أفياء أمين الأسدي - موّالُ العارفين وعارفو الموّال

والليلُ حلّ وما تغيّر شأنُ دنيانا اللعوبْ
في كلّ ليلٍ تخرجُ الدنيا إلى الطرقات تحملُ وزرها
وتمرّ بالحاناتِ ، تشربُ ما استطاعتْ
بيد أنّ الحزن يكبرُ
عادةُ الحزنِ التشعبُّ في التفاصيل المميتةِ بعد كأسٍ ثالثةْ
مِن عادةِ الحزنِ التوحُشُّ بعد أنْ يغريه نسيانٌ وحيدْ
من عادةِ الحزنِ التماهي بالنسيج العاطفيّ لساق وردةْ
مِن عادةِ الحزنِ التمسّكُ بالبقايا
عادةُ الحزنِ التوجّسُ بالزهورْ
لو زهرةٌ تكفي ، تبلّلُ شعلةً موجوعةً قالت سأرحلُ
ثم فاض الحزنُ فوق الطاولاتِ بكلّ ندرتهِ
يؤكّدُ أنّه يوما سينساه الرفاقْ.
لا يعلمُ الحزنُ الموشّح بالبلاد بأنّهُ ينوي التذكّرَ،
تمّحي منه النوايا
كي يقدّمَ مِن كروم الصيف كأسا مِن شموسْ
ولطالما كان التذكُّر حاضرا لو قال : “أنسى”
لا يريد ولا يفارق هذه الغنجَ المها
قد قال للعرّاف يوما : هذه البنتُ الوحيدةُ عند هذا الليل تأتي
قال للعرّاف هذا : بنتُ ليلٍ هذه الدنيا ، فعاش على يقينْ
كم تسكر الأرض التي مرّتْ عليها هذه البنتُ الشقيّةُ
تسكرُ الكأسُ التي مرّت بفيها
تسكرُ الجدرانُ حول الطاولاتِ
ويسكرُ الأصحابُ في مهلٍ
يرون نديمةً حسناءَ تسكرُ مِن حزَنْ
ولكي يغنّوا رافقتْ أصواتهم أصواتُ خلخالٍ مِن الرقص الحريرْ
ويمسّدون -بكلّ خيبتها- ضفيرةَ حزنها
(مِن دون أنْ تدري) : يقول الجالسون على حذرْ
لكنّ دنيانا ترى
تنوي بأنْ تعطيهمُ قبلاتِها
قد كنتُ أجلسُ في البعيدِ أرى الحقيقةَ كلّها
(ماذا سيفعل حارسُ العدمِ الصديقُ الان من خلف الوجودْ؟)
فكّرتُ في هذا ،
طلبتُ زجاجةً مهجورةَ الكفِّ استراحتْ في الغبارْ
ظنّ الجميعُ بأنّها مهدورةٌ مِن نصف قَرنْ
وشربتُ نصفَ القرنِ هذا ..
“مَن يقول بأنّه سكرٌ ، حرامٌ ، فليعش يومين في تلك البلادِ"
ستسكرُ الدنيا ، أراها جال فيها الضبعُ والأيلُ الجريحْ
ويجول فيها صوتُ أمّي فزّ من بين الضجيجْ
قد قالتِ : الدنيا ستفنى لو خلَتْ
وتقول : فانجي، قلتُ : لستُ زبونةً ،
فلنسمعِ الموّالَ يا أمّي و غنّي للحياةْ
موّالُ هذا الليل في لحنٍ جديدٍ:
تسكرُ الدنيا وما قلنا (على الدنيا السلام).




1622634390987.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى