إيمان السيد - حارسةُ النَّافذة..

من نافذة غرفتي البلورية، رمى الغضبُ بقلبي، وبعد أن تأكد أنه ارتطم بأرضية المبنى الذي نسكنه، انفجر دامياً، قهقه الغضب كثيراً، وبدأ يرمي أعضائي تباعاً، حاول أن يُتبع عضوي الأنثوي بقلبي، كففتُ يدَه، حاول مرةً أخرى،جاهداً، اقتلاعه من بين فخذَي،صرخت:
إنه ليس الأكثر أهميةً في جسدي، فهو عاجزٌ جنسيَّاً، تململ محتاراً لكن الوقت يمضي والساعة تشير إلى اقتراب انتصاف الليل.. ما يعني أنَّ النهار سيبتلعه لتبدو سوأته، فتحوَّل عن عضوي الأنثوي راغماً، وشحر محِجرا عينَي من تجويفهما العميق، وأتبعهما بقلبي رمياً من الطابق السابع
فتناثر زجاجهما كحطام البلور المكسور وهما يصطرخان:
جميل... لا شيء يستحق أن نراه!
سُررتُ أنه سارع برميهما كي لا أتألم لرؤية أعضاء حواسي الأخرى وهي تتحطَّم متناثرةً هنا وهناك، بل كنتُ سعيدةً أن قلبي هو أوَّل من اقتلعه ورمى به، وبذا ينعدم إحساسي بأي شيءٍ يُرمى بعده، تساءلت: هل القلب مركز الإحساس؟!
وقبل أن يستقرَّ عقربا الساعة على الرابعة صباحاً، جدع أنفي ومرغَّه بالخراء، وهو يزعق بصوتٍ أجشٍّ:
سوف أدفن أنفاسك للأبد،
حسناً إفعل ...لا يموت العطر لو تعلم!
همس أنفيَ المستقيم وهو يهوي نحو أصيص الورد الذي وضعه أحدهم تحت نافذته لينغرس فيه عميقاً.
ثم مدَّ يده نحو فمي ومالبث أن حاول اقتلاعه حتى صرخ لساني:
لا يوجد ما أقوله إلا الحقيقة
اقتلعه من تجويف فمي بقسوةٍ، ورمى به من النافذة وبينما هو يهوي راح يشتمُ كلَّ الواقفين بصمتٍ مندهشٍ، وقد شخُصتْ عيونهم والتصقتْ بزجاج نوافذهم.

إنها السادسة فجراً والشمس تنسلخ عن إيهاب الليل مازالت ذراعاي تلوِّحان إلى الله.
كسر الأولى ورمى بها في وجه السماء، بتر ذراعيَ الثانية فأنَّ كتفَّي:
سأحملكِ برأسٍ مشوهةٍ!
حان دور مؤخرتي الشامخة
دفع بها إلى الخارج فسقطتْ فوق ظهر سيارةٍ فارهةٍ محدِثةً تجويفاً عميقاً، ساقاي مازالتا تستجديان البقاء رغم انعدام جدواهما بعد أنْ حلَّ عقدتهما من رِدْفَي: بدوننا أجهزَ عليكِ الغضب!
دافناً معهما ثالوث جمالي
الصبا الضياء والإيمان
قالها وهو يقود ظلي إلى النافذة التي انعكست على واجهتها الشرقية أشعة الشمس الذهبية،بقيتُ أنظر إليه محذِّرةً:
إياكَ أن ترميَ به، دون أن يُبديَ أيَّ اهتمامٍ لتحذيري، وهو يعرج على قدمه اليمنى دفع به قائلاً:
إن كنت مازلتِ هنا.. هيا أنقذيه!
قالها وهو يقذف به بينما ركضتُ منتعلةً ذعري إلى الطابق السفلي، لأمسك به، وقبل أن يرتطم بأرضيَّة المبنى بثانيةٍ واحدةٍ صرخ شاهقاً:
شكراً لكِ ...
لقد أنقذتِني، أرجوكِ اذهبي بسرعة لتنقذي النافذة.

إيمان السيد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى