خالد محمد مندور - رأسمالية الدولة بين القصبجي وإسماعيل ياسين

"هو هو بغباوته" هكذا صاح طيب القلب رياض القصبجي فوقعنا جميعا في غرامهم ، برغم عدم فهم سمعة لصياح القصبجي " مخالي شل " لان اسمة ليس مخالي ، الامر الذى ينطبق على رأسمالية الدولة ، فهي هي في كل البرامج السياسية لكل الأحزاب ذات التوجه الاشتراكي او الناصري حتى ولو غيرنا اسمها واسميناها " مخالي ".
والغريب ،الذى ليس غريبا ، هو انها هي هي ما تتبناه الدولة حتى ولو اسمتها مخالي ، تبنى بحكم الضرورة الاجتماعية والسياسية ، هذا التبني الذى اقر به كبار المفكرين الليبراليين بشكل صريح و اقر به البنك الدولي وان كان قد اسمى ذلك " مخالي ".
ولو توقفنا قليلا عند المنظمات اليسارية والناصرية في سبعينات القرن الماضي ، لن نجد الا نفس رأسمالية الدولة التي كانت تشكل برنامج الحد الأدنى في شعارات الجمهورية البرلمانية او الجمهورية الديمقراطية او حتى جمهورية خالتي او مخالي .
أذن اين الخلاف ؟
الخلاف لم يكن ابدا حول رأسمالية الدولة بل كان في مكان اخر ، مكان يتعلق بشكل الحكم وما يرتبط به من حريات ديمقراطية وفى طريقة توزيع الفائض الاقتصادي وفى الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة ، الامر الذى كان يمكن ان يغير طابع رأسمالية الدولة ، ولم يكن ابدا في تبنى برنامج اجتماعي اشتراكي ، فكل البرامج لم تكن تطرح توسيع التأميم او الغاء العمل الماجور كما لم تطرح ، ابدا ، شعار تأميم الأرض ، بل على العكس كانت تتحدث عن مساندة الإنتاج السلعي الصغير في الزراعة وغيرها من المجالات .
ويتفاقم الخلاف مع التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لتصبح التبعية هي راس الامر وذروة سنامه ، فيصبح الخلاف حول رأسمالية الدولة التابعة ورأسمالية الدولة المستقلة ، الى ان تقود التطورات المتلاحقة عبر سنوات طوال الى تقليص الدولة لدورها في الاستثمار المباشر والى توجهها الى تصفية أصولها الإنتاجية وإدارة الاقتصاد لمصلحة الراس مال الخاص ، خصوصا في الخمسة عشرة عاما الأخيرة قبل 2011 وهو ما أدى الى ازمة اجتماعية شديدة وانفجار الثورة.
لقد كتبت مرارا وتكرارا ان بلادنا تمر بمرحلة انتقالية شديدة الصعوبة وان الاحتمالات مفتوحة ، هذه الاحتمالات التي تمتد الى التوجهات الفكرية والسياسية لدى جميع الأطراف ، وان التناقضات القديمة تعاود الظهور من جديد بشكل اكثر حدة ، وان كانت قد امتدت لتشمل العلاقة بين راس مال الدولة وراس المال الخاص ، فهل نسال " مخالي " كي يجاوبنا أم نتحلى بالرشادة اللازمة لمتابعة ما يجرى بشكل حقيقي يتجاوز الدوجما والنزعة الشعوبية .




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى