منصور جغيمان - قبل أن أحبكِ

قبل أن أحبكِ
كان لديّ
اسمٌ و لقبٌ و عائلة
مثلي مثل أي أحدٍ
على ظهر هذا الكوكب
كانت لديّ عناوين
أين أسكن و أين أعمل
و أين ألتقي الأصدقاء
عناوين للروح و أخرى للجسد
كنتِ حاضرةً طبعاً حين
غلّفتُها جميعها و تصدقتُ بها
على عابرٍ لا اسم له
و لا ملامح و لا عناوين
كنتُ مقتنعاً تماماً
أن العاطفة لا تحفل بالمُسمَّيات
و أن الصدى قادرٌ على
انتشال صوتكِ من حنجرة المسافة
و صبِّه كاملاً في خدر لحظتي
" صوتك يقرب المسافة إليّ "
أيتها النائمة الآن في سريركِ
ياقوتةً في محارة هذا الكون
حين تخاصمنا و حدث مصادفةً
أننا وضَعنا الحبَّ حينها على الحياد
تَبَدَّتْ لنا المأساة..من أنتِ ؟!
أنتِ أكذوبة ما قبل النوم
أثر شفاهٍ على حافة كأسٍ مكسورة
غيمةٌ متوهَّمةٌ في رأس سنبلةٍ ميتة
من أنتَ ؟!
أنا ؟! أنا لا أعرفني..لا أذكر إلا أنني
تصدقتُ باسمي و عناويني على عابرٍ
لا اسم له و لا ملامح حين كنتُ أحسب
أن " صوتك يقرب المسافة إلي ّ "
من نحن ؟! نحن عشرة سنوات
لا تصلح حتى لأن تكون طعاماً بائتاً
تسد به أمٌّ متعبةٌ رمق أيتامها الصغار
أخبرتني عرافةٌ ذات مرةٍ
أنه في عصر ما قبل النار
كانت هناك غابةٌ
أحبَّتْ حطَّابَين
الأول أخذه منها الموت
و الثاني أخذته منها الحياة
تقول العرافة :
النار احتكاك الموت بالحياة
في قلب تلك الغابة الحزينة
و أخبرتني أيضاً العرافة نفسها
أن حطاباً ما
في عصر ما قبل النار أيضا
كان يُقَلِّبُ كفَّيه كل يومٍ
متتبعاً خطوط يده
من مشرق الحب حتى مغيب الحبيبة
و كلما صادفه في طريقه أحدٌ ما
سأله عن عابرٍ
لا اسم له و لا ملامح و لا عناوين
عن عابرٍ في يده مغلفٌ بداخله :
اسمٌ و لقبٌ و عائلة
أخبرتني العرافة
التي تكذب كثيرا بالمناسبة
أن هذا الحطاب لا يدري
أن العابر الذي يبحث عنه
في خطوط يده
قد أخذه الموت قديماً من غابةٍ ما
دون أن تدري الغابة نفسها
أن الذي أخذته الحياة منها
لم يكن أحداً آخراً غير هذا الحطاب

م.ج

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى