علجية عيش - هكذا ألقى المسؤولون في الجزائر الكتاب المدرسي إلى الشارع

( الأحزاب السياسية انشغلت بالإنتخابات المحلية و تجاهلت مصير جيل بكامله)

انطلاقا من مقولة الشهيد العربي بن مهيدي الشهيرة " ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب" و أصبحت هذه المقولة "مرجعية" لكل جزائري حرّ ، غيور على بلده، لكن بعض المسؤولين اليوم و للأسف بدلا من إحداث ثورة علمية لبناء الأجيال ، ها هم يلقون بالكتاب المدرسي إلى الشارع الذي يعتبر بدوره مدرسة لكنها للهدم لا للبناء



فقد شهدت سوق الكتاب المدرسي في الجزائر ارتفاعا كبيرا في الأسعار و قد أرهق المضاربون في الكتب الدرسية على مستوى نقاط البيع المواطن البسيط و أفلسوا جيبه خاصة الأولياء ضعيفي الدخل و يجدون صعوبة في ضمان قوت أبنائهم، و قد حمّل أولياء التلاميذ الدولة المسؤولية لأنها كما قالوا ألقت بالكتاب المدرسي إلى الشارع ، كما حمّلوا الأحزاب السياسية جزءًا من المسؤولية لأنها منشغلة بالإنتخابات المحلية و الجري وراء المناصب و أهملت مصير جيل بكامله، و قالوا أن غياب الرقابة وراء المضاربة في الكتب المدرسية، السبب يعود إلى توقف الدولة عن بيع الكتب المدرسية على مستوى المؤسسات التربوية، و تركها على عاتق المكتبات التي عمل أصحابها على خلق نقاط بيع خارج مقر المكتبة، من أجل تخفيف الضغط و الإزدحام في ظل استمرار انتشار جائحة كورونا، لكن بعض اصحاب المكتبات العمومية تحولوا إلى مضاربين و ضربوا القوانين عرض الحائط، فرغم أن الدولة حددت سعر كل كتاب في غلاف الكتاب، إلا أنهم تحكموا في الأسعار و وضعوا قائمة أسعار حرة من أجل الكسب السريع، و لم يراعوا الظروف المعيشية لبعض العائلات التي لها عدد كبير من الأولاد المتمدرسين ، و وجدت نفسها عاجزة عن توفير لهم كل الأدوات المدرسية و بالأخص الكتب، حيث تعرف هذه الأخيرة ندرة في سوق الكتاب على غرار كتب الطور المتوسط ( كتاب اللغة العربية و كتاب اللغة الفرنسية، كتاب العلوم و كتاب اللغة الإنجليزية).

كما يشهد كتاب اللغة العربية و الإجتماعيات ( التاريخ و الجغرافية) لتلاميذ الطور الثانوي ندرة قوية في سوق الكتاب، بالإضافة إلى غياب كتاب اللغة العربية لتلاميذ الطور الإبتدائي و كتب الأنشطة لتلاميذ السنة الخامسة ابتدائي، فما هو متوفر سوى كتاب اللغة الإنجليزية لتلاميذ السنة أولى من التعليم المتوسط و كتب النشاطات في اللغة العربية، الرياضيات و اللغة الفرنسية لتلاميذ السنة الرابعة ابتدائي، أولياء التلاميذ الذين التقينا بهم عبّروا عن أسفهم لسياسية الدولة في توفير الكتب المدرسية و تغطية احتياجات التلاميذ، و قالوا انهم يواجهون صعوبات كبيرة في البحث عن الكتب الرسمية، أما كتب النشاطات فهي من أجل مساعدتهم في المنزل لا غير. و أضافوا أن الدولة في السابق كانت تترك عملية توزيع الكتب على عاتق المؤسسات التربوية و كانت العملية منظمة، لكنها هذه المرة ألقت بالكتاب المدرسي إلى الشارع، هي نفس العبارة قالها أحد ممثلي نقاط البيع على مستوى المقاطعة الإدارية علي منجلي ولاية قسنطينة بأن الكتاب في الجزائر ألقي به إلى الشارع، و أضاف بأن المشكل يتعلق بالتسيير، في إشارة منهم بأن الدولة تخلت عن مسوؤليتها تجاه الأجيال.

الملاحظ أن هناك مضاربون في سوق الكتاب المدرسي احتكروا الكتاب من أجل رفع سعره، فقد كان الكتاب المدرسي في السنوات الماضية يقدم للتلاميذ مجانا، نعم "اربح يا الزوّالي" هي العبارة التي رددتها إحدى الأمهات التي صرحت بأن زوجها بطّال و لم تجد من يوفر لأولادها الأدوات المدرسية خاصة الكتب، نفس المشكل طرحه علينا أحد الأولياء له 05 أولاد ، أحدهم يعاني من اضطرابات عقلية و يدرس بمركز المعاقين، عن الأسعار كشف أولياء التلاميذ أن شراء 04 كتب في الرياضيات و اللغة العربية و الأنشطة لسنة لأولى ابتدائي فقط كلفهم أزيد من 1000 دج، دون حساب الأدوات المدرسية الأخرى و باقي الكتب التي لازالوا يبحثون عنها و هي غير متوفرة في سوق الكتب كدليل اللغة العربية و دليل الرياضايات لتلاميذ السنة الخامسة ابتدائي وهي كتب غير مطلوبة لكنها باقتراح من المعلمين لتساعدهم على المراجعة في المنزل، عن هذه الظاهرة عبرت إحدى الأمهات بأن مقترح المعلمين ليس في محله، لأنهم يريدون التهرّب من مسؤولياتهم و إلقائها على أولياء التلاميذ، كما أن بعض الأولياء تساءلوا عن غياب الأحزاب التي انشغل قياديوها ومنتخبوها بالإنتخابات المحلية لكنها تجاهلت الظروف التي يعيشها المواطن الذي يمنح لهم أصواتهم يوم الإنتخابات، و بعد ذلك يتنكرون لوعودهم.

أولياء التلاميذ طالبوا من وزارة التربية و التعليم إعادة النظر في المنظومة البيداغوجية و في صناعة الكتاب المدرسي، و تحديد اسعاره حسب القدرة الشرائية للمواطن و الإكتفاء بالكتب المطلوبة أي التي تضعها الوزارة فقط، لأن خلط الكتب قد يعيق التلاميذ على الفهم و الإستيعاب و التركيز من جهة، ثم أن تلميذ الطور الإبتدائي مثلا، لا يفرق بين الكتاب الجيّد من الكتاب الرديئ ، فهو يرغب في الحصول على كل ما يراه أمامه لأنه يبهر بالألوان، أما باقي الأطوار فالخلط في الكتب و كتب النشاطات تجعل التلاميذ يفقدون التركيز، ما يدفع أولياء التلاميذ مجبرون إلى الإعتماد على الدروس الخصوصية من أجل الفهم و استيعاب الدروس و تقوية قدراته، دون إيلاء اهتمام للجانب السلبي للدروس الخصوصية، التي تجعل التلميط غير قادر على التحليل و النقاش لن ما يتلقاه من اساتذة الدروس الخصوصية يختلف عمّا يتلقاه من اساتذته في المؤسسة التربوية، خاصة و أن غالبية الذين يقدمون الدروس الخصوصية هم خريجي الجامعة البطالين و هؤلاء لا يملكون القدرات البيداغوجية لجعل التلميذ يفهم بسهولة ، و من جهة أخرى فإعادة النظر في صناعة الكتاب المدرسي يخفف العبء على الأولياء ضعيفي الدخل الذين يكسبون قوت يومهم بصعوبة فكيف لهم توفير كل هذه الكتب لأبنائهم؟

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى