كريم عبد السلام - مقعدٌ هزازٌ عند نهاية العالم*

الذين لم يعرفوا المطر فى حياتهم
الذين عاشوا سنوات طويلة فى الجدب،
الذين لم يعرفوا من الألوان سوى لون الرمال،
الذين ضرب الجفافُ قلوبهم،
فوجئوا بالمطر الغزير
دموع السماء
دموع السماء
إنها نهاية العالم
السماء تبكى على البشر قبل أن تغرقهم
والأرض تلفظ ما عليها غضباً
والبحار الهائجة تلقى ما فىجوفها .
.........
فى بقعةٍ ما
يجلس الرجل الذى خسر أحلامه
على كرسيه الهزاز
يمد يديه إلى قطرات المطر ويبتسم،
لأنه رآه قبل أن يغادر الحياة
اسمه مطر
مطر .. مطر
سحب تهطل
وبراعم تستقبل حبوب اللقاح
وأرض تهتز من رعشة الجماع
ليس دموع السماء
ليس عقاباً للأرض الفاسدة
لكنهم لم يتذكروا ما قرأوه قديما فى الكتب
ما استقر فى أرواحهم عن الخير
لأنهم لا ينتظرون إلا نهاية العالم
...........

أيتها المرأة التى تلطم خديها
اسمه مطر
وإذا مددت يديكِ إليه وأغمضت عينيك
ربما تصلين للنشوة

أيها الرجل الذى شق جلبابه وأهال التراب على رأسه
يمكنك أن تلقى البذور فى الأرض
أن تفتح العالم
وأن تضع الخرائط للمستقبل

وأنت أيها الصبى الذى يبكى
لا تخشْ الموت
لا تخشْ انهيار العالم على رأس أبيك
أو ضياع إخوتك فى الطوفان
ابتسم
بعد قليل ستشرق الشمس
وستغمرك رائحة الأرض النشوانة

أيها العامل بالأجرة
توقف عن العدو والنداء على أبنائك
لن يموت أحدٌ اليوم
انتظرْ
وترقبْ السعادة فى روحك
........

الرجل الذى خسر أحلامه
غادر كرسيه الهزاز وانطلق تحت المطر
ليتحول كما تمنى، إلى غابة من النخيل
تغمر الأفق
وتكسر الرمال الصفراء.


-----------------
* من ديوان " محاولة لإنقاذ جيفارا" يصدر قريبا
**شاعر من مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى