محمود خيرالله - بشرٌ بأحجامٍ دقيقةٍ يكْبُرون في تجاعيدي

بعد كل هذا العمر

فاتني أن أدركَ هذه الحقيقة البسيطة..

أنني بينما كنتُ طوال حياتي أضحك أو أبكي، أفكر أوأبتسم، أُحب أوأكره، أصلي أوأُغني، فاتني أنني بينما كنتُ ألوذ بقلبي، أو أجري في الطريق وحدي، فاتني أن أتذكر وأنا أنحني تحت وطأة الأسقف المُنخفضة، أو أفرد قامتي منتصباً في الثورة، فاتني أن أدرك هذه الحقيقة البسيطة، وهي أنَّ بشراً بأحجامٍ دقيقةٍ يكبرون ـ كل يوم ـ في تجاعيدي، أنّ جيشاً مترابطاً من الجوعى المذعورين، يولدون عادةً من الأفراح والأتراح، من تشقّقات الوجوه وانحناءاتها، هؤلاء الصغار الدقيقين، الذين ينبتون تحت العيون وعلى جانبي الفم، وفي الخطوط الطويلة التي تحملها الرقاب والأيدي، هذه الجيوش التي تبقى في حالة تأهب إلى أن يأتي الموت، ساعتها سوف يبدأون في التهامي على مَهلٍ، قبل أن يبدأوا دورةً حياة كاملة كبشر، يدخلون الأرحامَ، لكن بعضهم فقط هو الذي يُولد حاملاً ملامحي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى