِالنُّورِ الأَعظَمِ وَهوَ يُغَازِلُ ظِلِّي
هَا أَنَذَا سِبْطُ أَبي القَاسِمِ فَاحْمِلْني
في سِكَكِ الجَنَّةِ كَي أَلْقَاكَ
(4)
مَاذَا يُمكنُ لِشَهِيدٍ سَالَ نَجِيعًا
كَالقُرآنِ عَلَى أَرضِ اللهِ
مَاذَا وَالسّبعونَ يُهِيلُونَ تُرابَ الْمِحْنَةِ
وَامْتَشَقُوا سَيفَ الفَقَارِ وَضِيئاً
وارْتَجَزُوا:
لا لَيسَ مِنَّا في التَّلاقِي مَنْ جَبُنْ
قلُوبُنا مِن حَجَرٍ يومَ المِحنْ
يَا حَيَّهَلا ثَوبَ المنَايَا نَرتَدِي
وَدِرعُنَا يَا أُمَّتِي هَذَا الكَفنْ.
كَي يَبقُرَ بالصَّفوَةِ دَيجُورَ الأَهوَاء
سَيفًا مِن فِضَّةِ كُوفَانَ
وَمِن زَورَاتِ بَنِي أَسَدٍ
والماءُ نميرٌ كَبُطُونِ الْحَيَّاتِ
لمِ تَبْلُغْهُ شِفَاهُ الحَائِرِ
فَانْتفَضَتْ زَينَبُ وَهْيَ تَصِيحُ:
هَيهَاتَ الذِّلَّةُ ... هَيهَاتْ
نَحنُ بَني هَاشِم أَزمَانٌ تُتْلَى
وَسَبَايَانَا
عُنوَانٌ يَتَشَظَّى في كُلِّ مَكَانْ.
(5)
لَمْلِمْ أَنقَاضِي زَفرَاتٍ
وَخَطَايا
وَتَوكّأ آمَالِي الأَبَدِيَّة
فَالْمُتَقَمِّطُ طِفْلٌ وَسِراطٌ يُورِقُ أَقمَارًا
وَعَطَايَا
وَيُزَلزِلُ بِالرّفضِ غِوَايَاتِ الْمَغْرُورِينَ
وَأَزلَامَ بَنِي الجَوشَنِ لمّا رَكَعُوا
تَحتَ حِذَاءِ الْمَكرِ وَتِلْكَ الأَوَّهَامِ
الغَجَريّةْ.
(6)
يَا نَهرًا كَالدِّفْلَى صَارَ ضَرِيعًا
وَالعَبَّاسُ بِقرْبَتِهِ يَتَمَلَّى
أَصدَافَ الْمَاءِ عَلَى الشُّطْآنْ
أَنَا لمْ تَبْتَلَّ عُرُوقِي
حَتّى أَرْوِي مَن كَانَ سَجِينًا
فِي ظُلُمَاتِ الخَيْمَةِ
أَطفَالٌ وَنِسَاءٌ وَالعَطَشُ الْمُرُّ
كَرُمحٍ يَفْتَضّ الأَبْدَانْ
أَنَا يَا أُمِّي لَا أُوَفّي سُؤْلَ حَبِيبِي
وَهوَ يُجَاهِدُ مَنْ خَانَ المثَلَ الأَعْلَى
وَتَشَحَّطَ بِالأَمَلِ الخَادِعِ
فِي دَاجِيَةِ الأَضغَانْ.
عبد الأمير خليل مراد
* من ديوان "مكابدات الحافي"
لمْ أسألْ عَن هَذا القلْبِ المَجْروحِ
عَن سِبْطٍ يَمشِي مَذبُوحًا
في يَدِهِ كَونٌ أبيضُ وحمامةُ
بَوحٍ وَسَلامْ
تتبرّجُ في هذا العالمِ
وهي تُضوّي راياتٍ للعِشْقِ
وأُخْرَى تَتْويجًا لبَني الإِنسَانْ
(2)
هَذِي أيامٌ حُبلَى بالأَسرَارِ الممْهُورةِ
بِالخَوفِ
وشَقْشقةِ الغُرُفاتِ السِّريّة
هَذِي أَجيَالٌ تَتأوّدُ بَينَ شَآبِيبِ الكَوثرِ
وَمَضَامِيرِ الهَيجَاءِ الأَزَليّةِ
وَتَنُوشُ بأَيدِيهَا تِيجَانَ الأَسمَاءِ الحُسنَى
وَتُخَاصِرُ بالكَفَّينِ أَخَادِيدَ
الأَرضينَ السُّفلَى
فَكُفُوفُكَ يا ابنَ ضَمِيرِ الكَوكَبِ مِسْبَحةٌ
تَتَهجَّدُ في فَضَواتِ الرّحمَن
دُهُورًا
وَتُزاحمُ بالإِصبعِ ذَيَّاكَ الهَاطِلَ
مِن سِدرةِ آدَمَ، أو مُقَلِ الأنوارِ النّبويّة
(3)
كَيفَ تراني وَأراكَ ؟
كَيفَ أُقطّرُ رُوحِي في نَجواك ؟
كَيفَ سَأَمحو بِسُؤالي مَنْ عَادَاك؟
كَيفَ أُصلِّي في مِحرابِكَ مَفتُونًا؟
وَأَرَى فَلَكي دَوَّارًا
يَتَهَجَّى مَلَكُوتَ السَّاعَةِ في ضَجَرٍ
وَيَقُولُ :
هَا أَنَذَا في بَابِكِ أَنقُشُ اسْمِي
وَأَقُولُ لِنَايَاتِي
فِي هَذَا المَنْحَرِ أَخْتَزلُ الدُّنيَا
وَأَرَى سُبحَاتي تَتَوَضّأُ
بِالنُّورِ الأَعظَمِ وَهوَ يُغَازِلُ ظِلِّي
هَا أَنَذَا سِبْطُ أَبي القَاسِمِ فَاحْمِلْني
في سِكَكِ الجَنَّةِ كَي أَلْقَاكَ
(4)
مَاذَا يُمكنُ لِشَهِيدٍ سَالَ نَجِيعًا
كَالقُرآنِ عَلَى أَرضِ اللهِ
مَاذَا وَالسّبعونَ يُهِيلُونَ تُرابَ الْمِحْنَةِ
وَامْتَشَقُوا سَيفَ الفَقَارِ وَضِيئاً
وارْتَجَزُوا:
لا لَيسَ مِنَّا في التَّلاقِي مَنْ جَبُنْ
قلُوبُنا مِن حَجَرٍ يومَ المِحنْ
يَا حَيَّهَلا ثَوبَ المنَايَا نَرتَدِي
وَدِرعُنَا يَا أُمَّتِي هَذَا الكَفنْ.
كَي يَبقُرَ بالصَّفوَةِ دَيجُورَ الأَهوَاء
سَيفًا مِن فِضَّةِ كُوفَانَ
وَمِن زَورَاتِ بَنِي أَسَدٍ
والماءُ نميرٌ كَبُطُونِ الْحَيَّاتِ
لمِ تَبْلُغْهُ شِفَاهُ الحَائِرِ
فَانْتفَضَتْ زَينَبُ وَهْيَ تَصِيحُ:
هَيهَاتَ الذِّلَّةُ ... هَيهَاتْ
نَحنُ بَني هَاشِم أَزمَانٌ تُتْلَى
وَسَبَايَانَا
عُنوَانٌ يَتَشَظَّى في كُلِّ مَكَانْ.
(5)
لَمْلِمْ أَنقَاضِي زَفرَاتٍ
وَخَطَايا
وَتَوكّأ آمَالِي الأَبَدِيَّة
فَالْمُتَقَمِّطُ طِفْلٌ وَسِراطٌ يُورِقُ أَقمَارًا
وَعَطَايَا
وَيُزَلزِلُ بِالرّفضِ غِوَايَاتِ الْمَغْرُورِينَ
وَأَزلَامَ بَنِي الجَوشَنِ لمّا رَكَعُوا
تَحتَ حِذَاءِ الْمَكرِ وَتِلْكَ الأَوَّهَامِ
الغَجَريّةْ.
(6)
يَا نَهرًا كَالدِّفْلَى صَارَ ضَرِيعًا
وَالعَبَّاسُ بِقرْبَتِهِ يَتَمَلَّى
أَصدَافَ الْمَاءِ عَلَى الشُّطْآنْ
أَنَا لمْ تَبْتَلَّ عُرُوقِي
حَتّى أَرْوِي مَن كَانَ سَجِينًا
فِي ظُلُمَاتِ الخَيْمَةِ
أَطفَالٌ وَنِسَاءٌ وَالعَطَشُ الْمُرُّ
كَرُمحٍ يَفْتَضّ الأَبْدَانْ
أَنَا يَا أُمِّي لَا أُوَفّي سُؤْلَ حَبِيبِي
وَهوَ يُجَاهِدُ مَنْ خَانَ المثَلَ الأَعْلَى
وَتَشَحَّطَ بِالأَمَلِ الخَادِعِ
فِي دَاجِيَةِ الأَضغَانْ.
عبد الأمير خليل مراد
* من ديوان "مكابدات الحافي"