أحمد القطيب - إِمامُ الْمَسْجِدِ (بحر الكامل)

أَطْفِئْ سِراجَــــكَ يا إِمامَ الْمَسْجِــدِ *** قَرَّنَّ عَيْنــاً أَنْ تَنــامَ إِلــــــى غَــدِ

لا تُبْــــدِ جوعَـكَ لِلْأَنــــامِ تَجَمُّـــلاً *** فَالْجوعُ أَخْرَسُ لا يَنوحُ لِمَرْفَـــدِ

وَاصْبِرْ على يُبْسِ الْحَصيرِ وَوَخْزِهِ *** فَكَأَنَّما هُـــوَ لِلضُّلــــوعِ كَمِجْلَــــدِ

لا تَبْتَئِـسْ مِنْ ذاتِ كَفِّـــكَ عائِــــلاً *** إِنْ قَــلَّ مالُـكَ فَالْغَنـــــاءُ بِلا يَــدِ

فَلَأَنْتَ أَغْنى عِنْــدَ رَبِّــكَ عابِـــــداً *** وَمُناصِحاً وَمُرابِطاً في الْمَسْجَــدِ (1)

يا صاحِــبَ الْقُرْآنِ لا تَشْـكُ الْوَنى *** والضَّيْمَ والْإِجْحافَ إِذْما تُطْــــرَدِ

فَغِناكَ في فَضْــــلِ الدُّعاءِ وَجَبْهَةٍ *** قَـــدْ عُفِّرَتْ بِتُرابِــــها لِتَعَبُّــــــــدِ

وَثَراكَ في هذا الْخُشوعِ وَبِشْـــرِهِ *** فَسَناهُ يَنْطِقُ بالرِّضى وَالْمَحْمَـــدِ (2)

قَدْ ضاءَ وَجْهُكَ مِــنْ سنا أَذْكارِهِ *** وَطُلى التِّلاوَةِ في الْبَهيمِ الْأَسْــوَدِ (3)

يَكْفيكَ تَنْزيــلُ الْحَكيــمِ حَفِظْتَهُ *** وَوَعَيْتَهُ كَنْــزاً عَظيـــمَ الْمَــقْصِـدِ

يا قُدْوَةً لِلنّاسِ فــــي عَثَراتِــــها *** يا حامِيَ الشَّرْعِ الشَّموسِ الْأَمْجَـدِ

يا مُزْجِياً لِلنّاسِ فــي صَلَواتِهــِمْ *** أَنْتَ الْإِمامُ تَؤُمُّنا فـــي الْمَسْجِـــدِ

فَصَلاتُنا بِكَ قَدْ تَضاعَفَ اَجْــرُها *** دَرْءاً لِما يَعْــــرو صَلاةَ الْمُفْــــــرَدِ

مَنْ لِلْمَنابِرِ إِنْ تَرَجَّــــلَ أَهْلُـــــهـا *** أَتُراضُ مِــــنْ ذاكَ الْعَيِـــــيِّ الْأَدْرَدِ ؟!(4)

مَنْ لِلْمَساجِدِ بَعْدَ عَزْلِ خَطيبِـهـا *** مَنْ لِلْفَتاوى مِـــنْ جَهــولٍ مُفْسِــدِ ؟!

مَنْ ذا يُوَكَّـــلُ لِلْجَنائِــــزِ داعِــياً *** مَــــنْ ذا يُجَهِّــــــزُ مَيِّتاً لِلْمَلْحَــــدِ ؟!

مَنْ ذا يُحَبِّرُ لِلْفَتــــى أَلْواحَــــــهُ *** وَيُنيرُ سُبْــــلَ الْعِلْـمِ دَأْبَ الْمُرْشِـدِ ؟!

يا وارِثينَ مُحَمَّدا في عِلْمِــــــــهِ *** وَهُداهُ يا مُسْتَمْسِكيـــنَ بِعَسْجَـدِ (5)

أَنْتُمْ حُماةُ الدّينِ في عَرَصاتِــــهِ *** مِنْ كُـــلِّ باغٍ أَوْ ظَلـــــومٍ مُفْسِــدِ

إِنَّ الْمَلائِكَ وَالْخَلائِقَ وَالسَّمـــــا *** وَالْأَرْضَ تَدْعـــو لِلْإِمامِ بِمَسْعَــــدِ

فَارْزُقْ إِلهي كُلَّ مَكْلومٍ حِمـــــىً *** في غَيْهَبٍ، أَوْ سوءِ حالٍ مُجْهِـــدِ (6)

مِنْ دَأْبِ يوسُفَ في الْبَلاءِلِساعَةٍ *** لَمّــــــا أَتَتْـــهُ بِشـــارَةٌ بالسُّـــؤْدَدِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1)المسْجَد : موضع السجود وقد أوردتُ اسم المكان مفتوح العين بدل كسرها المعمول به استثناء في 'مسجِد' أو 'مشرِق' وبعض الكلمات ،لأنه جائز تبعا للقاعدة الأصل، وإن لم يُسمع، وقصدت من ذلك مخالفة رسم قافية تالية بالاسم نفسه ، فكسرت في الثانية عين الكلمة (المسْجِـد) ، لتخالف صنوها السابق ،تفاديا للإيطاء الذي يشرُط تكرار الكلمة عينها مرتين في القافية بمدى لا يقل عن سبعة أبيات.
2) المَحْمد: مصدر ميمي :(الحمد) .
3)طُلى: جمع طُلْوة وهي بياض الصبح.
4) العيِيُّ : العاجز عن الكلام والبيان- والأدْرَد: من سقطت أسنانه فلا يُفصحُ.
5) العسْجد : الذهب والجوهر عامة من لؤلؤ أو درّ.
6) غيْهَب: الظلمة الشديدة ومنها قولنا غياهب السجون

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى