صابر العبسي - كل منا في داخله جنرال ما

في مفْترقِ الطرقاتِ مساءَ السبْت هنالكَ عنْدَ البطومةِ تحْديدًا
جاءتْ بائعةُ الخبْز القرويّةُ وافترشتْ قاعَ الإسْفلْت وقد شرعت تبْكي
غلمان الإعلام الدولي المأجور، سعاة بريد البنك الدولي
الحرسُ الشخصي لأبرهة العثمانيين
محامو الشيطان، نقابيو الصفقات، حرافيش السيجومي،
قضاة الصرْف الصحي، سماسرة الأعضاء البشرية، نوكى الأحلام
ومغتصبو أطفال الفاقة شورى تجّار الرقّ الأبيض
تيّاسُ النخبة في الضربة من خلف تحت الخصر
رجال البوليس السرّي، سكارى الزمبريط ، جواسيس الأحزاب الثورية
فاشيست البلْديّة، مرضى مشفى الرازي، مصّاصُو أرواح الشهداء،
عبيد فرنسا،
أشْرافُ الدولة باسْم الربّ،
يدا بيدٍ
جاؤوا بثياب بيض في أوج الشمْسِ صباح السبْتِ
افترشوا قاعَ الإسْفلْتِ بجَانبها
ثمّ انْخرَطوا
لإقامة أعْظم حفل شواء، أعظم مندبة ..
ولعل الكلّ هنا ما كانوا إلا أوراقا جفت تنْسلُ من تلك البطومة
تلهو الريح بها
فالكلّ الآن هنا يبكي
(قيل التقطوا معها سلفيات وانْقشعوا )
......
......
......
لكن مَا منْ أحَدٍ يبْكي أحَدا
ما من أحدٍ يبْكي معَه أحدٌ
ما من أحد يبكي
ما من أحد
فالكلًّ هنا
في مفترقِ الطرقات هنالك عنْد البطومة تحْديدا
يبْكي فقدانَ الطفْلِ بدَاخلهِ
إلاّ هي بائعةُ الخبْز القرويةُ
كانتْ تبْكيهم إذ تضحك
كانت تضحك منهم إذ تبكي
وهي تتمتم دون فم
سيظلّ الحالُ كذلك وحْشيّا هزْليّا
مادامَ الكلّ هُنا
في داخله
جنرال مَا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى