عبدالمنعم كامل - مصادفة

رأيتُهَا في ليلةٍ مَطِيرَةْ
في المَشْرَبِ القديمْ
كانت على مقعدِها منسِيَّةٍ
في الجَانِبِ المُقَابلْ
وكنتُ في الزَّاوِيةِ الأُخرى أُغَنَّي
قد أفلتَ النهارُ مني
وأفلتتْ من بين إصبعيَّ ..
قشَّةُ النَّجَاةْ

***

من أيِّ رُكنٍ أنتِ يا سيدتي
في العالمِ المُخاتِلْ
في هَذهِ الفَلاةْ
لا تُطرقي أيَّتُهَا الوحيدةْ
فالمغربُ الذي نَرَاهُ يصبغُ الكُوَى
شَاهِدُنا الوَحِيدُ يا سيِّدَتي
فقاوِمي معي قليلا ..
رَيْثَما تنفتحُ القصيدةْ
للطائرِ المَهِيضِ سالَ صرخةً
فصرخةً
من غُصَّةِ الشَّفقْ
وابقَيْ هناكَ حيثُ أنتِ ، انتظري
في المقعدِ المنسِّيْ
انتظري أن يهبِطَ الأصحابُ ..
من سحابةٍ خرساءَ في الأفقْ

***

في المَشْرَبِ القديمْ
رأيتُهَا
ما حدَّثَتْني إِنَّمَا
كأنَّ خيطاً يَرْبِطُ القلبينِ في غَمامةِ الغَرابةْ
وكانت الأنْدَاءُ فوق جبهتي
تَسْتَلُّ من قلبي طيورَ الحزنِ . طائراً فطائرا
تملأُ صدري بالمواعيدِ ..
وتُلقِي في يَدِي فَرَاشَةً
وقُرْبَةً من مائِها المسحورْ
كي أغسلَ الرُّوحَ من الكآبةْ
وأغمَضَتْ على مساءِ الجَنَّتَيْنِ مقلتيها ..
لحظةً
تَمَلْمَلَتْ شارِدةً
ثُمَّ أفَاقَتْ ، لَمْلَمَتْ أشياءَهَا
مَرَّتْ على المَمْشَى جِوَاري
مَرَّتْ جِوَاري
وخلَّفتْ مقعدَها بِلا أحَدْ
لكي يظلَّ شاغِرَا
إلى الأبَدْ

***

في كلِّ يومٍ هاهنا أجيء
بَيْنَا أنا أغني
قد أفلتَ النَّهَارُ ..
أفلت النَّهَارُ مني
وأفلتتْ مِنْ بينِ إصبعي ..
قشَّةُ النَّجاةْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى