الأيام الجميلة سرعان ما تمر، وتبقى كذكري عزيزة محفورة في القلب
الأصدقاء الذين يأتون في عمق المأساة، وزحام الحياة، يشاركونا كل لحظات الوجع ويأخذون بأيدينا إلى باب النور، هم طاقات جعلها الله لنا كي تبعث بالبهجة في حياتنا،
***
كان على عجل كعادته دائما، وكأنه يسابق الزمن، فهو يريد أن ينجز أشياء كثيرة لا تنتهي..
ما بين قراءة بعض الكتب الهامة ، وإتمام مراجعة بعض النصوص التي سيتم الدفع بها للمطبعة، وكذلك مواصلة الكتابة في عمله الأخير، ثم تفحص بعض النصوص التي جاءت إليه بغرض نشرها في مجلة دفقات التي يقوم باصدارها بصفة غير دورية...
وكذلك ميعاد ندوته الأسبوعية بقصر ثقافة مصطفى كامل والتي يترأس مجلس إدارتها
كما أنه لابد أن يفرغ نفسه لبعض الوقت ليلا للقاء الأصدقاء من الأدباء والشعراء الذين مافتئوا يلتقون كل ليلة على مقهى قرناص في حي سيدي بشر...
تلك الأمور لم تمنعه عن تأدية واجبه الأسرى كأب، وجد لابد أن يتواصل يوميا مع أولاده وأحفاده الذين يلتقون به بصفة يومية...
***
كنا على المقهى في انتظاره ولكنه تأخر، عن موعده المعتاد كثيرا ، وبعد أن انصرفت عائدا لبيتي، ، وصل إلى المقهى و العرق يتصبب من كل مسام جسده، بينما يحمل في يديه بعض الأوراق والمستندات،و حقيبة تمتلئ بمستلزمات بيته اليومية، إلا أنه بمجرد أن جلس وقبل أن يتناول كوب الشاي، سقطت يده فجأة إلى جواره، وتوقف عن الحديث ، فقام الشاعر محمود عبدالصمد مفزوعا إليه، محاولا افاقته ظنا منه أنه في إغماءةبسيطة
***
عبد الفتاح كان يضحك كثيرا، ولا تراه إلا مبتسما، و في أصعب المواقف كان يتعامل بعفوية شديدة،
لم يكن يعنيه
سوى الكتابة والإبداع، ونشر أكبر عدد من أعماله الكثيرة التي تنوعت بين القصة والرواية والأبحاث والدراسات النقدية والتاريخية...
المجعرة، الليل وجبروته، طاما وعصفور النن ،البندقداري،المقطوع والموصول، شهوة الموقف المتحرك... وعشرات الأعمال الأخرى
كان يشتعل بالطاقة والحيوية ورغم سنه الذي تجاوز السبعين الا أنه كان يبدو كرجل أربعيني، يكاد يخلو وجهه من التجاعيد، ولا يوجد في خصلات شعر رأسه سوى بضعة شعيرات بيضاء
يتواجد في معظم الندوات والملتقيات الثقافية،، مكوك متحرك بين فعاليات القاهرة والإسكندرية، وأحيانا يذهب إلى بعض الأقاليم لحضور مؤتمر أو مناقشة عمل
يشكل حالة من البهجة والمرح في أي مكان يتواجد به...
سألته يوما ونحن في المقهى ألا تخشى الموت؟!
ابتسم ابتسامة كبيرة ، ثم رجع للوراء قليلا مسندا رأسه على أعلى
مسند مقعده الخشبي ، واغمض عينيه للحظات قصار ثم همس : هكذا سيكون الموت، ستخرج الروح في هدوء. وبعدها يتوقف كل شيء تماما.
***
كان يحب الحياة بكل تفاصيلها وأحوالها، يعشق الناس جميعا، ولا يكره شيئا في الدنيا إلا الوحدة
وخاصة بعد رحيل رفيقة عمره التي خلفت بموتها في نفسه أثرا لم يندمل حتى لحق بها
لما كنت في بيته فوجئت بأن صورها، وكل ملابسها ومتعلقاتها لازلت موجودة في كل مكان ، رغم مضى سنوات عدة على رحيلها، ولما سألته، قال ببساطة :
هي في الحقيقة لم ترحل، هي موجودة معي هنا.
وأشار إلى قلبه.
. ***
كان عبد الفتاح معروفا بغزارة إنتاجه إلى الحد الذي جعل بعض النقاد يتهمونه بأنه كلما دخل ليقضي حاجته في دورة المياه يخرج ومعه كتاب جديد من تأليفه،
وكم كانت تؤلمه تلك الكلمات، ولكنه كان يظهر عكس مايبطن فيتناول الموضوع بسخرية، ويبتسم بعد أن يضحكنا جميعا كعادته.
قال لي يوما ونحن جالسان على المقهى :
أتدري يا صديقي،إن مخطوطاتي الكثيرة ، هي حصيلة سنوات عمري كله، نتاج خبرات عشرات السنين... ما لا يعلمه أولئك الذين يهاجموني ، أنني أكتب منذ أكثر من أربعين عاما، المشكلة فيهم وليست عندي أنا..
والحقيقة إن عبدالفتاح كان ماكينة كتابة وقراءة، فهو عود نفسه يوميا على عدة ساعات محددة للكتابة يعقبها قراءة حرة في أي موضوعات أدبية أو سياسية أو حتى تاريخية...
برنامج وضعه عبدالفتاح لنفسه، ولم يتخل عنه منذ عشرات السنين، فكان طبيعيا أن ينتج كل هذا الكم من الإبداعات القيمة...
***
عرفت عبدالفتاح منذ اكثر من ثلاثين عاما، ولكن توثقت صلتي به كثيرا يوم وقف إلى جواري في أهم مراحل حياتي الإبداعية ، وهو يوم انعقاد ندوة كبرى لكتابي الأول أحذية وكلمات
ولولا مؤازرته لي لكنت قد توقفت عن الكتابة تماما ، صدرت هذه المجموعة عن دار الوفاء ، و قد تم نشرها رغم أنف البعض.
وحققت مفاجأة طيبة، في الوسط الثقافي السكندري، كنت أجدها في يد بعض الأدباء ممن لا يعرفوني، فلم أكن في هذا الوقت معروفا سوى لرواد ندوة الاثنين فقط، فيناقشوني في جماليات وبراعة حبكتها وجرأة أشكالها الفنية وينصحوني أن أشتري الكتاب حتى أتعلم وأتقن صنعة الكتابة وكنت لا أفصح عن هويتي وأستمر معهم في جدالهم!!
أخبرني عبدالفتاح مرسي أن أحد قصصها (قصة الأستاذ) ، قد سرقها كاتب سكندري معروف وأعد عنها سيناريو لفيلم، وقبض عن ذلك السيناريو مبلغا محترما ، ظننت أنه يبالغ في اتهامه له، حتى اعترف لي الأديب نفسه، بمنتهى البساطة والبرود أيضا.
تمت عدة محاولات للتعتيم على المجموعة ومحاولة قتلها معنويا وحجبها عن الظهور في المنتديات الأدبية...
ورفض مناقشتها في أي قصر من قصور الثقافة في الثغر.
حتى أنني أصبت بحالة إحباط شديدة، وفي يوم ما طلب مني الناقد الشهير عمل لقاء على المجموعة، ولم أكن أعلم أنه يدبر لي مكيدة أمام جمع كبير من كوكبة الكتاب والنقاد في الإسكندرية ،وما أن بدأت الندوة وأمسك الناقد الشهير بالميكروفون حتى انهال على توبيخا وتقليلا، وفي النهاية حكم على المجموعة، و صاحبها بأنهما دون المستوى...
ولما قلت له :
أنت بنفسك أشدت بهذه القصص من قبل، بل إنك من ساعدني في اختيارهم من مجمل كتاباتي القصصية وجمعهم في كتاب واحد.
فقال لي صديق الناقد ، وقد كان جالسا إلى جواره على المنصة، وهو كاتب سكندري شهير أيضا :
هو حر في رأيه... حين أشاد بقصصك من قبل كان فقط بغرض تشجيعك وليس لكي تقوم بإصدار كتاب... لسه بدري قوي عليك.
.
كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي و توقفت تقريبا عن الكتابة، وابتعدت عن كل الفعاليات الثقافية ..
بعد عدة أشهر ، فوجئت بدراسة أدبية رائعة عن الكتاب منشورة في دورية محترمة يشيد بالمجموعة فيها عبدالفتاح مرسي حتى أنه وصف بعض قصصها بأنها تفوقت في مستواها الفني على قصص لكبار كتاب القصة في الوطن العربي ، وعندما اتصلت به لأشكره فوجئت به قد ترك ندوة الاثنين ولم يعد واحدا من روادها ...
كنت في هذا الوقت في القاهرة صدفة، فذهبت مع أحد أصدقائي من الشعراء القاهريين لمدير تحرير مجلة ثقافية عريقة ، فطلب مني بعض أعمالي للإطلاع عليها فتركت عنده ثلاث قصص كنت قد كتبتهم قبل صدور كتابي الأول ،ولكني، لم أضمهم للكتاب نظرا لضعف مستواهم الفني حسب رؤية ناقدي الشهير ، الذي وصف هذه القصص بأنها مجرد بدايات لم تكتمل فنيا، وفاجأني مدير التحرير بنشر الثلاث قصص في ثلاثة أعداد متتالية .
مما أحدث ضجة كبيرة في الثغر.، وجعل الجميع يتساءل؛ كيف ينشر هذا الفتى في تلك الدورية العريقة، وهو لم يفلح حتى في نشر قصة واحدة في أي دورية سكندرية ؟!
بعد عودتي للاسكتدرية ،اتصل بي تليفونيا عبد الفتاح مرسي ،ودعاني مع الراحلين كمال عمارة ، وعبد النبي كراوية كي انضم إليهم في قصر ثقافة مصطفى كامل وكانوا قد كونوا جناحا آخر موازيا لجناح ندوة الاثنين، يضم كوكبة من الكتاب : محمد الفخرانى، سمير حكيم ،محمد عباس، جميل متى، محمد حمدي، عصام حمودة، يحي فضل سليم ،ضياء طمان ،أشرف دسوقي،نبيل شاهين، أحمد مبارك، حميده عبدالله، د رمضان الصباغ، أنور جعفر، ولفيف محترم من الكتاب...
وكنت أعلم انهم في حالة تنافسية شديدة مع ندوة الاثنين العريقة، التي هي ندوتي الأصلية،.
أصر عبدالفتاح مرسي على الدفع بي ثانية إلى فعاليات الحياة الثقافية في الثغر، وقام محمد الفخرانى بكتابة مقالة نقدية كبيرة فضح فيها كل من هاجموني واتهمهم بالجهل، وتم نشر المقال في مجلة سكندرية تابعة للثقافة،إلا أنها نشرت بتوقيع عبدالفتاح مرسي، مما أحدث ضجة كبيرة..
ولم يتركني عبدالفتاح حتى
، قررت الانضمام إليهم،
ولا تكاد تمر بضعة أشهر ، إلا ويتم عقد لقاء أدبيا كبيرا لمناقشة أحذية وكلمات، وفي مفاجأة كبرى يأتي الناقد الشهير ليكون المناقش الرئيس للعمل ، وفي نهاية الندوة يحيبني ذلك الناقد ثم يشد بحرارة على يدي وهو يعلن أسفه على كل ماقاله في حقي سابقا، بعد أن ألقى باللوم على من دفعوه دفعا لفعل ذلك، مشجعا اياي، ومطالبا اياي بعدم التوقف عن الكتابة
وتوطدت عرى الصداقة بيني وعبدالفتاح
فكنا نلتقي بصفة يومية، تشاركنا في إصدار مطبوعات و دوريات
راجعنا معا عشرات القصص والروايات، ما أن يقتني أحدنا كتابا حتى يتبادله مع الآخر...
نقرأ لبعض مخطوطات أعمالنا وكل واحد منا يبدي للآخر ملاحظاته، وأذكر أن غضب مني يوما بسبب
اهتمامي بكتابة الحوار بينما كان هو يهتم بالسرد والوصف ولا يلتفت إلى الحوار إلا بنسبة ضئيلة، ولم يفصل بيننا يومها سوى صديقنا المشترك الكاتب والناقد محمد الفخرانى.
الذي صاح بنا : طالما حدث خلاف بينكما ، إذن فلنطبق القاعدة النقدية التقليدية، الثلث للوصف، والثلث السرد، والثلث للحوار.
***
سافرنا إلى القاهرة وحضرنا العديد من الندوات والمؤتمرات، وذهبنا معا إلى حديقة الحيوان، ومسجد السيدة زينب،
حتى عندما اشتري عبدالفتاح شقة في محافظة الجيزة كان يدعوني كثيرا للسفر معه والطواف على أصنام القاهرة من المبدعين والكتاب ودور النشر ورؤساء التحرير الذين يقررون من يستحق النشر ومن لا يستحق، وهو كان يعلم جيدا أن القاهرة ليست إلا سوق وسوء أيضا كبير، وتلك هي عبارته الشهيرة سوق وسوء، وأنها هي من تتحكم بكل جبروت في حياة المبدع بينما تعامل الإسكندرية بجلالة قدرها وهي في الأصل عاصمة الثقافة في العالم، بصفتها كإقليم متواضع شأنها شأن باق المحافظات.
كثيرا ما كنا نتعارك، ونختلف نقديا،وحين نغضب نتخاصم، ولكن كل واحد يظل على عادته اليومية في الذهاب إلى مقهى قرناص، و كنت أجلس على منضدة أخرى غير التي يجلس عليها أطمئن عليه وأحادث بعض الأصدقاء من رواد المقهى ثم أنصرف...
وكان هو يفعل نفس الشيء...
الأمر العجيب أن عبدالفتاح نفسه لاحظ ذلك فقال لي؛
أنا أعلم أنك حتى في خصامك كنت تأتي لتراني وتطمئن على حتى بدون أن تلقى لي بالتحية .
لم أجيبه فأردف، وهو يضحك : أنا أيضا كنت أفعل ذلك!!
كنا في شجارنا وخصامنا مثل الأطفال، وكان دائما يقول لي :
أكتب ولا تتوقف عن الكتابة، لابد أن يكون لديك رصيد كبير من الأعمال الجيدة،، ويوما ما سيتم تقديرك، وستلاحقك يوما المجلات والدوريات ودور النشر، ساعتها لابد أن تكون جاهزا،بأكبر قدر من الإبداعات الجيدة.
هو الذي دفع بالعديد من كتبي إلى المطبعةبحكم صلته الطيبة بالعديد من أصحاب المطابع ، وهو الناشر لمسرحيتي رجل الخوف، والحب والوهم...
كان يقول لي :
عندما تفرح أكتب... عندما تحزن... عندما تبكي... أكتب ولا تترك مشاعرك تهرب منك...
لا تدع أحد يعطلك عن الكتابة.
كنا نتحدث في أدق أمور حياتنا الشخصية، وكان يردد دائما :
، أنت مثل مدحت ابني تماما.
كثير من المواقف التي رويتها له طلب مني تسجيلها وتحويلها إلى قصص، فكان يلفت نظري إلى الكثير من الأفكار والمواضيع الجيدة والتي ربما تمر على دون أن أدرك قيمتها...
وحين فشلت في حبي الأول، أظلمت الدنيا في عيني ولم يخرجني ثانية إلى نور الحياة، سوى صداقة عبدالفتاح مرسي الذي لازمني في تلك الفترة كمثل ظلي، ولم يتركني حتى عدت كمثل سابق عهدي، ولما مات أبي ضمني إليه بشدة وطلب مني أن أغرق نفسي في الكتابة والإبداع، كان يحاول دائما معي، وبشتى الطرق أن أتجاوز كل أحزاني.
***
رحل عبدالفتاح مرسي ماكينة الكتابة، وشلال الضحك وعامود الأمل والإصرار...
رحل صديقي الغالي ورحل معه جزء جميل، وعزيز، وغال جدا من حياتي
رحل عبدالفتاح قبل أن يكمل طباعة بقية أعماله،
وقبل أن ينهي روايته الأخيرة، ليتبقي في مكتبه العديد من المخطوطات التي لم، ولن تظهر للنور قط.
وللغرابة الشديدة مات عبد الفتاح على كرسيه المفضل في مقهى قرناص، وبنفس الطريقة التي وصف لي بها الموت...
بنفس ابتسامته بالضبط...
فهذا عين ما حدث له!!
و فوق نفس المقعد الذي أدى عليه مشهدا تمثيليا للموت، ،
فقط أسند رأسه إلى الخلف أعلى مقعده الخشبي و اغمض عينيه، وهو مبتسم ثم صمت إلى الأبد.
ولكن في هذه المرة كان أداء عبدالفتاح حقيقيا وليس تمثيليا...
صاح الشاعر محمود عبد الصمد ؛
لا إله إلا الله ، استدعوا مدحت ابنه بسرعة
لم يمت عبد الفتاح وحيدا كما كان يخشى دائما...
مات على مقهى قرناص.
وسط أصدقائه ومحبيه، وسط جيرانه وزملائه من الأدباء والشعراء....
***
ابنتي مريم دوما تقول لي :
أبي أنا لم أشاهدك أبدا تبكي، إلا مرة واحدة، بعد موت صديقك عبدالفتاح مرسي..
والأمر العجيب هو أنني بكيت كثيرا،قبل وبعد رحيل صديقي، ولكن يبدو أن بكائي على عبدالفتاح كان مختلفا
***
الكلمات الصادقة والقرب والمشاركة بين الجميع يصنع عالما جميلا، يخفف من رتابة وخشونة الواقع ويولد الأمل الذي يجعلنا نستمر،،،
وحين يذهب الأصدقاء والمحبون تنكشف لنا الحياة بصورتها المجردة فنشعر بقسوتها وعبثيتها وتقل قيمتها ومستوى تعلقنا بها كثيرا...
وتظهر غيوم الحيرة، وينتشر ضباب اليأس ويضرب العبث بقسوة في انتطار أو توقع كل لحظة آتية.
كتاب عالميون، و فنانون عظماء، ومفكرون عباقرة زعماء اسطوريون......
جاءوا وصنعوا لنا حالات رائعة شملت الكون كله وقدمت لنا مساحات كبيرة من السعادة والبهجة،
وسرعان ماتنتهي الحالة ويرحلون ويتبقى لنا في النهاية مجرد ذكرى....
ذكرى ذهبية في عمر الزمن، منحتنا وتظل تمنحنا جوائز إنسانية بتوقيعات لأصابع الزمن...
تمسكوا بهذه اللحظات...
تمسكوا بالأصدقاء والمحبين الحقيقين
تمسكوا بفنانين وعلماء ومفكرين لازالوا يصنعون لكم عوالم موازية تخفف من قسوة واقعكم وتمنحكم الأمل والجمال والسعادة...
اعطوا الجميع حقهم واعترفوا بفضلهم عليكم، وخذوا بيدهم، فهم أيضا يحتاجون إليكم ربما أكثر من احتياجكم لهم .
الحياة اقصر مما تتخيلون!!
تمسكوا ببعض جميعا قبل أن تمضوا....
. وتبقى فقط منكم مجرد سيرة أو ذكرى.
.
الأصدقاء الذين يأتون في عمق المأساة، وزحام الحياة، يشاركونا كل لحظات الوجع ويأخذون بأيدينا إلى باب النور، هم طاقات جعلها الله لنا كي تبعث بالبهجة في حياتنا،
***
كان على عجل كعادته دائما، وكأنه يسابق الزمن، فهو يريد أن ينجز أشياء كثيرة لا تنتهي..
ما بين قراءة بعض الكتب الهامة ، وإتمام مراجعة بعض النصوص التي سيتم الدفع بها للمطبعة، وكذلك مواصلة الكتابة في عمله الأخير، ثم تفحص بعض النصوص التي جاءت إليه بغرض نشرها في مجلة دفقات التي يقوم باصدارها بصفة غير دورية...
وكذلك ميعاد ندوته الأسبوعية بقصر ثقافة مصطفى كامل والتي يترأس مجلس إدارتها
كما أنه لابد أن يفرغ نفسه لبعض الوقت ليلا للقاء الأصدقاء من الأدباء والشعراء الذين مافتئوا يلتقون كل ليلة على مقهى قرناص في حي سيدي بشر...
تلك الأمور لم تمنعه عن تأدية واجبه الأسرى كأب، وجد لابد أن يتواصل يوميا مع أولاده وأحفاده الذين يلتقون به بصفة يومية...
***
كنا على المقهى في انتظاره ولكنه تأخر، عن موعده المعتاد كثيرا ، وبعد أن انصرفت عائدا لبيتي، ، وصل إلى المقهى و العرق يتصبب من كل مسام جسده، بينما يحمل في يديه بعض الأوراق والمستندات،و حقيبة تمتلئ بمستلزمات بيته اليومية، إلا أنه بمجرد أن جلس وقبل أن يتناول كوب الشاي، سقطت يده فجأة إلى جواره، وتوقف عن الحديث ، فقام الشاعر محمود عبدالصمد مفزوعا إليه، محاولا افاقته ظنا منه أنه في إغماءةبسيطة
***
عبد الفتاح كان يضحك كثيرا، ولا تراه إلا مبتسما، و في أصعب المواقف كان يتعامل بعفوية شديدة،
لم يكن يعنيه
سوى الكتابة والإبداع، ونشر أكبر عدد من أعماله الكثيرة التي تنوعت بين القصة والرواية والأبحاث والدراسات النقدية والتاريخية...
المجعرة، الليل وجبروته، طاما وعصفور النن ،البندقداري،المقطوع والموصول، شهوة الموقف المتحرك... وعشرات الأعمال الأخرى
كان يشتعل بالطاقة والحيوية ورغم سنه الذي تجاوز السبعين الا أنه كان يبدو كرجل أربعيني، يكاد يخلو وجهه من التجاعيد، ولا يوجد في خصلات شعر رأسه سوى بضعة شعيرات بيضاء
يتواجد في معظم الندوات والملتقيات الثقافية،، مكوك متحرك بين فعاليات القاهرة والإسكندرية، وأحيانا يذهب إلى بعض الأقاليم لحضور مؤتمر أو مناقشة عمل
يشكل حالة من البهجة والمرح في أي مكان يتواجد به...
سألته يوما ونحن في المقهى ألا تخشى الموت؟!
ابتسم ابتسامة كبيرة ، ثم رجع للوراء قليلا مسندا رأسه على أعلى
مسند مقعده الخشبي ، واغمض عينيه للحظات قصار ثم همس : هكذا سيكون الموت، ستخرج الروح في هدوء. وبعدها يتوقف كل شيء تماما.
***
كان يحب الحياة بكل تفاصيلها وأحوالها، يعشق الناس جميعا، ولا يكره شيئا في الدنيا إلا الوحدة
وخاصة بعد رحيل رفيقة عمره التي خلفت بموتها في نفسه أثرا لم يندمل حتى لحق بها
لما كنت في بيته فوجئت بأن صورها، وكل ملابسها ومتعلقاتها لازلت موجودة في كل مكان ، رغم مضى سنوات عدة على رحيلها، ولما سألته، قال ببساطة :
هي في الحقيقة لم ترحل، هي موجودة معي هنا.
وأشار إلى قلبه.
. ***
كان عبد الفتاح معروفا بغزارة إنتاجه إلى الحد الذي جعل بعض النقاد يتهمونه بأنه كلما دخل ليقضي حاجته في دورة المياه يخرج ومعه كتاب جديد من تأليفه،
وكم كانت تؤلمه تلك الكلمات، ولكنه كان يظهر عكس مايبطن فيتناول الموضوع بسخرية، ويبتسم بعد أن يضحكنا جميعا كعادته.
قال لي يوما ونحن جالسان على المقهى :
أتدري يا صديقي،إن مخطوطاتي الكثيرة ، هي حصيلة سنوات عمري كله، نتاج خبرات عشرات السنين... ما لا يعلمه أولئك الذين يهاجموني ، أنني أكتب منذ أكثر من أربعين عاما، المشكلة فيهم وليست عندي أنا..
والحقيقة إن عبدالفتاح كان ماكينة كتابة وقراءة، فهو عود نفسه يوميا على عدة ساعات محددة للكتابة يعقبها قراءة حرة في أي موضوعات أدبية أو سياسية أو حتى تاريخية...
برنامج وضعه عبدالفتاح لنفسه، ولم يتخل عنه منذ عشرات السنين، فكان طبيعيا أن ينتج كل هذا الكم من الإبداعات القيمة...
***
عرفت عبدالفتاح منذ اكثر من ثلاثين عاما، ولكن توثقت صلتي به كثيرا يوم وقف إلى جواري في أهم مراحل حياتي الإبداعية ، وهو يوم انعقاد ندوة كبرى لكتابي الأول أحذية وكلمات
ولولا مؤازرته لي لكنت قد توقفت عن الكتابة تماما ، صدرت هذه المجموعة عن دار الوفاء ، و قد تم نشرها رغم أنف البعض.
وحققت مفاجأة طيبة، في الوسط الثقافي السكندري، كنت أجدها في يد بعض الأدباء ممن لا يعرفوني، فلم أكن في هذا الوقت معروفا سوى لرواد ندوة الاثنين فقط، فيناقشوني في جماليات وبراعة حبكتها وجرأة أشكالها الفنية وينصحوني أن أشتري الكتاب حتى أتعلم وأتقن صنعة الكتابة وكنت لا أفصح عن هويتي وأستمر معهم في جدالهم!!
أخبرني عبدالفتاح مرسي أن أحد قصصها (قصة الأستاذ) ، قد سرقها كاتب سكندري معروف وأعد عنها سيناريو لفيلم، وقبض عن ذلك السيناريو مبلغا محترما ، ظننت أنه يبالغ في اتهامه له، حتى اعترف لي الأديب نفسه، بمنتهى البساطة والبرود أيضا.
تمت عدة محاولات للتعتيم على المجموعة ومحاولة قتلها معنويا وحجبها عن الظهور في المنتديات الأدبية...
ورفض مناقشتها في أي قصر من قصور الثقافة في الثغر.
حتى أنني أصبت بحالة إحباط شديدة، وفي يوم ما طلب مني الناقد الشهير عمل لقاء على المجموعة، ولم أكن أعلم أنه يدبر لي مكيدة أمام جمع كبير من كوكبة الكتاب والنقاد في الإسكندرية ،وما أن بدأت الندوة وأمسك الناقد الشهير بالميكروفون حتى انهال على توبيخا وتقليلا، وفي النهاية حكم على المجموعة، و صاحبها بأنهما دون المستوى...
ولما قلت له :
أنت بنفسك أشدت بهذه القصص من قبل، بل إنك من ساعدني في اختيارهم من مجمل كتاباتي القصصية وجمعهم في كتاب واحد.
فقال لي صديق الناقد ، وقد كان جالسا إلى جواره على المنصة، وهو كاتب سكندري شهير أيضا :
هو حر في رأيه... حين أشاد بقصصك من قبل كان فقط بغرض تشجيعك وليس لكي تقوم بإصدار كتاب... لسه بدري قوي عليك.
.
كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي و توقفت تقريبا عن الكتابة، وابتعدت عن كل الفعاليات الثقافية ..
بعد عدة أشهر ، فوجئت بدراسة أدبية رائعة عن الكتاب منشورة في دورية محترمة يشيد بالمجموعة فيها عبدالفتاح مرسي حتى أنه وصف بعض قصصها بأنها تفوقت في مستواها الفني على قصص لكبار كتاب القصة في الوطن العربي ، وعندما اتصلت به لأشكره فوجئت به قد ترك ندوة الاثنين ولم يعد واحدا من روادها ...
كنت في هذا الوقت في القاهرة صدفة، فذهبت مع أحد أصدقائي من الشعراء القاهريين لمدير تحرير مجلة ثقافية عريقة ، فطلب مني بعض أعمالي للإطلاع عليها فتركت عنده ثلاث قصص كنت قد كتبتهم قبل صدور كتابي الأول ،ولكني، لم أضمهم للكتاب نظرا لضعف مستواهم الفني حسب رؤية ناقدي الشهير ، الذي وصف هذه القصص بأنها مجرد بدايات لم تكتمل فنيا، وفاجأني مدير التحرير بنشر الثلاث قصص في ثلاثة أعداد متتالية .
مما أحدث ضجة كبيرة في الثغر.، وجعل الجميع يتساءل؛ كيف ينشر هذا الفتى في تلك الدورية العريقة، وهو لم يفلح حتى في نشر قصة واحدة في أي دورية سكندرية ؟!
بعد عودتي للاسكتدرية ،اتصل بي تليفونيا عبد الفتاح مرسي ،ودعاني مع الراحلين كمال عمارة ، وعبد النبي كراوية كي انضم إليهم في قصر ثقافة مصطفى كامل وكانوا قد كونوا جناحا آخر موازيا لجناح ندوة الاثنين، يضم كوكبة من الكتاب : محمد الفخرانى، سمير حكيم ،محمد عباس، جميل متى، محمد حمدي، عصام حمودة، يحي فضل سليم ،ضياء طمان ،أشرف دسوقي،نبيل شاهين، أحمد مبارك، حميده عبدالله، د رمضان الصباغ، أنور جعفر، ولفيف محترم من الكتاب...
وكنت أعلم انهم في حالة تنافسية شديدة مع ندوة الاثنين العريقة، التي هي ندوتي الأصلية،.
أصر عبدالفتاح مرسي على الدفع بي ثانية إلى فعاليات الحياة الثقافية في الثغر، وقام محمد الفخرانى بكتابة مقالة نقدية كبيرة فضح فيها كل من هاجموني واتهمهم بالجهل، وتم نشر المقال في مجلة سكندرية تابعة للثقافة،إلا أنها نشرت بتوقيع عبدالفتاح مرسي، مما أحدث ضجة كبيرة..
ولم يتركني عبدالفتاح حتى
، قررت الانضمام إليهم،
ولا تكاد تمر بضعة أشهر ، إلا ويتم عقد لقاء أدبيا كبيرا لمناقشة أحذية وكلمات، وفي مفاجأة كبرى يأتي الناقد الشهير ليكون المناقش الرئيس للعمل ، وفي نهاية الندوة يحيبني ذلك الناقد ثم يشد بحرارة على يدي وهو يعلن أسفه على كل ماقاله في حقي سابقا، بعد أن ألقى باللوم على من دفعوه دفعا لفعل ذلك، مشجعا اياي، ومطالبا اياي بعدم التوقف عن الكتابة
وتوطدت عرى الصداقة بيني وعبدالفتاح
فكنا نلتقي بصفة يومية، تشاركنا في إصدار مطبوعات و دوريات
راجعنا معا عشرات القصص والروايات، ما أن يقتني أحدنا كتابا حتى يتبادله مع الآخر...
نقرأ لبعض مخطوطات أعمالنا وكل واحد منا يبدي للآخر ملاحظاته، وأذكر أن غضب مني يوما بسبب
اهتمامي بكتابة الحوار بينما كان هو يهتم بالسرد والوصف ولا يلتفت إلى الحوار إلا بنسبة ضئيلة، ولم يفصل بيننا يومها سوى صديقنا المشترك الكاتب والناقد محمد الفخرانى.
الذي صاح بنا : طالما حدث خلاف بينكما ، إذن فلنطبق القاعدة النقدية التقليدية، الثلث للوصف، والثلث السرد، والثلث للحوار.
***
سافرنا إلى القاهرة وحضرنا العديد من الندوات والمؤتمرات، وذهبنا معا إلى حديقة الحيوان، ومسجد السيدة زينب،
حتى عندما اشتري عبدالفتاح شقة في محافظة الجيزة كان يدعوني كثيرا للسفر معه والطواف على أصنام القاهرة من المبدعين والكتاب ودور النشر ورؤساء التحرير الذين يقررون من يستحق النشر ومن لا يستحق، وهو كان يعلم جيدا أن القاهرة ليست إلا سوق وسوء أيضا كبير، وتلك هي عبارته الشهيرة سوق وسوء، وأنها هي من تتحكم بكل جبروت في حياة المبدع بينما تعامل الإسكندرية بجلالة قدرها وهي في الأصل عاصمة الثقافة في العالم، بصفتها كإقليم متواضع شأنها شأن باق المحافظات.
كثيرا ما كنا نتعارك، ونختلف نقديا،وحين نغضب نتخاصم، ولكن كل واحد يظل على عادته اليومية في الذهاب إلى مقهى قرناص، و كنت أجلس على منضدة أخرى غير التي يجلس عليها أطمئن عليه وأحادث بعض الأصدقاء من رواد المقهى ثم أنصرف...
وكان هو يفعل نفس الشيء...
الأمر العجيب أن عبدالفتاح نفسه لاحظ ذلك فقال لي؛
أنا أعلم أنك حتى في خصامك كنت تأتي لتراني وتطمئن على حتى بدون أن تلقى لي بالتحية .
لم أجيبه فأردف، وهو يضحك : أنا أيضا كنت أفعل ذلك!!
كنا في شجارنا وخصامنا مثل الأطفال، وكان دائما يقول لي :
أكتب ولا تتوقف عن الكتابة، لابد أن يكون لديك رصيد كبير من الأعمال الجيدة،، ويوما ما سيتم تقديرك، وستلاحقك يوما المجلات والدوريات ودور النشر، ساعتها لابد أن تكون جاهزا،بأكبر قدر من الإبداعات الجيدة.
هو الذي دفع بالعديد من كتبي إلى المطبعةبحكم صلته الطيبة بالعديد من أصحاب المطابع ، وهو الناشر لمسرحيتي رجل الخوف، والحب والوهم...
كان يقول لي :
عندما تفرح أكتب... عندما تحزن... عندما تبكي... أكتب ولا تترك مشاعرك تهرب منك...
لا تدع أحد يعطلك عن الكتابة.
كنا نتحدث في أدق أمور حياتنا الشخصية، وكان يردد دائما :
، أنت مثل مدحت ابني تماما.
كثير من المواقف التي رويتها له طلب مني تسجيلها وتحويلها إلى قصص، فكان يلفت نظري إلى الكثير من الأفكار والمواضيع الجيدة والتي ربما تمر على دون أن أدرك قيمتها...
وحين فشلت في حبي الأول، أظلمت الدنيا في عيني ولم يخرجني ثانية إلى نور الحياة، سوى صداقة عبدالفتاح مرسي الذي لازمني في تلك الفترة كمثل ظلي، ولم يتركني حتى عدت كمثل سابق عهدي، ولما مات أبي ضمني إليه بشدة وطلب مني أن أغرق نفسي في الكتابة والإبداع، كان يحاول دائما معي، وبشتى الطرق أن أتجاوز كل أحزاني.
***
رحل عبدالفتاح مرسي ماكينة الكتابة، وشلال الضحك وعامود الأمل والإصرار...
رحل صديقي الغالي ورحل معه جزء جميل، وعزيز، وغال جدا من حياتي
رحل عبدالفتاح قبل أن يكمل طباعة بقية أعماله،
وقبل أن ينهي روايته الأخيرة، ليتبقي في مكتبه العديد من المخطوطات التي لم، ولن تظهر للنور قط.
وللغرابة الشديدة مات عبد الفتاح على كرسيه المفضل في مقهى قرناص، وبنفس الطريقة التي وصف لي بها الموت...
بنفس ابتسامته بالضبط...
فهذا عين ما حدث له!!
و فوق نفس المقعد الذي أدى عليه مشهدا تمثيليا للموت، ،
فقط أسند رأسه إلى الخلف أعلى مقعده الخشبي و اغمض عينيه، وهو مبتسم ثم صمت إلى الأبد.
ولكن في هذه المرة كان أداء عبدالفتاح حقيقيا وليس تمثيليا...
صاح الشاعر محمود عبد الصمد ؛
لا إله إلا الله ، استدعوا مدحت ابنه بسرعة
لم يمت عبد الفتاح وحيدا كما كان يخشى دائما...
مات على مقهى قرناص.
وسط أصدقائه ومحبيه، وسط جيرانه وزملائه من الأدباء والشعراء....
***
ابنتي مريم دوما تقول لي :
أبي أنا لم أشاهدك أبدا تبكي، إلا مرة واحدة، بعد موت صديقك عبدالفتاح مرسي..
والأمر العجيب هو أنني بكيت كثيرا،قبل وبعد رحيل صديقي، ولكن يبدو أن بكائي على عبدالفتاح كان مختلفا
***
الكلمات الصادقة والقرب والمشاركة بين الجميع يصنع عالما جميلا، يخفف من رتابة وخشونة الواقع ويولد الأمل الذي يجعلنا نستمر،،،
وحين يذهب الأصدقاء والمحبون تنكشف لنا الحياة بصورتها المجردة فنشعر بقسوتها وعبثيتها وتقل قيمتها ومستوى تعلقنا بها كثيرا...
وتظهر غيوم الحيرة، وينتشر ضباب اليأس ويضرب العبث بقسوة في انتطار أو توقع كل لحظة آتية.
كتاب عالميون، و فنانون عظماء، ومفكرون عباقرة زعماء اسطوريون......
جاءوا وصنعوا لنا حالات رائعة شملت الكون كله وقدمت لنا مساحات كبيرة من السعادة والبهجة،
وسرعان ماتنتهي الحالة ويرحلون ويتبقى لنا في النهاية مجرد ذكرى....
ذكرى ذهبية في عمر الزمن، منحتنا وتظل تمنحنا جوائز إنسانية بتوقيعات لأصابع الزمن...
تمسكوا بهذه اللحظات...
تمسكوا بالأصدقاء والمحبين الحقيقين
تمسكوا بفنانين وعلماء ومفكرين لازالوا يصنعون لكم عوالم موازية تخفف من قسوة واقعكم وتمنحكم الأمل والجمال والسعادة...
اعطوا الجميع حقهم واعترفوا بفضلهم عليكم، وخذوا بيدهم، فهم أيضا يحتاجون إليكم ربما أكثر من احتياجكم لهم .
الحياة اقصر مما تتخيلون!!
تمسكوا ببعض جميعا قبل أن تمضوا....
. وتبقى فقط منكم مجرد سيرة أو ذكرى.
.
