علجية عيش - انتشار المسيحية في إيران يثير اهتمام الرأي العام الدولي

هل سيتوحّد الشّيعة الأحرار والسُنّة الأحرار لمواجهة التنصير في بلاد فارس؟
علجية عيش قراءة وتعقيب

يعتبر مسيحيو إيران أنفسهم "جيش الله" وسيدفعون بإيران إلى "شفا ثورة أخرى، مدبرة هذه المرة بروح مسيحية، وليست بروح شيعية، هو التقرير الذي اورده دانيال بايبس Daniel Pipes رئيس منتدى الشرق الأوسط بأن الإيرانيين أصبحوا أكثر الناس انفتاحًا على الإنجيل، فقد بدأت المسيحية تزداد انتشارا وسط الإيرانيين وتنمو بشكل أسرع مقارنة بأي بلد آخر، في الوقت الذي بدأ فيه الإسلام يعرف انكماشا في إيران فهل يمكن القول بأن بلاد فارس بعد الثورة الإسلامية أضحت أكبر بلد يؤمن بالتعددية الدينية؟ وبالحريات الفردية؟ وهل يتوحد الشيعة الأحرار والسنة الأحرار لمواجهة التنصير في بلاد فارس؟


لعل انتشار المسيحية في بلاد فارس ( إيران) جاء نتيجة الخطاب المتطرف للإسلام الذي فرضه النظام الثيوقراطي، و كان زعيم كنيسة منذ سنتين قد صرّح بأن الإسلام في إيران أصبح غريبا ، و أن المساجد أضحت فارغة، كما يكشف التقرير أن آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية كان أفضل مبشر ليسوع ، وذلك بشهادة إيراني ارتدّ عن الإسلام و أصبح قسا إنجيليا ، و قد بدأ أتباع المسيح في إيران بإنشاء كنائس منزلية صغيرة ، تقام فيها الطقوس المسيحية ، و يطلقون على أنفسهم اسم "مؤمنو الخلفية الإسلامية الإيرانية"، و يؤيدون إسرائيل بشدة ، حتى أن المعتنقين أعربوا عن أملهم في بناء "كنيسة مقاومة " في إيران لمواجهة تهديدات النظام لإسرائيل، وقد أحصت منظمة "الأبواب المفتوحة" وجود 370 ألفا من مؤمني الخلفية الإسلامية الإيرانية في عام 2013 و 720 ألفا في عام 2020، رغم الحصار الذي يواجهونه من قبل المسؤولين في إيران لكونهم لم يعودوا أقلية، و ذلك من خلال الضغط على دور النشر التي تطبع الأناجيل لوقف عملياتها، مع وضع كاميرات أمنية خارج كنائسهم، فضلا عن حركة الاعتقالات و السجن، يكشف التقرير عن اعتقال أكثر من 300 مسيحي ، و هو الرقم الذي كشفته الأمم المتحدة في عام 2013 ، و توصلت الأمور إلى حد الإعدام ، مثلما حدث مع القس حسين سودماند بتهمة الردة.
تعقيب/ ربما لا أحد يصدق أن إيران التي قامت بأكبر ثورة إسلامية أيام الإمام الخميني في نهاية السبعينيات يتخلى أهلها عن الإسلام و يتركون تشيّعهم و حبهم لآل البيت من أجل اعتناق المسيحية و يحوّلون منازلهم إلى كنائس، ( كما فعلت مجموعة من أبناء منطقة القبائل الكبرى في الجزائر) و هم الذين و بقيادة الإمام الخميني من نشروا بذرة التشيع في العراق ثم وسّعوها إلى باقي دول العالم، و الأخطر من ذلك أنهم اليوم يعلنون تأييدهم إسرائيل، كما جاء في مقال رئيس منتدى الشرق الأوسط، الذي و كما يبدوا أنه يحاول بقلمه صب الزيت على النار، رغم أن مقالاته تلقى اهتمام القارئ العربي من المحيط إلى الخليج، و كنت من المتتبعين لكتاباته، لكن قضية التنصير في إيران تختلف عن القضايا الأخرى في ظل صراع الأديان و الثقافات و الحضارات.
فمثل هذه القضايا تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، خاصة لما يتعلق الأمر ببلاد فارس الدولة الأكثر تمسكا بتعاليم الإسلام و حبا لأهل البيت، أم أن صاحب المقال يريد أن يلفت انتباه الرأي العام بتراجع الإسلام في بلاد المسلمين و يوهمهم بأن المسلمون بلا مبادئ و أنهم يتلونون مثل الحرباء فاليوم مسلمون و غدا ملحدون، و أن الإسلام دين عنف و تطرف، من أجل إثبات أن الخطاب المسيحي خطاب حضاري عكس الخطاب الإسلامي الذي يحث على العنف و سفك الدماء ، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولا إلى الإسلام منذ فترة ما قبل الحداثة مثلما تشير التقارير خاصة في الشرق الأوسط، مما يعكس مركزيته، حيث يحاول علماء الدين في خطاباتهم ضرب أسس الإسلام و يروجون بأن المسلمين أناس متطرفون متوحشون، لا يعرفون إلا سفك الدماء فيما بينهم، خاصة و أن العلاقة بين إيران و الدول العربية علاقة معقدة و يشوبها التوتر، ورغم محاولات الرئيس الإيراني السابق أحمد نجادي في محاربة التنصير في بلاده إلا أنها باءت بالفشل.
ثم السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا لماذا الحديث عن التنصير في إيران في هذا الوقت بالذات بعد مرور أيام فقط عن إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران وانتخاب إبراهيم رئيسي؟ و هو المعروف عنه بأنه رجل دين شيعي محافظ و تعهد في حملته الانتخابية بمحاربة الفساد، أما أن رئيس منتدى الشرق الأوسط يريد القول ان أمام الرئيس الإيراني الجديد مهام أخطر من التي كان ينتظر القيام بها، ليس التوحيد بين المذاهب ( السنة و الشيعة) و فرض التعايش فيما ينهم ،و إنما مهام لا يتحملها إلا رجل "كاريزما" و هي مواجهة الإلحاد و التطبيع مع إسرائيل لاسيما و إيران معروفة بمواقفها السياسية و الدينية منذ الثورة الإسلامية، لعب فيها الإسلام دورا بارزا في صياغة الوعي الجمعي التأليفي يتجاوز حدود القومية العربية إزاء التعامل مع مفهوم الوطن و حدود الدولة الإسلامية.
و الدليل على ذلك أن بلاد فراس أصبحت بعد الفتوحات الإسلامية جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الدولة الإسلامية رغم اتخاذهم فكرة التشيع مذهبا و حمله لواء الدعوة العلوية قبل تحولهم إلى الدعوة للخلافة العباسية، كما ان الثورة الإسلامية في إيران لم تبق حبيسة الحدود الإيرانية الضيقة بل امتدت جذورها بعدما وجدت فتوى "الولاية للفقيه" التفاف الكثير من التنظيمات الإسلامية مثل (منظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة و الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين )، و ظهر ما يسمى بـ: " تثوير الإسلام" ، و هو عبارة عن توجه إيديولوجي يملك تأثيرا في الدول التي تثق في "رجل الدين" ، لأن رجال الدين كانوا يقدمون حلولا تصطبغ بالقداسة.
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى