د. أبو زيد بيومي - خَيْمَةُ الأُمْنِيَات.. قصة قصيرة

في حديقتِه الجَمِيلةِ، جَمَعَ الجَدُّ أحفادَه أسامةَ ومحمداً وفاطِمةَ . واصطَحَبَهُم إلى خَيمةٍ أقامَها في جانبٍ من جَوَانبِ الحَديقةِ.
كانَ الجدُّ قد وَضَعَ لافتةً علَى الخَيمةِ، كَتَبَ عليها:"خَيمةُ الأُمْنِيَات".
تَعَجَّبَ الصِّغارُ عِندما رَأَوا اللافِتَةَ.
سألتْ فاطمةُ: و هَلْ للأمْنِياتِ خَيمَةٌ؟
ثُمَّ سَألَ أسامةُ: و هَلْ حَقَّاً تتحَقَّقُ فيها الأمنياتُ؟
فقالَ مُحَمَّدٌ: ما الأمْرُ يا جَدِّي؟ نحنُ في شوقٍ كَيْ نَعرفَ أَمْرَ هذه الخَيمةِ.
قال الجَدُّ: ندخلُ أوَّلا، و بَعدَهَا سَنعرِف.
دخَلَ الأحفادُ الخَميةَ، وجَلسُوا حولَ جَدِّهم. ثم أعطَى الجَدُّ كُلَّ واحدٍ مِن أحفادِه بِذرَةً مِنَ البُذورِ. ثمَّ قال : أنتم الآنَ في خيمة الأمنِيَات، فَمَاذا يتمَنَّى كُلٌّ مِنْكُم لبِذرَتِه؟
قالتْ فاطمة: أتمَنَّى أنْ تكونَ بذرتي زَهرةً، لها رَائِحةٌ طيِّبةٌ، وألوانٌ جَميلةٌ.
و قال مُحمدٌ: وأنا أتمنَّى أن تُصْبِحَ بِذْرَتِي شَجَرةً عَاليةً، تَتَجَمَّعُ حَوْلَهَا العَصَافيرُ، ويَسْتَظِلُّ بها المَارُّون.
أمَّا أسامةُ فَقال: وأنا أتمَنَّى أن تكونَ البِذرةُ نباتاً له ثَمَرٌ، يأكلُ مِنْه الجَميعُ.
نَظَر إليهم الجَدُّ في سُرُورٍ، وقال: ولَكِنْ .. هلْ تتَحَقَّقُ هَذه الأمنيَاتُ لبُذُورِِكُم إِنْ أَنتُم بَقِيتُم داخلَ الخَيمَةِ؟
فأجابَ الجَميع: لا ... بالطَّبْعِ لَن تتحقَّق.
فقال الجَدُّ: فَماذا عَلينَا أن نَفْعَلَ؟
قال محمَّدُ: علينا أوَّلاً أن نخرجَ مِنْ هذه الخَيمةِ، لِنَضَعَ البذرةَ في أرضِِ الحديقةِ.
وأضافَ أسامةُ: ثُمَّ نَرويها بالماء بانتظَامٍ.
وقالت فاطمةُ: كما يجبُ علينا أن نَرعَاها ونَهْتَمَّ بها، ونُزِيلَ عنها الحَشائشَ الضَارَّةَ، حتى تَكْبُرَ وتُثمِرَ.
ابتسمَ الجَدُّ وقال: أَحسَنتُم جميعاً. فهذه البذورُ ستبقى كَما هِيَ إذا أنتم بَقِيتُم في هذه الخيمَةِ، دون أَنْ تَفعَلوا شيئاً. و كذلك الأمنياتُ، يا أحبابي، مِثْلُ البُذورِ، لا تتحققُّ إلا بالعَمَلِ والجُهدِ والاهْتِمِام والنِّظَام.


د. أبو زيد بيومي



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى