كمال أبو النور - يدُكَ في خِزانةِ ملابسي

لم يكن أبي نبيًّا
كان أبي ابتسامةَ اللهِ في وجوهِنا
حين نسمعُ أطفالَنا يصرخون،
وهم ينزلقون من الرحم.
طفولتي طعنةٌ غادرةٌ؛
ولذلك أنامُ بنصفِ عينٍ
ثمةَ نارٌ هائلةٌ
تنتظرُ أن أستغرقَ في النوم
منذ رحلَ أبي.
أبي لم يمت
مازالت روحُهُ معلقةً في خُطواتي،
وأقدامي عصيةٌ على الكسر،
وإلقائي في البئر محاولةٌ فاشلةٌ
لي صفحة مخفيةٌ في كِتَابِ الرَّبِّ
لم يطَّلعْ عليها أحدٌ من القتلة.
وهم يأخذون أبي إلى قبرهِ
تعلَّقتُ بذراعهِ اليمنى،
وقلتُ: اتركوها لي؛
نومي عصيٌّ وقليل
وهذه وسادتي،
واسمي محفورٌ عليها
هذه ميراثي الوحيدُ
أبي الذي كان يمشي كطَودٍ
لم تبقَ من جثتهِ
إلا ذراعُهُ اليمنى
وكلما فارقني النومُ،
وانتفخَت عيناي؛
استدعيْتُ ذراعَ أبي
التي لم تخذلْني يوما.
تعلمُ ياأبي أنَّ لي ثلاثَ فتياتٍ،
وهنَّ يتصارعْن للنوم
فوق ذراعي اليمنى؛
فعذرا ياأبي
سأضعُ يدَكَ في خِزانةِ ملابسي،
وأُقبِّلُها كلَّ صباحٍ كما كنتُ أفعلُ،
ولا تحزن تركتُ لهنَّ وصيتي
بأن أُدفَنَ دون ذراعي،
وأن يتناوبْن عليها في الليلةِ الواحدةِ،
وأن تُدفَنَ ذراعُكَ معي
كمحبةٍ من السماءِ
تُربِّتُ على قبري.
------------------------------
كمال أبو النور

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى