منقول - يوميات وكيل نيابة.. "بين الرحمة والقانون"

دائماً كنت أنظر إلى هذه الشخصية على أنه، محور الشر في كل القضايا، إلى أن علمت أنهم يمارسون وظيفتهم الرسالية، يبحثون فقط عن تطبيق القانون وإقرار العدل لا لإرضاء أحد. تجدهم أحيانا ماينظرون بعين إنسان يراقب إنساناً من خلال أحداث جسيمة وضعته لسبب أو لآخر بين براثن الاتهام، وأحياناً بعين قاض يطبق القانون بحرفية بالغة ثم بعين الرحمة وإعمال العقل، وفي أحيان أخرى بعين القانون الزاجر أن كان المجرم عاتيا في اجرامة.

الباحثون عن عدل

إذا كان على الأرض عدل فيجب أن نفرق بين مهنة تتحمل أعباءها ساعات محدودة وبين مهنة تنتزعك من فراشك انتزاعا لتلبي نداءها،وتلغي راحتك لتؤدي نحوها واجبك....يجب التفرقة بين مهنة ترتديها كالقميص في الصباح وتخلع عند الظهر.... ومهنة كالخاتم الناري يطبع جسمك وشخصك وروحك وضميرك،فلا تخلع عنك صفتك في بيت ولا مكتب...ولا في ليل أو نهار..."المساواه"كلمة ليست من حقهم.... فليس لأحد القدرة على أن يمنحه الدرجة التي يستحقها سواء بحكم وضعه القضائى أو بحكم عمله المرهق ذلك العمل المتصل ليلا ونهارا بدون راحة،فهو كالعجلة التي لا تكف عن الدوران، كل دقيقة تمر كأنها ليلاً سرمدا،

يوم هادئ بدون جنح ومخالفات

حينما يكون اليوم بدون جلسه أو جنحه أو مخالفة، لا يعني أنه ليس لديه عمل، بل أصبح لدية وقت كي يقوم بدراسة أكوام من الملفات،وأنتظار الايراد اليوم، قد يكون قضايا تلبس، سرقة، أغتصاب،تحرش....الخ.

النفس البشرية والخروج عن المألوف

فقد رأى من عجائب النفس البشرية وأحوال البشر؛ ما لم يتخيّله من قبل، فقابل الغرائب التي جعلته يتأمل ويتألّم، فقد التقى بالناس في مواقف صعبة حين وقعوا بين براثن الجرائم، فاطّلع على ما يكتمونه،و ما كان هاجعًا في النفس البشرية.التقى بالبرئ الذي وضعه القدر في موقف ما، والتقى بالمجرم العتي في اجرامه.

عمله

يعتبر أول عضو في السلطة القضائية حيث يتعامل مع الجمهور مباشرة. ويقوم بالتحقيق بالواقعة ليسبق عليها التكييف القانوني المناسب قبل أن يتصرف بالقضية بإرسالها إلى رئيس النيابة، سواء بتقرير إتهام وقائمة بأدلة الإثبات تمهيدًا لإحالة المتهم فيها إلى المحكمة، أو بمذكرة حفظ لمجهولية الفاعل أو لعدم كفاية الدليل أو باستبعاد شبهة الجريمة أو لعدم الأهمية. وكيل النيابة أنسان يخاف الظلم، يقع أحياناً بين الرحمة والقانون والخوف من الظلم والقانون الذي يكون هو الفيصل الاخير في أي قضية فلا أحد فوق القانون.

الفرق بين وكيل النيابة وضابط المباحث

دائماً ما يحدث خلط لدى العامة بين طبيعة عمل وكيل النيابة وضابط المباحث، ففي حين أن رجل المباحث هو شرطي يتصف بصفة الضبطية القضائية أو الضابطة العدلية والذي يقوم بأعمال التحريات في الواقعة للتوصل إلى مرتكبها أو للبحث عن الأدلة التي تثبت إدانة المتهم وتنفيذ أوامر النيابة العامة في ضبط وإحضار المتهمين وطلب الشهود وإجراء التفتيش، فإن عمل وكيل النيابة عمل قانوني محض قائم على التحقيق في الواقعة لإسباغ التكييف القانوني الصحيح فيها من واقع مواد قانون العقوبات والقوانين الأخرى المرتبطة به من ناحية، وإسناد الواقعة على المتهم - إن وجد - من واقع ما يتوافر من أدلة سواء قولية من مسائل الواقع (أقوال شهود - تحريات مباحث) أو فنية (تقرير الأدلة الجنائية - تقرير الطب الشرعي) من ناحية أخرى قبل إحالته إلى المحكمة.



المصادر

- كتاب يوميات وكيل نيابة.......بهاء المري
- كتاب عدالة وفن...... توفيق الحكيم
- يوميات وكيل نيابة "تأملات في أسرار النفس وأحوال البشر"......بهاء المري
- ويكيبيديا




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى