ميلود خيزار - نصوص تتراقص على هامش الشِّعر.

ثمّة نصوص تشتغل على اللّغة، كجزء مهمّ في مشروعها الشّعريّ، و هناك أخرى منشغلة بها (تطلّ على العالم من ثقوبها العمياء)، ليس لهذا "الاشتغال" قانون و لا قاعدة، لكنه يملك رؤية، ليس لـما "يجب" أن تكون عليه اللغة، بل لـما "يمكن" أن يكون عليه "العالم"، شعريّا، بوصفه "فسحة كلام".
الكلام المرتبك أمام الصّورة المنجزة للعالم و المعلّقة على جدار البلاغة، لا يمكنه أبدا أن يخرق حجاب اللغة لينفذ إلى فسحة الكلام (و لا أن يبعث العالم في فجر الصّورة).
الشّعر خطاب نسيان، حالة محو، و فسحة "حلم" بالوجود، و لذلك تحاول خطابات الذاكرة المدجّجة بالصّور المنجزة، الكاملة و النهائية، "خنقة" بمـبرّر الغموض و العبثية و العدميّة. المطمئنون لـما تهمس به لعبة البلاغة، لن يكونوا يوما بحجم ما "تهدر به الحياة" ما لم يراهنوا بكنز "الطمأنينة" ذاته.
أقرأ ما يصادفني و ما أتعثر به و ما أنا مضطر لقراءته من النصوص، منطلقا من فكرة كون كل "إبداع" "استثناءً"، و من كون كلّ "رؤية" خيانة واعية لوهم "الكمال". الكلام الذي لا يكون "هديرا" بين صمتين هو "هدر" لـماء الصّمت، الكلام الذي لا يؤثث وجودا بين عدمين هو نفي للوجود. الكلام الذي لا يجرؤ على ارتكاب "الحلم" هو "ارتباك بليغ" أمام صورة "العدم". الكلام الذي لا يمكنه أن يكون لحم و دم و روح "اللحظة" لا يسعه أن يكون إلا "حُقا" لرماد التاريخ.
نعم، بإمكان "المهارة" أن تستعير عالما غير الذي يستعر في كيانهاـ أن تستحضر عالما غير الذي يمليه حقّ "الحضور" الحيّ للتجربة.
الشّعر الحقيقيّ هو، على مستوى الوعي، صراع مرير على سلطة اللغة، لذلك تمعن "خطابات الإذعان" في استبعاده و تحييده و وصفه بالسّحر و الجنون و الكهانة. الشّعر الحقيقيّ "رهان" على الحرية، لذلك تسعى سلطة الإكراه و "ضبط الرغبة" إلى تطويعه و تسويقه "كحالة" فائضة عن "حاجة المعنى".
لطالما تحسّست ذلك "القلق المشبوه" و هو يتجوّل، أخرس و أعمى، في بيت الشّعر. و لطالما استمتعت برؤية "أصداء الأدب" تتمرغ، بكل وقاحة، في ضوء و في دم الشّعر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى