علجية عيش - غياب رجل "الإجماع" يعيد الصراع داخل حزب جبهة التحرير الوطني

مع اقتراب موعد المؤتمر الحادي عشر في فيفري 2022

عاد الصراع القديم بين القياديين في حزب جبهة التحرير الوطني إلى السطح من جديد عندما خرجت أصوات تطالب بتنحية الأمين العام أبو الفضل بعجي و انتخاب قيادة جديدة رافقتها استظهار العضلات و إبراز القوة الجسدية على قوة العقل ، حيث تميزت بأجواء مشحونة كادت أن تكون النتيجة بنهاية دموية لولا تدخل الأمن الذي هدأ من الوضع، هي نفس الصورة التي رسمها المتخاصمون أيام الإطاحة بالأمين العام عبد العزيز بلخادم و الصدام الذي وقع بينه و ين سعيداني خلال دورة اللجنة المركزية كان فيها الحزب في حالة لا يحسد عليها ( تشتت و تمزق وانقسام) عندما منع عبد العزيز بلخادم و مناصروه من دخول قاعة المؤتمرات و حدث ما حدث، ليس جديدا على حزب جبهة التحرير الوطني أن يصطدم في هكذا صراعات منذ ظهور التعددية إلى اليوم، فرغم ما مر على الحزب من مؤتمرات كانت في مضمونها فاشلة، و مما لا شك فيه أن السبب يعود إلى غياب رجل "الإجماع" الذي يمكنه من إصلاح الوضع و إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، فقد شهد الحزب منذ رحيل المجاهد عبد الرزاق بوحارة حالة لا استقرار، أو منذ الإطاحة بالأمين العام الأسبق عبد الحميد مهري إن صح ، وقد وصلت الأمور إلى غاية العدالة.
ما يلاحظ أن هذه الصراعات غيبت الكثير من الأسماء الثقيلة التي كان لها وزن داخل الحزب وخارجه، على غرار قياديين معروفين منهم مجاهدين مثل عبد الرحمن بلعياط، قاسة عيسي، و آخرون مثل جمال بن حمودة، دعدوعة العياشي و غيرهم الذين تبنوا خط المعارضة من أجل إصلاح الاعوجاج ، و هؤلاء لازالوا مصرين على مواقفهم بضرورة تطهير الحزب من الدخلاء ، المسألة كما يرى ملاحظون لا تتعلق بالمناصب ومن له الحق في إصدار القرارات أو من يكون الزعيم، بل تتعلق بالأفكار و البرامج و الثقافة السياسية، هذه العناصر الثلاثة التي لم يعد لها وجود لدى الأحزاب السياسية، خاصة بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني الذي لا تزال جدرانه تحتضن أسماء من الرعيل الأول، منهم من يمتلكون مؤهلات قيادية، لكنهم لزموا الصمت، إلى أن تعفن الوضع، و بات إخوة الأمس أعداء، مما سهل على الدخلاء أن يعبثوا بتاريخ الجبهة و نضالات الرجال و تضحياتهم ، حتى أصبحت على كل لسان بأنها المتسبب الوحيد في الأزمة التي تمر بها الجزائر طيلة العشرين سنة الماضية، و هي التي كانت قادرة على أن تخطو خطوات جبارة في مختلف الميادين، طالما هي الحزب الحاكم في البلاد، لكن يحدث العكس.
ماهي الحلول لإعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية كما يقال؟، بعدما تغلغل الفساد، جعل الجزائر تعيش الاضطرابات في ظل الظرف الصحي الذي تمر به البلاد و بدلا من أن تقوم الأحزاب و على رأسها حزب جبهة التحرير الوطني بمبادرات من شأنها تخفف الأزمة التي تمر بها البلاد و هي التي لها وعاء ممتلئ من الإطارات و الكوادر الوطنية في مختلف المجالات الاقتصادية و الاجتماعية وحتى السياسية ، لكنها تغرق في الصراعات و الإنقاسامات و لم تحاول يوما أن تغير من الوضع بعد غياب رجالها الذين أقصوا بفعل فاعل و همشوا و أبعدوا عن الساحة، من قبل فئة تناضل بالمال و تسيطر على معظم المناصب الحساسة في الدولة ، استطاعت أن تشتري الذمم ، وتتاجر بتاريخ الحزب و نضالاته ، و تمارس المحسوبية و الرشوة بعد أن كانت الثورة قد قضت عليهما نهائيا، هي المؤامرة على الأفلان لتشويه ماضيه العريق، و هو الذي كان يحسب له ألف حساب.
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى