عبدالله محمد بوخمسين - الوعي والتثاقف..

التثاقفُ هو اكتساب الفرد للمعارف التي يجهلها من شتى العلوم والمعارف ممن يعرفها، سواءً عن طريق التلقي المباشر أو غير المباشر بهدف زيادة حصيلة المعرفة بين الأفراد والمجتمعات من أجل تكوين ثقافة عامة للفرد وللمجتمع مع زيادة الوعي الذي يدعم المتثاقفين بكل جديدٍ من العلوم والمعارف والفنون....
من هذا المنطلق يكون المفكر و المثقف فاعلاً في تنمية وبناء نفسه والآخرين بما يتفق مع مدركات الحس الإنساني لمجتمع يتصف بخواص تميزه عن غيره من المجتمعات الأخرى قريبة منه أو بعيدة عنه، ولذلك قد يكون البون شاسعاً بين القرية والمدينة وبين أهل الساحل والجبل وبين سكان الواحات أو الصحاري في قدرتهم على تلقي و تحصيل الجديد وما يستجد من فكر وكذلك في القدرة على إنتاج المعارف والعلوم والفنون .... ربما على رغم قصر المسافة بين البيئات إلا أن القبول قد يكون مختلفاً باختلاف الثقافات ومقدار عطاء المتثاقفين في هذا المجتمع أو ذاك... إن أهم العناصر التي يتشكل على أساسها المجتمع قد لاتكون ثابتةً حتى إذا تغير أو لم يتغير المجتمع نفسه تغيرت وتكون كالتالي :-

أولا /اللغه
ثانيا/الدين
ثالثا /البيئه بكل أنواعها
رابعا/التاريخ
خامسا/الإرث ألذي ينقسم إلى قسمين:-
أولا/ إرث يُطلق عليه (مقدس) وهو الذي لا يُمس لامن قريب ولامن بعيد كالقرآن الكريم..
ثانيا /الإرث الإجتماعي والمعرفي وهو دائم التغير والتحول بسبب القدم وبسبب ما استجد من علوم ومعارف وماتغير من سلوكيات وعادات..
إن الإنسان في حالة تدينه وتمسكه بالموروث المقدس الذي ورثه وسيورثه لا يمكن أن يسمح لمن يختلف معه أن يحاول المساس به أو تسفيهه أو احتقاره أو محاولة إلغائه بأي طريقة كانت حتى وإن كان الآخر يعدها بعداً ثقافياً ويدافع عن هذا المقدس بكل ما أوتيَ من قوة في سبيل الحفاظ عليه.... قد يكون البعض في بعض المجتمعات لا يرى حرجاً في نقد الموروث (المقدس) نقداً علمياً أو فلسفياً أو يرى تفسيراً مختلفأ لبعض النصوص كما هو حاصلٌ الآن حيث بدأنا نجد بعض المفكرين يطرحون آراءً مختلفةً ومغايرةً لأسلافهم الذين سبقوهم بقرون... إننا نجد من يرى آراء المُجددين وقد يتفقون معهم اتفاقاً قد يكون كلياً في الكثير من آرائهم وتفاسيرهم ، إن بعض المفكرين يمنحون معارضيهم فسحةً لإبداء مايرونه مما يشاؤون ويعطونهم الحق إن أخذوا بما يطرحون، ليس هذا فحسب وإنما قام علماء النفس والمجتمع والمجتمع السلوكي بدراسات مكثفة في استشراف العلاقات الإنسانية النفسية والإجتماعية ومقدار أثرها على تغير سلوكيات الفرد والمجتمع بما في ذلك نمط التفكير وتأثير الجغرافيا بكل عوالمها البيئية وآثارها والحالة الإقتصادية وآثارها على الفرد والجماعة مع ربط كل هذه المدركات الحسية والمادية بالأنظمة السياسية والقواعد السلوكية النفسية والإجتماعية ... إن هذه التغيرات تدل على مقدار الوعي المستجيب لهذه الدراسات التي نتجت عن مجهودات من هؤلاء العلماء الذين أخذوا على عواتقهم رغبة التغيير.....
هذه الحرية أو معارضتها سواءً كانت في الطرح أو بقبول الطرح من عدمه لدى المتلقي إنما تُعتبر ثقافة حقيقية توصل الإنسان إلى مرحلة الوعي الذي تتحقق به الثقافه لكي تعطي المجتمع فرصة التثاقف ولكي ترقى المجتمعات وتزدهر...

عبدالله محمد بوخمسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى