محمد عباس محمد عرابي - دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا) (1)

بقلمه المميز يسعدنا الأديب المصري خالد همام في مطلع صباح كل خميس بقصته الأسبوعية مسعود وباتعة، وقد شرفت منذ أسابيع بكتابة مقالين عنها ،وكنت قد وعدت فيهما القراء الأفاضل المتابعين لقراءة هذه القصص بكتابة عدة مقالات حول فنيات هذه القصص الشيقة ،وبتوفيق الله وعونه أشرُفُ بأن أستهل هذه المقالات بهذا المقال الذي بين أيدينا وهو بعنوان دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجًا ) من خلال الاستشهاد بعشر قصص فقط ،على أن يتم معالجة بقية القصص في مقالات تالية تباعًا ، وفيما يلي المقال الأول حول هذا الموضوع :
العنوان جزء من مضمون النص:
بداية إن العنوان هو العمود الفقري ،والركن الرئيس الذي يميز النص الأدبي ،وهو جزء من مضمون النص ،وهو يمثل المفتاح الذي ندخل به إلى القصة لاستكشاف عالمها المثير ،وهو ما نلاحظه في عنوانين قصص الأديب خالد همام، فهو يحرص أسبوعيا على الكتابة حول الموضوع والحدث والفعاليات والمناسبات والوقائع التي هي موضوع حديث القطاعات العريضة من الأفراد محليا وإقليميا، ويأخذ منها منطلقا لموضوع قصته الأسبوعية ،ويجعل من أحد الشخصيتين الرئيستين في القصة (مسعود)في الحدث ،وببراعة الكاتب ينطلق من الفكرة الرئيسة لعنوان القصة إلى الأفكار والعناصر الجزئية لأحداث القصة حيث يستعرض الكاتب خالد همام ببراعة مناقشة القضايا المجتمعية والعادات والتقاليد الشعبية راصدا بعدسته أداق التفاصيل للحياة اليومية في القرية والمدينة بأسلوب فني جذاب وشيق درامي قائم على الحوار ،ولا يملك القارئ أمام هذه الدراما المؤثر إلا الضحك أحيانا والبكاء أحيانا أخرى في المواقف المختلفة كل بما يناسبه .
السمة الرئيسة لعنوان قصص الأديب خالد همام:
ونظرا لكون قصص الأديب خالد همام تندرج تحت القصة القصيرة و القصيرة جدا فهي تركز على فكرة رئيسة يمثلها عنوان القصة فقد اتسم عنوان القصص بالاقتصاد اللغوي، وكل قصة لها عنوان محدد حيث جاء في الغالب على نمط واحد جملة اسمية بسيطة في بنيتها النحوية : المبتدأ يليه الخبر فيها شبه جملة جار ومجرور، وتنوعت د لالة الخبر فمرة يكون الاسم المجرور (زمان – مكان - اسم ذات - اسم معنى وغير ذلك ) وحوله تدور أحداث القصة ببراعة فنية محكمة قائمة على الحوار ،و يتضمن هذا الحوار العديد على المعلومات والمعارف العلمية والدينية والثقافية بصفة عامة والعادات والتقاليد الاجتماعية بصفة خاصة ، حيث يعالجها الأديب خالد همام معالجة فنية مميزة ،وفيما يلي نبذة مختصرة حول الدلالة التي أرادها الأديب خالد همام من الاسم المجرور في عنوان كل قصة، وأثر ذلك على مضمون القص .
أولا : دلالة الاسم المجرور على الزمان:
جاءت العديد من القصص للأديب خالد همام تدل على الزمان، وأثر ذلك على مضمون القص ؛ كما في قصة( مسعود في رمضان) وهي قصة استعرض فيها الكاتب أبرز ما يميز الشهر الفضيل في القرية المصرية من عادات ومظاهر .
وقصة (مسعود في الإسراء والمعراج ...) وفيها بين الأديب خالد همام على لسان الشخصية الرئيسة في قصصه (مسعود )بين لباتعة ونساء الحارة بأسلوب بسيط جميل المقصود برحلة الإسراء والمعراج وأهدافها مصححا المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الرحلة .
وقصة (مسعود في عيد الأم ...)ودارات أحداثها على العادة التي يحتفي بها العالم من تقديم هدايا لكل أم ،وإن كانت الأم جديرة بتقديم هدية لها في كل لحظة ودقيقة، ولكن قلم الأديب خالد همام استغل الحدث لمناقشة العديد من الموضوعات الاجتماعية والدولية .
ومنها قصة "مسعود في عشرين عشرين ..." وكما بين الكاتب دارات أحداثها في الخميس الأول من يناير الجميل لعام 2020 ..، وفيها وصف طبيعة برد الشتاء ،كما وصف الزوجة المصرية بأنها : الأصيلة بطبعها فهي بالنسبة للرجل شريكة العمر والروح ...،وهي البسيطة الطيبة المطيعة .. ذات القلب الكبير ... ،واستكمل هذا الوصف بقصيدة شعرية ،وفيها أيضا تحدث عن سيدة الجميلات مصر الغالية مبينا ما في شهر يناير من ذكريات وطنية ..
ثانيا : دلالة الاسم المجرور على المكان :
للمكان أهمية كبرى في قصص الكاتب خالد همام فهو عنصر محوري، وله أهمية كبرى في قصص (مسعود وتابعة )،وله العديد من الدلالات الفنية ،ويكتسب أهمية كبرى لتسمية القصص به ، ولذلك أثره على مضمون القص ،فقد جاءت العديد من القصص تدل على المكان كما في قصة ( مسعود في المتحف ...) وهي القصة التي دارات حول الحدث المصري المهيب الرائع الذي تم بما يناسب مكانة مصر الحضارية وتاريخها العريق وآثارها العظيمة حدث (إعادة حفل نقل المومياوات الفرعونية إلى المتحف الجديد ...)الذي كان محط أنظار العالم أجمع .
ومنها قصة مسعود في السويس ... التي تحدث فيها الأديب خالد همام عن وفاة حافظ سلامة(رحمه الله ) الذي أثنى عليه كبار قادة الجيش لقيادته المقاومة الشعبية في السويس إبان العدوان على مصر المسالمة ؛ولذا كرمه الرئيس السادات ومنحه نجمة سيناء وعرض عليه يبقى محافظ للسويس، وعرض الكاتب أمنية الست "باتعة "الشخصية المحورية في القصة هي وزوجها السيد مسعود بعمل مسلسل تلفزيوني يعرض جهود حافظ سلامة(رحمه الله ) في الدفاع عن خير الأوطان (مصر الغالية )أم الدنيا ؛لتعريف الأجيال به أسوة بما تم عمله من مسلسلات للرموز الوطنية في مجال الفن والثقافة والرياضة .
وقصة "مسعود في تشاد ..." فالاسم المجرور (تشاد )وكتبها الكاتب على حد تعبيره في" الخميس الثاني من الجميل المبارك رمضان 1442هـ" ، وتحدث فيها عن الدعاء بالرحمة لرئيس تشاد السابق ( إدريس ديبي) الذي انتقل إلى مثواه الأخير خلال شهر رمضان ،بالإضافة إلى بعض المعلومات الثقافية التاريخية والثقافية المتعلقة بدولة تشاد ورئيسها، وقد قصد مسعود من ذكرها تثقيف صويحبات باتعة بالأحداث الجارية وما يتعلق بها .
وقصة "مسعود في الصيدلية ..." الاسم المجرور (الصيدلية ) وهي قصة يصف فيه بعض محدودي الدخل وما يقومون به من حسابات لترشيد النفقات حسب المتاح ،وها هو مسعود "يراجع حساباته ورغباته ،والأهم من ذلك رغبات أولاده وبناته" وحرصه على تلبية أحلام باتعة في البلح الزغلول الذي كانت طلبته من فترة ليست بالقصيرة ،وحرصه على دخول صيدلية الدكتور حاتم ليبحث عن مرهمه المفقود لرخص ثمنه، وناقش القضايا الاجتماعية المرتبطة بضرورة إخبار الزوجة الأولى قبل الزواج بالثانية .
ثالثا: دلالة الاسم المجرور على اسم ذات أو معنى :
جاء الاسم المجرور في بعض القصص اسم ذات و معنى ، ولذلك أثره على مضمون القص فمن القصص التي ورد في عنوانها الاسم المجرور يدل على اسم ذات منها قصة "مسعود في الظلام ..." فالظلام اسم ذات، وفيها تحدث الكاتب عن بعض الظواهر الاجتماعية كالحديث عن اسم العقارات الفارهة وطبيعة سكن محدودي الدخل ،وتحدث عن ظاهرة كانت منتشرة قديما ، أم الآن فقد اندثرت – ولله الحمد - ألا وهي ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء غير الحيوية ، كما استعرض الكاتب للحلول العملية البسيطة لعلاج المشكلة لحين لعودة التيار الكهربائي ،وأحيانا تكون هذه الحلول إبداعية غير مألوفة ولكنها ناجعة وسريعة منها ما يناسب البعض وقد لا يناسب البعض الآخر .

ومنها قصة "مسعود في الحرب" فالحرب اسم ذات ودارات القصة حول حلم رأه بطل القصة والشخصية المحورية لها السيد مسعود، وحول هذا الحلم يقول الكاتب على لسان مسعود :" تخيلي يا باتعة حلمت إني دخلت الجيش وشاركت في حرب التحرير الحديث وحققنا النصر في معاركنا الخارجية" خاصة وأن مسعود كما يذكر الكاتب قد "خرج من حارته البسيطة صاحبة التاريخ العميق في الحروب والدفاع الشعبي عن مقدرات الوطن" وهو محق في هذا فالوطن جدير بذلك، فكلنا -كما يقول الأديب خالد همام في كتاباته (للوطن فداء )،وفي النهاية لا نملك إلا خالص الدعاء للوطن والمواطنين بدوام الأمن والأمان آمين .
  • Like
التفاعلات: محمد عباس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى