رسائل الأدباء رسالة من نزار قباني الى صلاح نيازي

جنيف 25 /5/1988

الأخ العزيز الاستاذ صلاح نيازي المحترم

أرجو أن تكون بخير. وأن تكون أيام المنفى أقل ّ تجّهماً ورماديةّ معك.
هل يمكن أن يصير المنفى عادةً؟ كالتدخين، وتعاطي الكحول، وإدمان الماريجوانا والهيرويين وحشيش الكيف؟ ...
سؤالٌ كبير.. أخاف من مواجهته، لأنني أخشى أن يكون الجواب (نعم).
وربما كانت مجلتك (الاغتراب الادبي) محاولة ً لتكريس حزننا الجميل، ودموعنا البيضاء، واعطاء جرحنا المؤقت صفة الديمومة..
لقد تصفّحتُ الاعداد الثلاثة التي أرسلتها إليَّ من المجلة، وقرأت الكثير من موادها، فانفجر السؤال مرةَّ أخرى في رأسي: هل يمكن أن يتحوّل المنفى الى أكاديمية.. لها مجلس ادارتها، وكُتّابُها، وشعراؤها، وروائيوها، ومجلتها، ومدارسها الأدبية؟
وبعبارة ثانية، هل نحن على أبواب أندلس أدبية، وسياسية ثانية؟؟
طبعا.. لا أحد يستطيع أن يقول للجرح: لا تنزف ...
وللذاكرة: لا تصرخي.. ولكنني أخشى، يا صلاح، أن نتصالح مع جدران منفانا.. ونصبح أعضاء دائمين في (نادي المنفيين)
انني لا أنكر ان نتاجي الاخير، كان مصبوغاً بألوان المنفى، ولكنني أحاول ألا أتأقلم ...أو أتعـوّد على هذا اللون الرمادي الطارئ ...كما لا أريد أن أبقى (مستأجراً) في بيت الأحزان..
انني أقدّر تقديراً كبيراً، أهمّـية ما فعلته، في جمع ما تناثَـرَ من أصابعنا.. ودفاترنا ... وأكبادنا.. وأعتبره أرشيفاً ضرورياً وهاماً لتسجيل هذه المرحلة ...
ولكنني أظلّ حالماً (بمجلتك الثانية) التي سيحررها الاندلسيون.. وهم جالسون تحت شمس الاندلس.
والله يرعاك، أخي العزيز.
توقيع
نزار قباني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى