جوهر فتّاحي - أنواع المشاكل من وجهة نظر حاسوبيّة

تعقيدات المشاكل مبحث معرفي كامل ومستقل. وكل مشكل له تصنيف معيّن حسب تعقيده.

بداية، هنالك مشاكل لا يمكن حلّها (والمصطلح الأدق هو المشاكل التي لا يمكن تقريرها undecidable). وهنالك مشاكل أخرى يمكن تقريرها.

المشاكل التي لا يمكن تقريرها هي ببساطة المشاكل التي لا نعرف فيها طريقة تربط مقدّمات المشكل بالنتيجة. فمثلا، إذا قلنا: إصطاد الصيّاد سمكتين في اليوم الأوّل، و 3 سمكات في اليوم الثاني. فكم عمر الصيّاد؟، هذا مشكل لا يمكن تقريره لأنّنا لا نعرف أيّ رابط بين عدد السمكات المصيدة وعمر الإنسان.

وعلى النقيض من ذلك، توجد المشاكل التي يمكن تقريرها. وهي تنقسم إلى قسمين كبيرين: مشاكل يتجاوز حلّها قدرة الحواسيب (وبالتّالي البشر)، ومشاكل ضمن قدرة الحاسوب. المشاكل التي يتجاوز حلّها قدرة الحواسيب هي مشاكل ذات تعقيدات عنقوديّة متسارعة (exponential) تأخذ أحيانا مئات الألوف من السنين حتّى يجد أحدث حاسوب في العالم الحل.

ونأتي الآن إلى الصّنف الذي يهمّنا، وهو صنف المشاكل التي هي ضمن قدرة الحاسوب. وهنا يبدأ الحديث عن درجة تعقيد المشكل. وهي مقيسة بضارب عبارة عن درجة polynomial. وهنالك مشاكل سهلة الحل أدنى من أي polynomial، تحلّ سريعا جدّا من أبسط حاسوب في العالم مهما كبر المشكل.

لن أستفيض أكثر حتّى لا يفقد القارئ نكهة القراءة.

بقي أن نعرف شيئا مهمّا وهو الفرق بين إيجاد حلّ لمشكل، وبين التثبّت من شيء قيل أنّه حلّ لمشكل. فايجاد الحل قد يكون شديد التّعقيد، أمّا التثبّت من حل محتمل فهو عموما أمر سهل. فمثلا، أن تصنع دواءَ فذلك أمر معقّد، أمّا التثبّت من دواء مطروح فهو أيسر بكثير. وهذا الفرق الكبير في التعقيد هو السبب في ظهور ما يعرف بعلم المواصفات. فالتثبّت من المواصفة يسير، أمّا الوصول إلى تحقيق المواصفة فمجال تنافس بين العلماء، والمهندسين، والباحثين. ولكن الفصل بين هذا وذاك مهم جدّا.

وفي الأخير، أن تجد طريقة للحل فلا يعني ذلك بأنّك وجدت الحل. فهنالك مسافات ومسافات بين هذا وذاك. وتلك المسافات قد لا يستطيع الإنسان جَسرها في حياته، ولا حتّى في حياة أبنائه أو أحفاده.

أمّا القول بأنّ لكلّ مشكل حلّ، فذلك لغو، وأحلام، وأمانٍ، وكلام لا أساس له من الصحّة، بل إنّ المستحيل هو القاعدة، والممكن هو الإستثناء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى