علجية عيش - السلطة، الحراك الشعبي و الانتخابات التشريعية في الجزائر الفوز لمن؟

في محاولة منها إسكات الحراك لتمرير الانتخابات التشريعية بسلام

ترك الحراك الشعبي في الجزائر اثرا بليغا لدى الرأي العام و كذا الإعلام العربي و الغربي ، رغم اختلاف المواقف ، بحيث يرى البعض أنه كان إيجابيا، فيما وصفه آخرون بالفاشل و لكل طرف تبريراته، إلا أن الطرفان وقف موقف التضامن مع الحراك الشعبي و الصحافة الجزائرية المستقلة التي نفسها محاصرة من طرف السلطة خاصة في الأيام التي تسبق الانتخابات التشريعية من أجل منعهم من التعبير عن رأيهم و إيصال مطالبهم إلى الرأي العام و مطالبة السلطة برفع يدها عن متابعة الحراكيين و ممارساتها التعسفية ضدهم عن طريق الاعتقالات و الزج بهم في السجون


يتابع الإعلام العربي ما يحدث في الجزائر و استمرار الحراك الشعبي في الخروج إلى الشوارع في مسيرات سلمية ، مصمما على رفع مطالبه مهما كان أشكال التضييق عليه و محاصرته من طرف السلطة التي زادت في تعنتها لملاحقات الحراكيين و اعتقالهم بسبب او دون سبب، من أجل إنجاح الانتخابات التشريعية التي لم يبقى عليها سوى أيام معدودة رغم الظروف الصحية التي تمر بها البلاد، معبرين عن تضمنهم مع الشعب و بالخصوص الصحافة الجزائرية المستقلة التي في كل حدث سياسي تجد نفسها محاصرة رغم أن الدستور الجزائري أقر بحرية التعبير في الأطر الأخلاقية ومنح متسع من الحريات، إلا أنه مع اقتراب الموعد الانتخابي شدد حصاره على كل من يحاول إفشال هذا الموعد، و أثارت هذه الممارسات التي تقوم بها السلطة تساؤل المراقبين في الداخل و الخارج و كل المتتبعين للشأن السياسي في الجزائر، و كيف تمكنت القوات العمومية من منع الحراكيين و وقف المسيرات في المدن الكبرى و كأنها رفعت حالة طوارئ مثلما حدث في السنوات الماضية لاسيما في فترة التسعينيات.
رغم كل المحاولات التي تقوم بها السلطة التي اتخذت من الظرف الصحي الذي يمر به العالم جراء انتشار جائحة كورونا ( كوفيد 19) و تأزم الوضع أكثر من ذي قبل، لا زال الحراكيون مصرين على خروجهم في مسيرات شعبية، خاصة في منطقة القبائل و رفع أصواتهم أمام كاميرات الصحافة داخل و خارج الجزائر لنقلها للرأي العام، فهي المعروف عنها بالمعارض الشرس تنفيذا لمبادئ أحزاب تبنت صوت المعارضة بدءً من حزب جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس" بقيادة حسين آيت أحمد و حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية و كان هذين الحزبين قد تبنيا فكرة المعارضة للنظام منذ تأسيسهما، و كانت لهما مواقف معادية للسلطة من أجل تطبيق الديمقراطية و تحقيق العدالة الاجتماعية، فكان لهما اثر كبير في عقول الجيل الحالي، و هما اللذان حركا شرارة الحراك في الجزائر رغم الاعتقالات التي طالت قيادييهم ( لخضر بورقعة) و سارت على نهجهما الجماهير في كل مناطق البلاد، حتى بالنسبة للجالية الجزائرية في الخارج فكانت النتيجة أن أسقط نشطاء الحراك العهدة الخامسة و الكشف عن العصابة.
فإلى حد الآن كان الحراك الشعبي ناجحا بامتياز، بعدما حقق جزءا من مطالبه ، إلا أن السلطة لم تتوقف عن ملاحقة الحراكيين خاصة بعد أن تم اقتحامه من طرف دخلاء أرادوا الاستثمار في الحراك لزرع الفتنة داخل الجزائر و بين الجزائريين أنفسهم، تحركهم أطراف أجنبية لخدمة أجندات سياسية و مخططات تشبه إلى حد ما مخططات بني صهيون لتفرقة الجزائريين أكثر مما تجمعهم و توحد صفوفهم، فأعداء الجزائر لازالوا يتربصون بالجزائر من أجل تخريبها و تدمير مؤسساتها و دفعها إلى الإفلاس السياسي و الاقتصادي، و هدم مشروع الشهداء ، فزرعوا عيونهم داخل الحراك الشعبي من أجل تكسيره و قمعه و تشويه صورة الحراكيين الذين يطالبون بالتغيير و تطهير النظام من أجل بناء جزائر جديدة ، و تأسيس دولة العدل و القانون و بناء حكومة راشدة.
و هاهي الانتخابات التشريعية تثير تخوفا كبيرا للسلطة من عزوف الجزائريين عن التصويت في الانتخابات المقبلة بعد مقاطعة بعض الأحزاب هذه الانتخابات، ما دفع السلطة إلى تقديم كل التسهيلات و فتح الباب لكل راغب في الصعود إلى البرلمان مستغلة الذين تحركهم الأطماع في الحصول على الحصانة البرلمانية و المنحة المغرية التي تسيل لعاب البعض ، فللمرة الأولى تجمع السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في جزائر التعددية أزيد من 56 قائمة انتخابية معظمها قوائم حرة ، قادها منشقون عن الأحزاب، و مراهقون سياسيون، في الوقت الذي يخرج الصراع إلى السطح بين الإسلاميين و أحزاب السلطة و في مقدمتهم حزب جبهة التحرير الوطني و الملاسنات بين قادتهم في الحملة الانتخابية و أمام مسمع ومرأى الناخبين، مثلما صرح به رئيس حزب إسلامي بأن ترشحهم للبرلمان من أجل الانتقام، وهو ما يؤكد على استمرار العدائية بين الأحزاب الإسلامية و أحزاب السلطة، هي طبعا صورة لا تشرف الجزائر التي مات من أجلها الشهداء وسقوا أرضها بدمائهم الطاهرة و لا تعبر عن الممارسة الديمقراطية.
علجية عيش
  • Like
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى