بهاء المري - الإرهاب السيبراني

- تمهيد:
شاع استخدام مصطلح (سيبراني) وصار يعني (الإلكترونية) فقد أُصطلح على أن تُطلق كلمة (سيبراني) على كل ما يتعلق بالشبكات الإلكترونية الحاسوبية، وشبكة الإنترنت، فعندما يقال الفضاء السيبراني، فهذا يعني الفضاء الإلكتروني (Cyberspace) أى كل ما يتعلق من قريب أو بعيد بشبكات الحاسوب، والإنترنت، والتطبيقات المختلفة.
وقد استفادت ظاهرة (الإرهاب السيبراني) بشكل كبير وخطير أيضا من الثورة التكنولوجية في وسائل الإعلام والاتصال، بحيث أصبح للتطور التكنولوجي في عصرنا دور إستراتيجي بالغ الأهمية على مختلف الأصعدة وفي شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها. وفي المقابل نجد تفشي ظاهرة الاستخدام غير الشرعي للفضاء الرقمي في ظل معادلة تزاوج ما بين تكنولوجيات الاتصال والمعلومات والإرهاب، والأشكال الجديدة من الحروب. والإرهاب الإلكتروني واحد من التهديدات الأمنية الجديدة والخطيرة، إذ باتت التنظيمات الإرهابية تستغل الفضاء الرقمي كساحة للصراع والتأثير والاستقطاب.
فنجد مختلِف الجماعات الإرهابية والمتطرفة تمتلك مواقع على (الإنترنت)، وبخاصة شبكات التواصل الاجتماعي، وبأكثر من لغة، من أجل التعريف بالتنظيم وتاريخه ومؤسسيه وأنشطته، وخلفياته السياسية والاجتماعية، وأهدافه الفكرية والسياسية، وأحدث الأخبار، ومهاجمة خصومه من المفكرين والعلماء، ومن الحكومات والأجهزة الأمنية وكذلك فعلت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من خلال ميليشاتها الإلكترونية خلال أحداث ثورتي 25 يناير 2011، 30 يومية 2013 من بث أخبار مثيرة ودعوة أتباعها للاعتصام وتشويه صورة الجيش والشرطة والقضاء ومؤسسات الدولة من خلال رسائل مشفرة للمداولات السرية، وتجنيد أعضاء جدد، ونشر ما يبين كيفية شن الهجمات وتصنيع المتفجرات وذلك بقصد ارتكاب جرائم إرهابية ضد الدولة المصرية.
ويهدف الارهاب السيبراني بصفة عامة إلى نشر الخوف والرعب بين الأشخاص والدول، والإخلال بالنظام والأمن العام، وإثارة الرأي العام، وتجنيد الشباب المنتمي للجماعات الإرهابية أو المقتنع بفكرها، أو المتعاطف معها وتدمير البنى التحتية ووسائل الاتصال وتقنية المعلومات، والمساس بسيادة الدول وتهديد أمنها.
فاستخدام الإنترنت في أغراض إرهابية أصبح ظاهرة تتفشى بسرعة بل ويتعدى الحدود الوطنية، فنجد منشورات تصل الجماعات الإرهابية في الداخل عبر الانترنت من تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة يدعون فيها بعض الشباب إلى الانضمام إليهم، بل وتوجيههم إلى ارتكاب جرائم إرهابية بالداخل.
وبالتالي فقد نصت المادة 31 من الدستور المصري 2014 على أن "أمن الفضاء المعلوماتي جزء أساسي من منظومة الاقتصاد والأمن القومي، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه على النحو الذي ينظمه القانون".
وقد تصدى لها قانون مكافحة الإرهاب المصري في المادة 12 منه لهذه الظاهرة، والتي نصت في شطرها الأخير على أن "... وتكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات إذا تلقى الجاني تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدى الجماعة الإرهابية لتحقيق أغراضها أو كان الجاني من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة".

- أركان الجريمة:
تقوم جريمة الإرهاب السيبراني على ركنين، ركن مادي: وآخر معنوي، وركن مفترض هو استخدام شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) في كوسيلة لارتكاب الجريمة.

- الركن المادي:
يتمثل الركن المادي للجريمة الإلكترونية السيبرانية في سلوك مادي يأتيه الجاني للقيام بعمل إرهابي أو جريمة إرهابية كتدمير البنى المعلوماتية للدول، واستهداف المنشآت الاستراتيجية أو الأمنية أو العسكرية، وبث الرعب بين أفراد المجتمع، وإثارة الفتن الطائفية بين فئات الشعب، والترويج للأفكار الإرهابية.

- الركن المعنوي:
ويتمثل الركن المعنوي لهذه الجريمة في القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة، فضلا عن فصد خاص هو قصد الترويع والتخويف، أي علم الجاني بأنه يرتكب جريمة إرهابية، واتجاه إرادته رغم هذا العلم إلى إتيان السلوك المادي المكون لها.

- الركن المفترض:
وتتطلب الجريمة ركنا مفترضا لا تقوم بدونه، وهو استخدام وسائل الاتصال الحديثة وشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) كوسيلة رئيسة لارتكاب الجريمة السيبرانية.



- هوامش:

(1) في القضية رقم 2341 لسنة 2020 أمن دولة طوارئ مركز المنصورة المقيدة برقم 268 لسنة 2020 أمن دولة طوارئ كلي جنوب المنصورة اعترف المتهمون بتواصلهم مع ........ المُكنَّى (أبو عبد الله المجاهد) - القيادي بتنظيم داعش خارج البلاد - عَبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) الذي كلفه بالدعوة لأفكار التنظيم بأوساط مُخالطيه وتأسيس خلية داخل مصر تتبع التنظيم يتولى المتهم الأول قيادتها، لارتكاب الجرائم الإرهابية، عن طريق الإرهاب، وذلك للإخلال بالنظام العام في مصر، وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والأمن القومي، وإيذاء الأفراد وتعريض حياتهم للخطر، وعرقلة السلطات العامة ومصالح الحكومة ودور العبادة وتعطيل أحكام الدستور والقوانين، وزعزعة الأمن في البلاد وإشاعة الفوضى، فعقد المتهم العزم على تأسيس تنظيم إرهابي يتولى إدارته وقيادته، لتنفيذ الأغراض السابقة، فظهرَ أمام المتهمَين الثاني والثالث بمظهر الأخيار، وهو لا يَحمل بين جنباته سوى عوامل الإفساد والمَضَرة، وعقد لهما لقاءات بمسكنه وعبر شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أحاطهما فيها بأفكار وأهداف التنظيم الإرهابية، وأمدهم بمطبوعات وإصدارات مما تصدر عن التنظيم المذكور تُزكِّي ما دعاهما إليه، ولما اقتنعا واعتنقا ذات الفكر خلُصوا إلى بعضهم نَجيا، وخطط الأول من منطلق أنه قائد الخلية الإرهابية التي أنشأها من ثلاثتهم؛ لتنفيذ أغراض التنظيم الإرهابية، ولسبق علمه بخدمة المتهم الثاني في اللواء 182 مظلات بأنشاص بمحافظة الشرقية، كلفه برصد وإعداد رسم توضيحي لهذا الموقع العسكري موضحًا به أماكن تخزين الأسلحة والذخائر، وأماكن نقاط المراقبة، ومحال إقامة قادته لاستهدافه وسرقة الأسلحة والذخائر لنقلها إلى بئر السبع في سيناء لاستخدامها في عملياتهم الإرهابية المزمع ارتكابها، ولما جمعوا تلك المعلومات وأمدوا بها تنظيمه الإرهابي الذي أسسه، احتفظ بها على حاسوبه هي وصور للقادة المشار إليهم ولنقاط المراقبة، وتخابَر مع قيادي تنظيم داعش بالخارج - سالف الذكر - وأمده بها تمهيدا لربطه بعناصر أخرى تتبع التنظيم داخل مصر لمعاونته هو وتنظيمه في اقتحام المقر واستهداف قياداته، وبناء على تكليفه من قيادي داعش بالخارج برصد ارتكاز أمني بنطاق محافظة الجيزة وكذا ضابط بقطاع الأمن الوطني بغرض استهدافهما، تمكن المتهمون من رصد ضابط بقطاع الأمن الوطني وتحديد محل إقامته وعمله ومواعيد غدوه ورواحه، ورقم هاتفه، واسمه الحركي، لاستهدافه لسبق عمله في مكافحة العناصر المتطرفة.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى