هيثم الأمين - خبر غير عاجل

النّافذة تستغيث...
بكلتا دفّتيها تلوّح لريح عابرة؛
الريح تطارد شجرة رفضت أن ترتدي فستانها الأصفر؛
الشّجرة الهاربة تدرّب عصفورتين على القتال
و خلسة، تعقد صفقة مع قطّ جائع !!
يقول "لويس"،
الفرنسيّ المقيم بقريتنا و هو يركن درّاجته الهوائيّة:
"أنا.. الخريف.. أكره"
-هكذا عرّبها مراهق يحلم بالهجرة لصاحب البقالة-
النّافذة تستغيث...
تتعرّى من ستائرها ليعرفها الضّوء !
على قارعة الضّوء،
رجلان بجسد واحد يمارسان الحبّ مع امرأة تعجّ بالوحدة؛
الضّوء يحكّ ظهره على جذع شجرة
فتهدأ حكّة الظّلال الرّاقصة خلف النّوافذ
و يسقط منه رجل بجسدين !
يقول جسد الرّجل لجسده الآخر:
"أنت لست طريقا لتولد من صلبك نهايات بأبواب سعيدة"
يقول جسده الآخر:
"و أنت.. لست إلّا جسده في حكاية قديمة.. لا أكثر
فلا تقترف جرأة الحضور
حتّى لا تُسقِطَك الأضداد"
النّافذة تستغيث...
يصرخ الكرسيّ الفارغ:
"اصمتي، أريد أن أتابع الأخبار..."
على شاشة التلفاز، مسؤول حكوميّ رفيع المستوى
يَعِدُ بالقضاء نهائيّا على الفقراء
-يظنّها الكرسيّ الفارغ زلّة لسان
و يضحك الرّجل المسافر في صورة معلّقة على الجدار-
يَعِدُ بمحاربة أعداء الوطن و المهاجرين غير الشّرعيين
و يبشّر ببناء سجون جديدة تلبّي متطلّبات العصر من أجل حياة أفضل لزبائنها !
في غرفة النّوم الصغيرة امرأة؛
امرأة تغنّي " بحبّك يا حمار"
و ترتّب جسدها ليكون حقائب سفر؛
الحمار في الحمّام..
أقصد
رجل في الحمّام يغتسل من امرأة تعجّ بالوحدة،
يفرك جلده ليمحو كلّ القبلات العابرة،
يدندن أغنية فرنسيّة عن الوجه الآخر للخريف الذي يبدو جميلا
و يرتّب جسده ليكون قطارا !
النّافذة تصرخ !!
يتذمّر الكرسيّ الفارغ !
بغنج رجل في خريف العمر ينادي رجل الحمّام بلكنة فرنسيّة:
"فاتيما"... "فاتيما"
النّافذة تصرخ
فيركض بأقصى سرعته،
في ركن الغرفة،
لينقذ الطّفل النّائم على صهوته
الحصان البلاستيكي !
و خلف السّتار الذي احترق بالكامل،
الآن،
مازال سلكان كهربائيّان عاريان يمارسان شذوذهما الجنسي !
في صمت...
تنفث النّافذة من رئتيها الكثير من الدخان
و تحدّق في اللاشيء...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى