إلى قدس وفردوس: أختيْن
ممنوعتيْن من العناق..
وإلى أخيهما: آدم، مسروق الأحلام.. (**)
ضِحْكَتانِ سَماوِيَّتانِ تُشِعَّانِ،
كَالماسِ، في مَلَكوتِ الأُبُوَّةِ..
لاَ شَيْءَ يُشْبِهُ مَعْناهُما،
وَهْوَ يُومِئُ لي مِنْ بَعيدٍ،
كَتَلْوِيحَةِ اليَدِ، غامِضَةً
[كُنْتُ أُبْصِرُهُ.. وأُحاوِلُ
أَنْ أَتَأَوَّلَهُ، جاهِدًا، دُونَ جَدْوَى..!]
الْحِوارُ الرَّسُولِيُّ،
بَيْنَ العُيونِ، كَثيفُ الدَّلالَةِ..
يَأْخُذُني، عالِيًا، مِثْلَ نَجْمَةِ
فَجْرٍ، إِلَى دَهْشَةِ الحُبِّ..!
كَيْفَ أُجِسِّدُ أَشْوَاقَهُ،
كَلِماتٍ مِنَ السِّحْرِ..؟
كَيْفَ أُؤَبِّدُهُ في القَصيدَةِ؟
رَدَّ الصَّدَى: أَصْغِ تَسْمَعْ..
وَجِدْ، فَالأُبُوَّةُ مِثْلُ النُّبُوَّةِ
وَجْدٌ.. ونُورٌ مِنَ اللَّهِ..
قَلبُكَ دَرْبُكَ.. دُقَّ
شَبابِيكَ هذا الهَوَى، تَنْفَتِحْ..!
كانَ صَوْتًا حَفيفًا،
إِلَى القَلْبِ يَأْتِي: الأُخُوَّةُ،
يا قُدْسُ، أَنْ نَلْتَقي، دائِمًا..
أَنْتَقي وَرْدَةً، هِيَ أَجْمَلُ
ما في الوُرُودِ، وأُهْدِيكِها..
وأُثَبِّتُها بِأَصابِعَ دافِئَةٍ، هـٰـهُنا..!
[وتُشيرُ إلى خُصلَةِ الشَّعْرِ،
ضاحِكَةً..!]
أَنْ أُرَبِّي،
عَلَى وَجْنَتَيْكِ المُلوكِيَّتَيْنِ،
جِنانَ الفَرَحْ..
[قُدْسُ مَذْهُولَةً، تَتَأَمَّلُها،
مُتَفَلْسِفَةً، كَالكِبارِ.. وتُجْري الكَلامَ،
عَلَى أَوْجُهِ الاِحْتِمالِ الغَريبَةِ..
تَفْهَمُ حَدْسًا.. وتَتْبَعُ
خَيْطَ الشَّذَا، كالفَراشَةِ..!]
هَذا العِناقُ الَّذي في الغُصونِ
الأُخُوَّةُ [تَهْمِسُ فِرْدَوْسُ]
هذا التَّناغُمُ بَيْنَ الجَناحَيْنِ،
في لَحْظَةِ الطَّيَرانِ الشَّفيفَةِ..
هَذا التَّوَحُّدُ في فِكْرَةٍ، هِيَ أَعْمَقُ
ما في الوُجُودِ: الجُذُور..!
وأَنْ نَحّتَفي كَالعَصافِيرِ،
تَحْتَ رَذاذِ الرَّبيعِ،
بِطَلَّةِ قَوْسِ قُزَحْ..!
أَنْ نُغَنِّي، ونَرْقُصَ..
أَنْ نَتَقافَزَ فَوْقَ السَّريرِ، مَعًا..
ونُلاَعِبَ آدَمَ، في شاطِئِ الرَّمْلِ..
[قالَتْ، لَهَا، قُدْسُ]
نَجْمَعُ، في سَلَّةٍ، صَدَفًا
وقَواقَعَ سَمْراءَ لامِعَةً كالبَلَحْ..
تَسْتَفِيقُ الحِكايَةُ..!
تُورِقُ أَشْجارُها في الفَضاءِ،
انْتِشاءً.. ويُعْشِبُ بَيْنَهُما
وَطَنٌ لا مَثِيلَ لَهُ..!
هَلْ تَصيرُ الثَّواني اليَتِيماتُ
عُمْرًا، مَدًى مُطْلقًا..؟!
أَنْتَ أَبْصَرْتَ في الغَرْبِ،
أُنْثَى الجَريمَةِ
تَشْحَذُ أحقادَها،
خَنْجَرًا،
خَنْجَرًا
[كَيْفَ تَحْرِمُ أُختَيْنِ
مِنْ بَهْجَةِ الْاِلْتِقاءِ..!؟
وكَيْفَ تُهَشِّمُ جَوْهَرَةً،
تَتَلَأْلَأُ بَيْنَهُما في العِناقِ!؟]
الْإِِدَانَةُ واضِحَةٌ، هَـٰـهُنا..
إِنَّما الشُّعَراءُ يُحِبُّونَ
كَعْكَ النِّفاقِ.. وتَعْرِفُ،
يا صاحِبي: لَيْسَ مَنْ أَبْصَرَ الدَّمَ،
يَجْري، كَمَنْ قَدْ جُرِحْ..!
قُدْسُ تَحْضُنُ فِرْدَوْسَها الأَبَدِيَّ..
وتَلْعَبُ مَعْ أُخْتِها البِكْرِ..
يَخْتَلِطُ الحُزْنُ والشِّعْرُ
والخَوْفُ والمِلْحُ، في داخِلي،
بِالمَرَحْ..!
أَتَذَكَّرُ جَدِّي،
سَمِيِّي الَّذي لَمْ أُعايِشْهُ
[أَحْبَبْتُهُ مِنْ حَديثِ أَبي عَنْهُ..]
تَعْصِفُ بي ذِكرياتُ البِدايَةِ
في الغارِ، عَنْ قَلْعَةٍ
خانَها الأَقْرَبُونَ، سُدًى..
يَتَجَمَّعُ في قَبْضَتي الماءُ والنَّارُ..
أَبْكي، وأَضْحَكُ.. أَعْجَزُ
عَنْ وَصْفِ هَذا النَّزيفِ..
فَطُوبَى لِمُعْجِزَةِ الشِّعْرِ..!
طُوبَى
لِحَرْفٍ
وَضِيءٍ
شَرَحْ..!
فَجْأَةً
[وأنا مُتْرَعٌ بالخَسارَةِ،
مِثْلُ الجَرارِ القَديمَةِ]
أولَدُ من خَيْبَتي.. أَتَجَدَّدُ،
كَالنَّهْرِ في رِحْلَةٍ لا انْتِهاءَ لَها..
أَسْتَعيدُ التَّوازُنَ،
وَحْدِيَ،
تَفْعِيلَةً،
إِثْرَ تَفْعِيلَةٍ..!
وكَما لاَعِبُ السِّرْكِ،
فَوْقَ السِّراطِ العَسيرِ، أُحاوِلُ،
وَسْطَ ازْدِحامِ المَشاعِرِ،
أَنْ أَقْنِصَ المَشْهَدَ القَمَرِيَّ،
أَمامِي، لِيَبْقَي كَشاهِدَةٍ
غُرَّةٍ، فَوْقَ قَبْرِ الغِيابِ..!
أُصَوِّبُ، مُرْتَبِكًا، كامِيرا
هاتِفي الخَلَوِيِّ..
أُصَوِّبُ قَلْبي
إلى ضِحْكَتَيْنِ
تُشِعَّانِ،
كالماسِ،
في مَلَكوتِ الأُبَوَّةْ..!!
__________________
(*) القصيدة إدانة شعريّة لجريمة التَّغْيِيبِ الأَبويّ.
(**) قدس وفردوس وآدم: أبناء الشّاعر.
* شعر/ المكّي الهمّامي *
* بنزرت التّونسيّة *
ممنوعتيْن من العناق..
وإلى أخيهما: آدم، مسروق الأحلام.. (**)
ضِحْكَتانِ سَماوِيَّتانِ تُشِعَّانِ،
كَالماسِ، في مَلَكوتِ الأُبُوَّةِ..
لاَ شَيْءَ يُشْبِهُ مَعْناهُما،
وَهْوَ يُومِئُ لي مِنْ بَعيدٍ،
كَتَلْوِيحَةِ اليَدِ، غامِضَةً
[كُنْتُ أُبْصِرُهُ.. وأُحاوِلُ
أَنْ أَتَأَوَّلَهُ، جاهِدًا، دُونَ جَدْوَى..!]
الْحِوارُ الرَّسُولِيُّ،
بَيْنَ العُيونِ، كَثيفُ الدَّلالَةِ..
يَأْخُذُني، عالِيًا، مِثْلَ نَجْمَةِ
فَجْرٍ، إِلَى دَهْشَةِ الحُبِّ..!
كَيْفَ أُجِسِّدُ أَشْوَاقَهُ،
كَلِماتٍ مِنَ السِّحْرِ..؟
كَيْفَ أُؤَبِّدُهُ في القَصيدَةِ؟
رَدَّ الصَّدَى: أَصْغِ تَسْمَعْ..
وَجِدْ، فَالأُبُوَّةُ مِثْلُ النُّبُوَّةِ
وَجْدٌ.. ونُورٌ مِنَ اللَّهِ..
قَلبُكَ دَرْبُكَ.. دُقَّ
شَبابِيكَ هذا الهَوَى، تَنْفَتِحْ..!
كانَ صَوْتًا حَفيفًا،
إِلَى القَلْبِ يَأْتِي: الأُخُوَّةُ،
يا قُدْسُ، أَنْ نَلْتَقي، دائِمًا..
أَنْتَقي وَرْدَةً، هِيَ أَجْمَلُ
ما في الوُرُودِ، وأُهْدِيكِها..
وأُثَبِّتُها بِأَصابِعَ دافِئَةٍ، هـٰـهُنا..!
[وتُشيرُ إلى خُصلَةِ الشَّعْرِ،
ضاحِكَةً..!]
أَنْ أُرَبِّي،
عَلَى وَجْنَتَيْكِ المُلوكِيَّتَيْنِ،
جِنانَ الفَرَحْ..
[قُدْسُ مَذْهُولَةً، تَتَأَمَّلُها،
مُتَفَلْسِفَةً، كَالكِبارِ.. وتُجْري الكَلامَ،
عَلَى أَوْجُهِ الاِحْتِمالِ الغَريبَةِ..
تَفْهَمُ حَدْسًا.. وتَتْبَعُ
خَيْطَ الشَّذَا، كالفَراشَةِ..!]
هَذا العِناقُ الَّذي في الغُصونِ
الأُخُوَّةُ [تَهْمِسُ فِرْدَوْسُ]
هذا التَّناغُمُ بَيْنَ الجَناحَيْنِ،
في لَحْظَةِ الطَّيَرانِ الشَّفيفَةِ..
هَذا التَّوَحُّدُ في فِكْرَةٍ، هِيَ أَعْمَقُ
ما في الوُجُودِ: الجُذُور..!
وأَنْ نَحّتَفي كَالعَصافِيرِ،
تَحْتَ رَذاذِ الرَّبيعِ،
بِطَلَّةِ قَوْسِ قُزَحْ..!
أَنْ نُغَنِّي، ونَرْقُصَ..
أَنْ نَتَقافَزَ فَوْقَ السَّريرِ، مَعًا..
ونُلاَعِبَ آدَمَ، في شاطِئِ الرَّمْلِ..
[قالَتْ، لَهَا، قُدْسُ]
نَجْمَعُ، في سَلَّةٍ، صَدَفًا
وقَواقَعَ سَمْراءَ لامِعَةً كالبَلَحْ..
تَسْتَفِيقُ الحِكايَةُ..!
تُورِقُ أَشْجارُها في الفَضاءِ،
انْتِشاءً.. ويُعْشِبُ بَيْنَهُما
وَطَنٌ لا مَثِيلَ لَهُ..!
هَلْ تَصيرُ الثَّواني اليَتِيماتُ
عُمْرًا، مَدًى مُطْلقًا..؟!
أَنْتَ أَبْصَرْتَ في الغَرْبِ،
أُنْثَى الجَريمَةِ
تَشْحَذُ أحقادَها،
خَنْجَرًا،
خَنْجَرًا
[كَيْفَ تَحْرِمُ أُختَيْنِ
مِنْ بَهْجَةِ الْاِلْتِقاءِ..!؟
وكَيْفَ تُهَشِّمُ جَوْهَرَةً،
تَتَلَأْلَأُ بَيْنَهُما في العِناقِ!؟]
الْإِِدَانَةُ واضِحَةٌ، هَـٰـهُنا..
إِنَّما الشُّعَراءُ يُحِبُّونَ
كَعْكَ النِّفاقِ.. وتَعْرِفُ،
يا صاحِبي: لَيْسَ مَنْ أَبْصَرَ الدَّمَ،
يَجْري، كَمَنْ قَدْ جُرِحْ..!
قُدْسُ تَحْضُنُ فِرْدَوْسَها الأَبَدِيَّ..
وتَلْعَبُ مَعْ أُخْتِها البِكْرِ..
يَخْتَلِطُ الحُزْنُ والشِّعْرُ
والخَوْفُ والمِلْحُ، في داخِلي،
بِالمَرَحْ..!
أَتَذَكَّرُ جَدِّي،
سَمِيِّي الَّذي لَمْ أُعايِشْهُ
[أَحْبَبْتُهُ مِنْ حَديثِ أَبي عَنْهُ..]
تَعْصِفُ بي ذِكرياتُ البِدايَةِ
في الغارِ، عَنْ قَلْعَةٍ
خانَها الأَقْرَبُونَ، سُدًى..
يَتَجَمَّعُ في قَبْضَتي الماءُ والنَّارُ..
أَبْكي، وأَضْحَكُ.. أَعْجَزُ
عَنْ وَصْفِ هَذا النَّزيفِ..
فَطُوبَى لِمُعْجِزَةِ الشِّعْرِ..!
طُوبَى
لِحَرْفٍ
وَضِيءٍ
شَرَحْ..!
فَجْأَةً
[وأنا مُتْرَعٌ بالخَسارَةِ،
مِثْلُ الجَرارِ القَديمَةِ]
أولَدُ من خَيْبَتي.. أَتَجَدَّدُ،
كَالنَّهْرِ في رِحْلَةٍ لا انْتِهاءَ لَها..
أَسْتَعيدُ التَّوازُنَ،
وَحْدِيَ،
تَفْعِيلَةً،
إِثْرَ تَفْعِيلَةٍ..!
وكَما لاَعِبُ السِّرْكِ،
فَوْقَ السِّراطِ العَسيرِ، أُحاوِلُ،
وَسْطَ ازْدِحامِ المَشاعِرِ،
أَنْ أَقْنِصَ المَشْهَدَ القَمَرِيَّ،
أَمامِي، لِيَبْقَي كَشاهِدَةٍ
غُرَّةٍ، فَوْقَ قَبْرِ الغِيابِ..!
أُصَوِّبُ، مُرْتَبِكًا، كامِيرا
هاتِفي الخَلَوِيِّ..
أُصَوِّبُ قَلْبي
إلى ضِحْكَتَيْنِ
تُشِعَّانِ،
كالماسِ،
في مَلَكوتِ الأُبَوَّةْ..!!
__________________
(*) القصيدة إدانة شعريّة لجريمة التَّغْيِيبِ الأَبويّ.
(**) قدس وفردوس وآدم: أبناء الشّاعر.
* شعر/ المكّي الهمّامي *
* بنزرت التّونسيّة *