محمد الشحات - رحـــــلة.. شعر

نظرَ الدرويشُ إلى المِئذَنَةِ
وتخَّيلَ كمْ مَلكًا
هبطَ عليْهَا
كانَ يحُسُّ بأصداءِ آذانٍ
فيرىَ بَابًا قْد فُتحَ
وملائكةً تهبِطُ
وشياطينَ تزيد الخطوَ ؛ لتَخْتَبِئَ
فيملأْ عينيهِ بنورٍ يمتزجُ بنورٍ
حتَّى شَعَرَ
بأنَّ جوانِحَه امْتلأتْ
حتَّى فَاضَتْ
فيحَاولُ أنْ يَجمعَهَا
فسيحتاجُ إليْهَا
ما بينَ صَلاتينِ
تراصَّ الخلقُ
والدرويشُ يُراقبُهم
فاذا ما سَلَّمَ
أسْرَعَ
كيما يجلسَ
مُرْتكزا
يترقَّبُ عودتَهُم
آهٍ لو صحبوه
شعر بأن المئذنةَ قد اهتزَّتْ
حينَ ترفرفُ أجنحةٌ
غطَّتْ عينَ الشَّمْسِ
وصَعَدَتْ
لمْ يتمكنْ منْ أنْ يُحْصِيِها
مُنذُ سنين
وهوَ يُوَاظِبُ فى جِلْسَتِه
يأملُ أنْ يِصْحَبَهم
كانَ يهُشُّ شياطينَ الإنسِ
كى لا تُفْسِدُه
وكثيرا مَا كانَ يحُسُّ بضيقٍ
حينَ تُحاصِرُه أعينهم
وهو يراقبُ مئذنةَ المسجدِ
ويمزقُه همسٌ " هذا مَخبولٌ
يخشىَ أنْ تَسْقُطَ
مئذنةُ المسجدِ ؛ فيراقبُها"
لم يبتهجْ كما ابتهجَ
إذا ما شعرَ بأنَّ الرُّوحَ ستخرجُ
فتمنَّى لو صعدَت بعد صلاةِ الفجرِ
فسّلَّم
وأسرعْ
لم يحملْ فى جِلستِه ما يمنعُه
ولمْ يشعرْ
إلا بصعودِ الرُّوحِ بلا حشرجَةٍ
وأحَسَّ بنورٍ ظلَّ يُراقبَه ، قدْ غَطَّاه
وخافَ أن ينظرَ ناحيةَ الجَسدِ
فيجذبُه
وبصوتٍ لا يعرفُه
ماتَ الدرويشُ
وهوَ يراقبُ
مئذنةَ المسجدِ
مخافةَ أنْ تسقطَ .

محمد الشحات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حدائق القبة 18 نوفمبر 2020

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى