شريف محيي الدين إبراهيم - المتوحشة

يباغتنى رفيق دربى ،قائلا : صفها لى !!

وتأخذنى الذكريات، ويلفنى شجن عميق... يرسمنى رسما جديدا. يطوح بى لونا غريبا فى الفضاء. يجعلنى ضوءا ونورا .

أو بحراً غريقا .... بلا قرار، بلا شطآن.

وتبعثرنى حيرتى لبرهة، ويتملكنى شرود طويل،ثم أهمس :

جميلة هى !!

شأنها شأن الحياة، تأتى وتمضى خاطفة.

تظهر بين البدايات المتعثرة، وتكمن فى قلب النهايات المفاجئة.

تأخذنى بين ذراعيها كريح عاصفة ،وتبهرنى دوماً بأنوارها الساطعة.

هى صدفة ،ولكنها عميقة عمق الزمن .



خرجت ذات يوم ، بعطرها الساحر ،وقد كشفت عن كل مفاتنها !!

بشرتها وردية مشربة بحمرة،ممشوقة القد،شعرها غجرى ،يتطاير خلفها وكأنه شلال موج هادر.

عيناها بحر عميق لا قرار له.

التف حولها جميع الرجال، وسار خلفها كل أطفال البلدة.

حتى النساء وقفن فى ذهول يرمقنها فى ريبة سرعان ما تحولت إلى غيرة وحسرة مميتة.

كن يتطلعن إلى ردائها الحريري،وقد التصق بجسدها الفائر ،فشف عن صدر نارى ناهد وساقين مرمرين مخروطين بمهارة مدهشة.

حاولن اكتشاف أى عيب ،أو نقيصة بها، ولكن عبثا ، فهى امرأة تتفجر بجمال أنثوى صارخ.

صاحت بعد أن وقفت فوق ربوة عالية:

هل ثمة، أحد منكم، ينشد مطارحتى الغرام؟ !

بوغت جميع الرجال ، لبثوا يهمهمون فى ذهول !!!

بينما ألجمت ألسن النساء، حتى أن بعضهن خرت مغشيا عليها.

كررت سؤالها المدهش :

ألا يوجد بينكم رجل يريد أن يتذوق عسل شفتى؟

تعالت الهمهمات بين الرجال.

زمجر بعضهم غاضبا.

تعالت ضحكات الأطفال.

هرعت كل امرأة إلى رفيقها، التفت بكل حناياها حوله، تشبثت بقوة بجسده.

كررت سؤالها بصوت يمتلئ بالرغبة :

ألا يوجد بينكم من ينشد قضم تفاحتى الناضجتين؟

وينهل من شهد أنوثتى الفائرة؟

ارتبك الرجال ،اضطربوا اضطرابا شديدا من فرط جرأتها،التفتوا إلى بعضهم البعض.

تجمعوا فى حلقة واحدة بعد أن تخلصوا من قبضة نسائهم.

دارت بينهم مناقشات كثيرة.

احتدم الجدال، حاولوا أن يتفقوا ،أن يختاروا واحدا منهم يليق بمثل تلك الأنثى ، سيطر الوجوم على جميع نساء البلدة.

عادت تسألهم بصوت يمتلىء بالجبروت والسخرية:

ألا يوجد بينكم من يستطيع أن يجعلنى أرتجف، من فرط اللذة؟

ألا يوجد بينكم رجل بحق يجعلنى أشعر أنى امرأة؟

شعر الجميع بمرارة الإهانة .

حتى نساء البلدة أنفسهن تمنين أن يخرج لها من يفتك بها، رجل بحق، يفترسها،و يجعلها تذوب منتشية بين ذراعيه، بل تطور الأمر بغرابة شديدة ،أن اندفعت كل واحدة منهن إلى رفيقها، تحثه أن يكون هو البطل المنشود ، ولكن عبثا أن يتحرك للرجال ساكن، فهم لازالوا فى جدالهم وخلافهم يتناحرون، ولازالت هى تكرر سؤالها، بلا مجيب!!



................................

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى