رسائل الأدباء أربع رسائل من بخثي بن عودة الى ذ. عبد الحميد شكيل

وهران 30/10/1984

الأخ الكريم عبد الحميد شكيل .

لم يكن اللقاء ليفتح بيننا عهداً جديداً من الصداقة والوئام ولكن أيضا عهداً جديداً من العناق في الفن، في الإبداع، وفي صميم المعرفة..
هكذا أرى اللقاء بين الأدباء، بين المهمومين على وجه الأرض، والمطاردين من قبل كل السلطات على إختلاف أنواعها وتباين مشاربها.. لا أفهم معنىً آخر خارج هذا السياق وإلا لبطلت داخلي، وإنطفأت كل جذوات الإبداع والإختلاف.. يسرني جداً وبهذه المناسبة الهاربة من براثن الإيديولوجيا أن نستمر هكذا في المراسلات، في تبادل الآراء وفي قتل الفراغ واللاحوار: هو ذا الحوار إذن يأخذ طريقه على المثل.. إلى الغاية، وإلى النجمة، فبيني و بين الحوار كلمات باسقة، وبيني وبين المبدع فسحة من الحروف، وهاك بين يديك سؤالان أدرجهما ضمن مشروع آخر وضعت له مقدمة نظرية حول الشعر الجزائري.. مع هذه الأسئلة طبعا
س1: لن أقول لك تألق الشعر وهيا إذن لنحتفل، ولكن أقول لك ما مفهوم إذا كان مجرداً من السؤال والإحراج واللاإقتناع؟
س2: أحدث شعر السبعينات ما يمكن أن نسميه بنوع من القطع (Rupture ) مع الشعر التقليدي من ناحية الشكل و من ناحية بعض الروحات، ومن ثم ماهي أهم تجليات هذا القطع أي ما الذي أنعتق منه هذا الشعر و مالذي راح يتلمسه و يطلب مماحكته؟
(أرجوك في أقرب وقت مع التكثيف!) شكراً
*لاتنسى الصورة من فضلك لمجلة ألوان.
*كذالك لاتنسى الحديث مع بنيس الذي حدثتني عنه
-من المخلص بختي بن عودة -
ولنبق دوما على إتصال و في الرسالة المقبلة أبعث لك بنسخة من الحديث الذي أجريته مع بنيس
بختي أخويا
...

1632040599114.png

1632040769334.png




1632040815644.png


1632042153962.png



==================



- الرسالة الثانية لبختي بن عودة


وهران في13/5/1985

صديقي العزيز عبد الحميد. هل تسعفني الكتابة، وهل تأخذني إلى مرتع الألق الجميل؟ هل تنقذني من همجية الأشياء وعفونة الأغلال؟ وهل تشكل في نهاية المطاف انخطافي إزاء عالم بدأ ينكشف، ويتكشف..
أملي أن تصبح الكتابة هي الأخرى هذا العالم المضاد ولكن؟ احتمال أن نسقط قبل أن نحقق هذه الغائية..
صديقي العزيز ها أنا ذا مقبل على الخدمة الوطنية- تيارت- يوم ٢٠ من هذا الشهر، وعلى كل سأبقى وإياك في مراسلة مستمرة حتى لا أحس بالغربة
سأحاول بقدر الإمكان أن أحافظ على توازن الذات، وتوازن المخيلة، وتوازن الكتابة ذاتها في حالة وعيها لذاتها كما يقول بارط.. المهم قد تكون هذه الفرصة سانحة لأن أقرأ الكثير،وأتعمق في هذا الكثير على غير العادة حتى أدخل عوالم أجدد بها الذات.. كنت قد وعدتك بإرسال نسخة من اللقاء الذي أجريته مع بنيس لكن اطمئن و ريثما تحين الفرصة فإنني سأبعث لك به.. لأن المشاغل الصحافية، والكتابية ، والعائلية كثيرة والوقت ضيق.. لا تعاتبني ، أو عاتبني على طريقة الأدباء يا صديقي أتمنى أن تبقى على اتصال مستمر بي وأنا كذلك بدوري..
فيما يخص الاستفتاء لم أتلق غير جوابين واحد من عندك، وواحد من غرمول، أما المدخل النظري أو القراءة النظرية، فقد أتممتها وسأدرجها مع نصوص أخرى هي على التوالي:
- الإيديولوجيا مشروع وهْم.
- اللغة والعنف في ( لقاح) بوجدرة
- الواقعية المضادة في رواية : وردة للوقت المغربي
لأحمد المديني.
- الكتابة عن الوطن قراءة في النصر للجزائر
- قراءة في “ السائق” لمحمد مفلاح
- في مفهوم الكتابة
- ( حوار مع بنيس) أو إشكالية النص. غير الذي أجريته معه.
هذه نصوص أتمنى أن أدخل بها مرحلة جديدة ، ومغايرة ستحفزني على المزيد من الأسئلة ، والممارسة ، والتفهم..
أخي عبد الحميد هل أسالك أم أتركك، تتكهن أسئلتي وهواجسي و.. و..
هذ المرة ستصلني كتب من طرف بنيس ،وأتمنى أن نلتقي ربما في المناسبات التي تجمع بين الكتاب و المعذبين في هذه الأرض الضيقة ، الضيقة جدا..
أتمنى أن تراسلني كما اتفقنا، وسامحني على “ حماقتي”

أخوك بختي مخلصا..








=======================


رسالة_بختي_الثالثة:
حاسي مسعود في 26/01/1986

صديقي العزيز عبد الحميد.
تحية المحبة:

قف عند ما أقول عند هذه اللحظة الهاربة من عنف المكان والفراغ والشيء .. في غياب الدلالة وتكسر اللغة ، واستحواذ
خطاب المرحاض، على الخطاب الفكري بمجرد ما أقول هذا
أنحل من الداخل، أطرح الذات في مساءلة الذات، وأبحث عن قرا،ة جديدة للجسد والحديث، العالم.. هكذا تجدني أخاطبك بهذه المرارة التي على اللسان والحبر،، دع الجسد يذهب إلى أفقه أو إلى قبره وتأمل هذا النص الذي بين يديك، لحظة تكثيف للعالم بلغة تهرب من اللغة الأولى كي تقول التدمير والتكون خارج الحالات الباثولوجية لما هو عليه الجسد واللغة والأنت كذات تقارع وهما عنيفا وديكتاتوريا..
قرأت المقطوعة كما قرأت مجموعتك الشعرية لكنني محتفظ ببعض الملاحظات ستصلك في شكل مقال تنشره الجمهورية.. يدور حول الشعرية بين ( المفهوم والممارسة النصية) ما يشغلني هو هذا المعنى، حدود النص لحظة انكتابه أو لحظة تجليه كمعيوش له سلطته وله جنونه لذلك تجدني قلقا باستمرار وانتظر مارس لأرى الأحباب في هران ونهاية السنة لأرى كل الأحباب.. أنت كيف أراك. الصورة وحدها لا تكفي نحن بحاجة إلى جلسة نعارك فيها المعرفة والعقل.. بما نملكه من حماقات وطموحات ونيات، اشتغل على ديوان "مواسم الشرق" لمحمد بنيس في انتظار قراءة "رائحة الكلب" و" زمن لفلاقي" (خلاص ومفلاح) ..
لن أحدثك عن الظروف الداخلية لأنك تعرف حالة العسكري، ثم تعرف مدى همومي، أسئلة النص واللغة ثم الإدمان على كتابة شيء مختلف حتى ولو كان صحافة.. ألا تتأمل معي الدمار الذي يلحق بالكتابة الصحفية.
سلامي لك الحار للعائلة وإليك وإلى رسالة أخرى أخوك بختي



#ملاحظة:
مع الرسالة بعث نصا عنونه هكذا: قصة قصيرة جدا( نص!؟)

قال للشخصية الأولى" ألفنا وحش الذي يأتي بما يأتي من الخوف المشبع بالخوف والكوامن المدفونة في الدفن بالمجان للتجلي الاخير قد يسقط التجلي وتبقى الخرافة، تقبى الهيمنةللفكرة المتمظهرة أزلا برغبتها ، أزلا وتبقى كي تعرج على ماقالت السماء للعذراء ماقالت الأمطار للأرض عند تمام الخلوة استبصرت الفكرة شهوتها كي تبقى مبثوثة في الحنايا وتشابك القبور" قال للشخصية الثانية: " ها هنا حط القلب مشمولا بالأنت وماتريد، عساك تجد القلب أوسع مما قالت الرؤيا لصاحبها لحظة انبلاج التشكيل من فم النبوءة والدماغ المستميت في تكسير الصولجان وتخثر الدم المانع الرؤيا من تلمس المجهول في نص يرتج أرضا في التربة ، أرضا في الأفق المغسول بلعاب الشعر وما تريد كيف تريد؟"
تمعن في البياض ، ثم أطلق سراح السجناء.

حاسي مسعود يناير 1986

تأمل هذا الواقع الذي يسرق منا كل سبات مستحيل..


1632040897885.png

1632041002900.png

1632041115916.png


1632041212340.png



1632041272578.png



**************

الرسالة الرابعة..


أثناء البحث في أرشيفي الخاص، عثرت على رسالة أخرى للراحل بختي بن عودة لم تنشر ، مرفقة بمقال مكتوب بالآلة الراقنة ، يعبر من خلاله على انشغالات فكرية كانت تشغله، ويقترح بعض الأفكار، والتصورات، لتصويبها..كما يعبر من خلالها عن الكثير من الهموم ، والتطلعات التي تشغل باله
وفكره كمثقف يرى إلى الثقافة بنظرة مغايرة لما هو عليه الوضع، الذي لازال يراوح مكانه، ويؤسس لنفس الرؤى والمفاهيم الصفراء، التي نالت من مفهوم الثقافة.. إنها رسالة
استشرافية، رؤيوية صادقة.. الحال هو الحال .. ولم نربح سوى الضجر، وتعب العمر، وقسوة المهزلة..فلا تأ سف كثيرا ..
فدار نعسان لاتزال على حالها، وقد تكون أسوأ..
آخر لقاء لي بالمغدور كان بعنابة سنة1993، حيث وجهت له الدعوة من قبل " النادي الأدبي" التابع لقصر الثقافة والفنون لحضور نشاط ثقافي - وقد تم تكريمى وقتئذ من قبل النادي الأدبي- وقد ألقى بختي- رحمه الله- الديباجة الخاص بتكريمي، كانت كلمة علمية أدبية، رافع فيها عن التجربة والمسار.
جاء الراحل من وهران بواسطة الطائرة- رغم ظروفه المادية الصعبة- وكان ذلك على أساس أن يتم تعويضه من الجهة التي وجهت له الدعوة.. لكن - للأسف- لم يتم تعويضه، وأحس يومها بحزن شديد.!!
رافقناه.. إلى محطة نقل المسافرين، ليركب الحافلة ويقطع المسافة الطويلة بين عنابة ووهران.. وفي وضع أمني لا يرحم.
أول لقاء لي مباشر مع الراحل كان سنة1983بمدينة وهران الباهية، وكان ذلك بدعوة كريمة من:" مديرية الثقافة والسياحة" التي كان يتولى إدارتها الصديق العزيز الدكتور" عبد المالك مرتاض" أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية ومستشاره المرح الصديق الدكتور "عمار يزلي" أطال الله عمره، ومتعه بالصحة و بالسعادة وراحة البال.
وكان عنوان اللقاء الأدبي" القصيدة الثورية" - يوم كان للثورة
معنى وهيلمانا..
دعانا بختي إلى منزله بحي لمنور لتناول القهوة، وأطلعنا على مكتبته الخاصة، اتذكرأنه كان في تلك الكوكبة من الضيوف: علاوة وهبي، وسليمان جوادي، وعمار بن زايدوجماعة وهران
خاصة الراحل " بلقاسم بن عبدالله" الذي ظل ملازما لنا طوال
المدة الجميلة التي مكثناها في وهران الباهية، وكانت أول زيارة لي إليها.. وكان للصديق الودود" عمار يزلي "الفضل الكبيرفي تعريفي بوهران ومعالمها الجميلة.. لاانسى جبل المرجاجو بمعالمه التاريخية، وهو يطل على مدينة سيدي الهواري مباركا، وحارسا.. في تلك الزيارة أجري معي بختي وكذا الدكتور مرتاض حوارا أدبيا نشر في مجلة" آمال" في سلسلتها الجديدة، تحت إشراف الدكتور" محمد سعيدي" رحمه الله، مدير الآداب والفنون ، وبهيئة تحرير جديدة ، شملت بعض أدباء العاصمة مع إضافة : محمد أمين الزاوي- وهران- محمد زتيلي- قسنطينة- عبد الحميدشكيل - عنابةوالفنان الكبير- الطاهر ومان- أطال الله عمره كمشرف فني للمجلة.
بقيت لقاءاتنا متفرقة.. إلى التحق بالخدمة الوطنية بحاسي مسعود .. حيث كنا نتراسل .. إلى أن فاجأه القلتة "1995" وأطلقوا عليه نار حقدهم وتخلفهم، وظلاميتهم.. اللعنة عليهم
إلى يوم الدين.
عندما تمكن منه القتلة.. قرات ذلك في وسائل الإعلام.. بكيته
في قلبي كثيرا.. وكتبت لروحه الطاهرة نصا بعنوان" صهيل الماء والكلمات" وهو منشور في المجموعة الشعرية " تحولات فاجعة الماء- مقام المحبة- "وأعتقد أنه النص الوحيد الذي كتب حوله ونشر ، رغم هول مان كان يجري من قتل، وتدمير، وسفك للدماء.. في الوقت الذي اختفى فيه الكثير من الكتاب في منازلهم، متناسين أن الأعمار بيد الله..!


* نص الرسالة:
___________



حاسي مسعودفي: 31/12/85

أخي العزيز شكيل

تحية طيبة:
كيف هي الكتابة قبل حلول العالم الجديد كي لا أقول العام...
كيف هي الدنيا عندك، بما فيها مجهول القصائد والكلمات..؟
متاهة اللغة وأشياء المجاورة..
أخي أنا هنا أكتب محرقة المكان، ومحرقة الجسد، أضع القلم
بين مخالب البياض التي تأخذني أحيانا إلى الهاوية وأحيانا
إلى لحظة فرح..
أتركك.. تنصت معي إلى لغة الجسد، ولغة الفضاء ولغة النصوص التي كتبتها هنا حول محمد شكري وكتابه" الخبز الحافي"ثم نصي ذي البعد الثالثي" الفضاء يمارس التجويد" ثم " أر قام لمدينة تتعدد" ثم..وثم والحبر لا يزال ينحت طوبوغرافيا الورق الذي يتشربني بالتقسيط.
أنا لست منهم مثلما هو بوجدرة وأدونيس الذي دافعت عنه
ليصلني عتاب السائحي الصغير ضمن اوفي شكل مقالة نشرتهاالجمهورية" جناية واي جناية" تقف خلفها رؤية دينية ضيقةجدا جدا..ثم بنيس الذي وصلني منه آخر ديوان" مواسم الشرق" في ظرف فتحه اللقطاء ليأخذوا كتابا نقديا عنوانه: حداثة السؤال: ط 85.. ماذا تريد حتى عمال البريد يشاركون في عملية تهميش سؤال الثقافة بسرقتهم للكتاب..
شكرا أيها الأخ على الإهداء، شكرا على هذه التضحية وسط
أسماء لا تقرأ سوى نفسها وتكرر نفسها لأنني أعرف الفضاء جيدا.. ولأنني مختلف فإنهم قليلا مايذكرونني .. لازلت أقاوم
كل مايفرزه المكان، وما تفرزه الصحراء، تجربة الإصرار والشهادة.انا لست في بيروت والأرض لا تبتلع أبناءها عفوا نحن معفيون من حرب الطوائف ، ولفيروز ان تغنينا كثيرا..
قرات أيضا بيان الخوف لمحمد علي فرحات، كتابة قلقة ومكثفة ، تستنطق وعي المكان، وتقول لحن الجماعة.. نفس قرآني، وكتابة مرة أخرى تمنح الجسد حرية القول والارتباط..
أنا بصدد جمع هذه النصوص في كراسة تعكس هذا الاختمار
الذي وصلت إليه بفضل القراءة العنيفة للأشياء وللتجارب الكبيرة..والكتابة هي مرة أخرى" إنشاء نسق ما لأشياء الذاكرة والمعيوش" أعتقد أنك لاتختلف معي لأنك تعرف لا وعي بختي، مثلما تعرف لا وعي لغتك في الذهن وفي القصيدة..
الحديث عن الثقافة عندنا هو بمثابة حديث عن غريب ، عن متصوف، عن قوال لذلك عندما قلت لهم أن الثقافة عندنا تساوي( بلومي زائد بن شنات+ بوعلام تيتيش) لم أكن مبالغا، ولا مخطئا.. وفيفا مكسيكو ومكسيكو عاصمة لمكسيكو وللهذيان...
لنكثر من الإنصات ياصديقي لصوائت المعيوش بماهوعلاقات ونصوص، او بما هو أشياء تقرأ أو قابلةللقراءة..
ننصت ونشك ونسال وبذلك وحده نبتعد عن مناقشة الشيء
بالشيء او الدال بالدال، او الدين بالدين..نتحرر من عنف" المتعاليات ، ونصنع مدارنا الجميل..رسمت لنفسي أفقا مثلما رسمت لمخيلتي أفقا وها اناذا أسير، أثب، بغية الوصول" أعرف أن الطريقة صعبة، لكنها ليست أبدا محظورة. . في هذه
الطريق نلتقي كي نذهب سويا للأفق او صوبه سارع يا أخي..
بالإضافة على" كتابة حول بوجدرة" وقراءة في ديوان بنيس
ومقالات صحفية. لن يقتلني الأخضر، ولن تقتلني الجزمة( أنا
ملازم وقائد وحدة مصغرة)
أخوك بختي.
كل سنة وأنت بخير ، سلامي إليك وإلى العائلة وإلى الأصدقاء..
النص المرفق بالرسالة:
__________________
من هو الآخر وكيف نزعزعه، نخلخله، او كيف نقرؤه..؟ داخل حقله او حقوله المعرفية،و انطلاقا من تطورات معرفية، أي تطورات لا تسقط في لعبة أيديولوجية الإستشراق، الأستصغارية، الأحتقارية، والتقزيمية.
كيف نتسلل إلى الآخر بلغته،وادبياته من داخل إستراتيجية
تدفعه إلى الحوار، والإتصال، والإعتراف ليس" غائية" .
المهم أن يتحول الإعتراف إلى بنائية وتكوينية تعكس فعل العقل العربي.
نبحث اليوم عن أحفاد ابن خلدون، وابن رشدكي نؤسس لترسانة ثقافية، وفكرية لها آلياتها ، ووسائل بلوغها واقتحامها.
نطرح هذه الأسئلة ونحن ننظر إلى إبداعات" إدوارد سعيد" و
" عبد الكبير الخطيبي" و" بوجدرة" و" والشرابي" و" أنور
عبد المالك"و" نبيل فارس" و"محمد أركون" و " وجمال الدين
ابن الشيخ"و" جاك حسون" والكثيرون ممن ذهبوا إلى الآخر بلغته، إلى فضائه ، بسلاحه يمارسون ما أسماه بعضهم: بفكر الإختلاف، الذي لا يقبل الاحتواء، ولا يقبل المضغ.
إنه فكر له وحشيته، كما له سحره لأنه وهو يتجلى داخل الأنواع الأدبيةلا يستقرء ذاته ، وإنما تاريخه انطلاقا من أسئلة حضارية ، وكونية لا تقول اللحظة وتمضي، أي لا تقول
الزمكانية داخل البعد الواحد، وإنما تقولها داخل الأبعاد المتعددة ، والدلالات المختلفة، وهي بذلك تلتمس استكناه جميع اللحظات التي أرقت المخيال العربي، أو مفكرة العربية
لا يكون الدخول إلى مثل هذا الفعل هو دخول مراهق أي دخول ينتابه الشك، والتردد، حتى لا يسقط الفعل دون مجاله
او مجالاتيه، يمكن القول أن الحوارمع الآخر حين لا يقوم على الإلمامية المعرفية ، هو حوار ناقص ، وعاجز، وغير متمكن.. إنه حوار لا يعكس سلطة الذات أو فعاليتها، يتهمش
ويفكك الحلم.
إن المطلوب من المفكرين اليوم، هو قراءة الآخر قراءة نقدية
أي قراءة لا تسقط ضحية الانبهار، والافتتان .. قراءة تقف على التقاطعات الصحية، والباثولوجية- المرضية- للآخر تقيس سرعة وتسارع هذا الإبداع ، وتهضمها فيما هي تبني رؤى الذات، داخل أفق واسع ورصين، هو نفسه موجود داخل أطر نظرية فكرية، وفلسفية تشكل ما يمكن أن نسميه بخلفية الإبداعية العربية. بهذا السلاح وحده تستطيع الذات أن تحاور الآخر ، وأن تستدرجه إلى هاويته، او إلى مراجعة يقينياته ذات المنبت الإستشراقي الضيق.
بختي بن عودة 1985



بخثي 1.jpg

بخثي 2.jpg

بخثي 3.jpg


بخثي4.jpg

بخثي 5.jpg



بخثي6.jpg

بخثي7.jpg



تنبيه:
هذه الرسائل وافاني بها أثناء أدائه الخدمة الوطنية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى