محمد مزيد - هيفاء وهبي.. وهليل.. قصة قصيرة

تم تعيين هليل في دائرة حكومية في بغداد بقسم المشتريات، لكن هليل لم يسافر قط الى إي دولة لغرض المشتريات، يجلس بجانبه موظف معمم يقرب للمدير العام، يسترق هذا الموظف النظر إليه كلما فتح هليل جرار منضدته حيث وضع صورة هيفاء وهبي جالسة على البحر بالمايوه، وتتكئ على ذراعيها مع انفراج ساقيها. لايكف هذا الموظف من الإستغفار بين حين وآخر، كلما فتح هليل جرار منضدته، حتى ضاقت السبل بهليل من تلصص زميله المعمم، وفي ذلك اليوم الصيفي عند نهاية الدوام، زعق هليل به، ثم أخذ صورة هيفاء وهبي، وصعد بها الى الاعلى، حيث الإدارة وغرفة المدير العام. فكر هليل قبل الصعود الى طابق الادارة ماذا سيقول لهم، هل سيقول أنه منزعج من المعمم بسبب صورة هيفاء. إي عاقل سوف يلومه على وضع صورة لفنانة في جراره، اثناء الدوام الرسمي، بل سيرفع من شأن هذا المعمم من دون سبب، فأختار الذهاب الى صديقه شاكر رئيس قسم المشتريات في الطابق الثاني ليشكو إليه همه، شاكر صاحبه يلقب بالمحسود، لأنه صديق المدير العام، كثيرا ما يذهب الى عواصم عربية وأروربية لغرض المشتريات لفروع الدائرة، قال له شاكر يمكن أن نحل هذه المشكلة بالمجئ معي الى بيروت، في الاسبوع المقبل، ثم تلتقي هناك بالفنانة هيفاء وهبي لتلتقط معها الصور على البحر. فرح هليل، وفكر منتشيا وهو يمقارن بين صورتها في ورقة مجلة وبين وجودها بلحمها ودمها، فلم يتمالك أعصابه، قبّل صديقه من خده، وقال له " بعد أخوك ، لا تقشمرني "، نهض شاكر مستفزاً، قال له أذهب الآن الى شعبتك، سأجلب الأمر الأداري لإيفادك معي بيدي". هبط هليل السلالم الى شعبته، وهو يغني "وحا وح وحا وح"، ولما دخل الى شعبته، وجد المعمم يأكل لفة فلافل ويطلق أصوات عجيبة، ذلك لأنه سمين وكرشه يصل الى الارض. جلس هليل الى منضدته وهو يغني " وحا وح وحا وح" ثم أخرج صورة الفنانة من جراره وبدأ يمزقها، فيما يبحلق المعمم به جاحظا عينيه، ولما رآه يمزق بالصورة كاد يغص بلقمته.
بعد أسبوع سافر هليل مع شاكر الى بيروت، يجب أن نقول أن جسد هليل لا يتلائم مع القاط والرباط بسبب نحافته التي أكلت سنوات الحرب والحصار كل عافيته، وبدت البدلة مضحكة على هيئته. وبعد وصولهما الى العاصمة اللبنانية طلب شاكر منه أن يرتدي بدلا من القاط والرباط بنطلون جينز وتشيرت آخر موضة، ذلك لأن الجميلات يفضلن هكذا نوع من الملابس، فأذعن الى ذلك.
فوجئ هليل، بعد مضي يوم، في النادي الراقص الذي تملكه الفنانة هيفاء وهبي، أن بعض رموز الحكم الجديد نزعوا عمائمهم، يرتدون بنطايل الجينز وتشيرتات كتب عليها بالانكليزية love ويضعون كؤوس فيها سائل أصفر على مناضدهم ويصفقون ويرقصون مع الأغاني، ولما خرجت هيفاء وهبي على المسرح، وهي ترتدي ثوبا أسودا مخرما من جهتيه، صُعق هليل، وبدأ يغني معها وحا وح وحا وح، وبعد إنتهاء وصلتها الوحواحية، نهض شاكر وهمس مع نادل يبدو عليه الجدية والأحترام، يقف مستقيما، نافخا صدره يضع أصابع يديه متشابكة عند وسطه، دخل هذا الى ممر يؤدي الى كواليس المسرح، ثم عاد وهمس بإذن شاكر مما جعل يؤشر الى هليل بسبابته للنهوض والإقتراب منه، كانت حواس هليل كلها تراقب صديقه، وما أن أوعز إليه بالنهوض، حتى وقع في أول خطوة يخطوها باتجاه صديقه، علم شاكر أن صاحبه أصبح ثملا، بالرغم من إنه لم يحتس الا القليل، رحبت الفنانة في غرفتها بهليل ومدت يدها البيضاء بغنج وإسترخاء فصافحها هليل، وثمة توتر في جسده شل حاله، جهّز شاكر موبايله ليلتقط صورة لهليل مع هيفاء وهبي، وضعت الفنانة يدها على كتفيه وتم ألتقاط الصورة، وهليل مازال دائخا.
بعد أسبوع عاد هليل الى بغداد وفي اليوم التالي ذهب الى دائرته، وقد نقل شاكر صورته مع الفنانة الى موبايله، سلم على المعمم ببرود، رافعا أنفه بشموخ وكبرياء، كأنه قد حظي بجائزة كبيرة لايحلم بالحصول عليها هذا المعمم، وعندما جلس الى منضدته، فتح جهاز تلفونه الايفون وذهب الى الصور التي ألتقطها مع الفنانة، ثم وضع الموبايل على المنضدة كي يتسنى للمعمم الفضولي أن يشبع نظراته النهمة الى صوره مع الفنانة وهي تضع ذراعها العاري على كتفيه. لكن المعمم، وجد أن طريقة أستعراض هليل فيها مبالغة لغرض أغاظته، فأخرج من جيبه الموبايل، ثم فتحه على صور أيضا وفديوهات، مع رفع صوت فديو يحتفظ به المعمم، ألتفت هليل الى جهاز المعمم وأخذ يسمع الأغنية نفسها التي غنتها الفنانة هيفاء وهبي في النادي، والمعمم يرقص ويطلق ضحكاته بصوته الكريه، كانت الاغنية التي يرقص عليها المعمم " وحا وح وحا وح " أيضا .




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى