د. سيد شعبان - الكتابة حياة!

الكتابة حياة!
إذا كان أستاذنا العقاد يرى أن القراءة امتداد ومعايشة لعوالم لم يعاصرها المرء؛ فإن الكتابة هي محصلة كل هذا؛ بوح وسرد يتركان تفاعلا وتواجدا على مسرح الحياة.
هناك من تكون القراءة هوايته فلا يبرحها ليعبر عن فكره ومعتقده؛ يزجي وقته وقد تكون عادة الغافل المستلقي على ظهره لا يريم حركة ولا يغير قدما من على أختها.
أما القاريء الكاتب فهو المبدع المؤثر سيما وهؤلاء قلة في مجتمع يضج بأدعياء الثقافة.
ولقد صخب هؤلاء وأزبدوا بما قرأوا ثم تستبين عند أول بادرة أن هؤلاء نبتة في صاعد أينما تميلها الريح تمل!
حين يكتب أحدنا يكون قد استوعب مادته واستجمع فكره؛ إنه يعي أنه كما قال ابن خلكان:" من ألف فقد استهدف".
لذا كانت الكتابة أمانة؛ تخاطب أمة فتحمد مادتك أو تهرف فيلقى بما أتيت مواقد الحطب.
كل ما يمر بنا من أحداث يصلح أن يكتب عنه؛ خذ مثلا جائحة الكورونا؛ تجد تغايرا فيمن يعالجها بقلمه؛ تدرك العالم من غيره والمبدع من المقلد، ساراماجو كتب رائعته عن " العمى" لقد سبقنا بعقود؛ تنبأ بوباء أبيض أحال الحياة كئيبة؛ هل كان ماركيز مدركا أن مائة عام من العزلة كفيلة بالتخلص من أوبئة حاصرت البشرية؟
إننا نعاني رهق البله وعته الادعاء حين ندعي الحكمة؛ ما نزال نحبو في درج الزمن؛ نكرر الخطوة نفسها ونفعل الجريرة ذاتها.
بقيت روائع الكتب لأنها جاءت ابنة زمانها معبرة عنه صادقة مع أحداثه؛ لا نقيم محاكمة لأي نص ولا نعادي ما احتوى شرط ألا يضاضد العقل والخلق السوي.
مؤكد أن وباء الكورونا سيكتب عنه الكثيرون؛ منهم من كتاباته مكررة معادة وآخرون يلمسون جوانب خفية غفل عنها الآخرون.
هذه كتابات تحتاج ناقدا بارعا يكشف التميز وتشرح النص دون أن تميت المؤلف في تلك الصرعات العبثية التي أرهقت الإبداع وقيدته.
كنت في حوار مع ناقد أديب خليل الجيزاوي رد علي متاهتنا وسرابنا في الدوران حول مبدعينا الكبار ممن استبدوا بالساحة؛ نجيب محفوظ والطيب صالح والعقاد؛ رأيت له صوابا لا أنكره: فمتى نعيش زماننا ونكتب عن آلامنا وأحلامنا واخفاقاتنا؟
عن هؤلاء الذين أوصدوا بوابة الغد في وجوهنا؛ وتركوا عناكب الظلام تسدل نسيجها على عقولنا؟







تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى