عمار حميد مهدي - الحبل

كنّا ثلاثة ، بالكادِ نرى وجوه بعضنا من شدّة ظلام البئر الذي جلسنا في قعره ، والشيء الوحيد الذي كان يُشعرنا بالراحة هو جمال بريق النجوم التي زيّنت السماء البعيدة عند اعلى فتحة "بئرنا" ، نعم لقد اطلقنا عليه هذه التسمية لأنه اصبح عالمنا ، فمع مرور الايام التي كنا نشعر بتعاقبها من خلال النزر اليسير من ضوء النهار الذي بالكاد يصل الى اعماق البئر ازدادت معرفتنا لبعضنا واصبحنا متقاربين في افكارنا ، اكتشفنا بعد ذلك اننا قد فقدنا الاحساس بالوقت ولم نعد نولي له اهتماما يذكر ، فقهرنا من خلال ذلك الاحساس بالقلق الذي كان يسببه الوقت والتفكير به ولم نتحدث ابدا عن الكيفية التي وصل كل واحد منا الى هذه البئر وكيف انتهى به الحال في قرارها بل ركزنا على الاهتمام ببعضنا اكثر حتى اصبحنا اخوة وشعرنا بالقوة التي تمنحها هذه الرابطة داخل "بئرنا" ... الذي أحببناه وصار جزءا من حياتنا وكان كل شيء فيه يسير على ما يرام وبسعادة كبيرة حتى اتى ذلك اليوم الذي امتد الينا وعلى نحو مفاجئ حبل قد رماه احدهم من الاعلى ، تحلّقنا جميعا حول الحبل الذي استقرت نهايته على ارض البئر الرملية الناعمة ، نظرنا الى بعضنا وتعابير القلق الذي كنا قد نسيناه قد بانت على وجوهنا , ما الذي يمكن ان ينتظرنا هناك في الاعلى وماذا سيحصل ان خرجنا هناك وكيف ستكون علاقتنا فيما بيننا هناك , اسئلة عديدة دارت في رؤوسنا لكننا توصلنا الى القرار النهائي وجهزنا انفسنا له جيدا , بدأ احدنا بتسلق الحبل وكانت نظراتنا تتبعه بلهفة وهو يصعد الى الاعلى بثبات ، وعند وصوله الى منتصف المسافة المؤدية الى نهاية الحبل حيث فتحة البئر قال ... كل العالم اخوة يوسف ثم امسك سكينا وقام بقطع الحبل.
عمار حميد مهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى