محمد عباس محمد عرابي - الطبيعــــــة بيـــن نازك الملائكة وبدر شاكر السياب للباحث سليم القريشي

هذا عرض موجز لدراسة الطبيعــــــة بيـــن نازك الملائكة وبدر شاكر السياب ،وهي (دراسة موازنة)تقدَّم بها الباحث/سليم أحمد إبراهيم القريشي إلى مجلس كلية الآداب – الجامعة العراقية ، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها تخصص (أدب حديث) بإشراف الأستاذ الدكتور/منذر محمد جاسم الديري.
عام 1433هـ/2012م،وفيما يلي عرض معدل تعديلا طفيفا عما ذكره الباحث بنصه وهو يشتمل على المحاور التالية :
*المحور الأول : سبب اختيار الموضوع.
المحور الثاني :المنهج المتبع في الدراسة.
المحور الثالث: مكونات الدراسة.
المحور الرابع :نتائج الدراسة .
*المحور الأول : سبب اختيار الموضوع
اهتمام الباحث بشعر نازك الملائكة و السياب ، ورغبة الباحث في الوقوف على مظاهر الطبيعة وظواهرها وما يوحي به حضورها في النص الشعري بعدِّها خصِّيصةً من خصائص الخطاب الشعري لا يوظفها الشاعر إلا بقصد لما تحمله معها من دلالات. مستفيدا في كتابُ (الطبيعة والشاعر العربي) ، للدكتور حسين نصَّار ، بما ينطوي عليه من مفاصل تتناول مستويات تعامل الشاعر العربي مع الطبيعة ، ولقد استفاد الباحث من قراءة ديواني نازك الملائكة و السياب في تشكيل رؤيته تجاه الموضوع .
المحور الثاني :المنهج المتبع في الدراسة .
استخدم الباحث في دراسته منهج الموازنة النقدي الذي يقتضي المقابلة بين النصوص الشعرية المتقاربة في الموضوع المطروق ، ثُمَّ تمييز أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بينها ، حيث اعتمد على منهج الموازنة الحديث الذي لا يقوم على المعيارية وتفضيل نصٍّ على نص ؛ وإنما يصبُّ اهتمامه على تقديم قراءة للنصين تتأتَّى دِقَّتُها وعمقها من تبيين الفروق بين النصين ، وقد بين الباحث أن كلَّ نصٍّ منهما يقرأ النص الآخر من خلال نقاط الاقتراب ونقاط الاختلاف التي بينهما ،وفي ضوء ذلك جاءت دراسة الباحث التطبيقية في اتجاهين ، اتجاه قدم الباحث فيه الموازنة دون المقابلة بين النصوص ؛ وقد اعتمد الباحث مزايا تعامل الشاعرين مع الطبيعة مما يثير الاهتمام ، ثم قدمهما الباحث منفصلين ، وهذا واضح في (العالم الشعري) و(المعجم الدلالي) من الفصل الثاني ، وفي (الطبيعة في عناوين القصائد) و(الطبيعة وصناعة الأسلوب الشعري) من الفصل الثالث ، واتجاه قدم الباحث فيه الموازنة من خلال المقابلة بين نصين ، وهذا ما اتبعه الباحث في بقية مفاصل الفصلين . وقد عمد الباحث في دراستي التطبيقية إلى منهج التحليل النفسي في بعض طروحاته ، لاعتقاده أن هذا المنهج ضروري لإيفاء متطلبات البحث ، ولأنه يضعنا في تماس مباشر مع موقف الشاعر من الموضوع .
المحور الثالث: مكونات الدراسة :
الفصل الأول : الطبيعة في الشعر العربي
تناول الطبيعة في الشعر العربي بدءاً بالشعر العربي القديم على مدى العصور الأدبية ، وبإيجاز ، حتى مرحلة إحياء الشعر العربي التي شكَّلت خطوةً تجاه الحداثة في أوانها ونقلت الشعر العربي من طور التقليد إلى مضمار إصدار الشعر من منبع الذات ، فمثلت بذلك بوادر الشعر العربي الحديث إذ هيَّأت المزاج الشعري لتقبُّل النزعة الرومانسية . وبما أن الحديث عن الطبيعة في الشعر الرومانسي العربي كان يقتضي التطرق للرؤيا الرومانسية وطبيعة تعاملها مع الطبيعة فقد مهدت لذلك بتناول الرومانسية في الشعر الغربي وتعامل الشاعر الرومانسي مع الطبيعة وأثر الرومانسية الغربية في الشعر الرومانسي العربي ، ثم تناولت الطبيعة في الشعر الرومانسي العربي بشيء من التفصيل عارضاً نصوصاً شعرية لشعراء بارزين في الجماعات الرومانسية ، الديوان ، والمهجر ، وأبولو ، وشعراء الرومانسية في العراق ، للتعرف على طبيعة تناولهم للطبيعة ، فمستوياتُ تعاملهم معها تتراوح بين الوصف الخارجي والحنين إلى الطبيعة أو الاندماج بها أو اتخاذها رمزاً أو عالماً حلمياً يلجأ إليه الشاعر من جور الواقع .
الفصل الثاني : وهو فصل الموازنة بين نازك والسياب في إطار تعاملهما مع الطبيعة . ولقد قدَّم الباحث له بمحاولة لإضاءة ملامح العالم الشعري لدى الشاعرين ، وبعرض المعجم الدلالي للطبيعة في شعريهما ، قاصداً توضيح الخطوط العريضة لشخصيتيهما والتي كان لها الأثر في طريقة تناولهما الطبيعة ، ثم ترسَّم مستويات تعاملهما مع الطبيعة من المستوى الذي تكون فيه الذات المبدعة غير منشغلة بعالم الطبيعة ، وهو مستوى سطحي بسيط ، إلى المستوى الذي تكون فيه الذات المبدعة غارقة في عالم الطبيعة حدَّ الاندماج والاتحاد فيها ، مع ما يقع بين المستويين من ضروب الاهتمام بالطبيعة كالالتفات إلى ثنائية الطبيعة أو إسقاط الرؤى الفلسفية على مظاهرها أو تضخيم حقيقة الموت بتصويره حاصلاً في أرجائها. وقد يلاحظ على الموازنة في هذا الفصل أنها تكاد تكون موازنةً نصِّيَّة إذ تقوم على المقابلة بين نصَّين بالتقاط ما أراه مميَّزاً فيهما ثم أخلُصُ بعد ذلك إلى الموازنة ، والمبتغى من وراء هذا هو توضيح رؤية الشاعر التي يسلطها على العالم الخارجي من خلال نصِّه الشعري .
الفصل الثالث : الدراسة الفنية
وكان الاهتمام فيه منصبَّاً على بناء القصيدة وأثر الطبيعة في تشكيله وشدِّ أركانه ، فتطرقتُ لعنوان القصيدة ولاستهلالها المشتملين على الطبيعة فوقفت على حقيقة اشتراكهما في تشكيل نسيج القصيدة إلى حدٍّ لا يمكن معه فصلهما عن بنيتها ، فهما متسربان في أجزائها متشعبان في أجزائها مثل تغلغل النسغ في أغصان الشجرة ليكوِّنا معها بنية واحدة . وفي إطار دراسة بناء القصيدة أيضاً ، تناول الباحث فضاء القصيدة الذي يتشكلُ من صور الطبيعة فيأخذ مساحة القصيدة بأكملها أو يشغل جزءاً منها ، فوقفت على ثلاثة فضاءات هي : الفضاء الرمزي ، والفضاء الحلمي ، والفضاء المشتمل على صور طبيعة ثابتة ، أو صور طبيعة متحركة ، وهو عرض للأجواء التي يصنعها الشاعر من الصور الشعرية لينقل التجربة الشعرية حيَّةً إلى المتلقي ، وليشدَّه إلى عالم القصيدة فيحدث فيه الأثر المطلوب . وأما أثر الطبيعة في صناعة الأسلوب الشعري فكانت حصته خواتيم هذا الفصل ؛ إذ تطرق الباحث لتوزيع بعضٍ من عناصر الطبيعة على مساحة التجربة الشعرية للشاعرين وعلى المستوى الذي يكشف عن شخصيتهما الثقافية ، ويكشف عن أثر المجتمع فيهما وعن طبيعتيهما ، وهي محاولة لتمييز بعضٍ من خصائص أسلوبيهما .
المحور الرابع :نتائج الدراسة:
توصل الباحث من دراسته إلى النتائج التالية :
- الشعرُ ، هو ابن الطبيعة ، في أحضانها ولد وترعرع ؛ لذا فهو لا ينفصل عنها ، وينطبق هذا الوصف على الشعر بشكل عام ، ومنه الشعر العربي .
- تناول الشاعرُ العربيُّ الطبيعةَ في شعره ، وعلى مدى العصور الأدبية ، فجاءت مختلطة مع مشاعره ، تكتسي ما يخلعه عليها في لحظات الحزن أو الفرح ، وفي لحظات التفاؤل أو اليأس ، وجاءت طرفاً في صورة الشعرية يتناولها في التعبير عن مواضيعه الشعرية المختلفة ، الغزل ، والمديح ، والرثاء ، والفخر ، وهذا يدل على قربها من نفسه ومنحه إياها المرتبة الأولى من بين بقية المواضيع والصيغ التعبيرية التي يطرقها في شعره .
- لم يُدِر الشاعر العربي الحديث ظهره للطبيعة بل حظيت منه باهتمام كبير ، لاسيما بعد تبنيه الرؤية الرومانسية التي توجِّه نظر الشاعر إلى الطبيعة وتحثه على الائتناس بها وترسُّم مظاهر الجمال والنقاء والبراءة التي تكتنفها، فهي مَثَلُهُ الأعلى إذا ما شاء بلوغ قمة من الصفاء الروحي . لذلك وجدناها في شعرنا العربي الحديث على هيئات عدة ، فهي أجواء يلجأ إليها الشاعر هرباً من ثقل الواقع وقسوته ، وهي أنيس له يناجيه ويستغرق في مناجاته حتى يبلغ درجة الاتحاد به ، وهي موجودات يقدِّمها الشاعر في قصيدته رموزاً يُخفي وراءها مقاصده الحقيقية .
- لم يُعْدَم الشعر العربي من شعراء طبيعة تميزوا عن غيرهم بما أولوه إياها من الاهتمام ، وهؤلاء الشعراء هم : امرؤ القيس ، وذو الرمة ، وأبو بكر الصنوبري ، وابن خفاجة الأندلسي ، في شعرنا العربي القديم ، أما في شعرنا العربي الحديث ، فهم : إلياس فرحات ، وأحمد زكي أبو شادي ، ومحمود حسن إسماعيل ، ونازك الملائكة ، وبدر شاكر السياب .
- جاءت الطبيعة في شعر نازك الملائكة وبدر شاكر السياب على مستويات مختلفة كانت ذُروتها الاتحاد الكامل بالطبيعة ومناجاتها مناجاة صوفية تكشف عن أعماق الشاعرين وما ينطوي عليه اللاشعور الفردي والجماعي . ويرجع مستوى التعامل مع الطبيعة إلى المزاج الشعري والموقف الشعري .
- لم تحضر الطبيعة في شعر نازك والسياب أجواء يلجأ إليها الشاعر ويستغرق في مناجاتها فحسب ؛ وإنما جاءت ثيماتٍ يوظفها في القصيدة لينقل مفاهيم معينة ، ومن هذا القبيل ، تشكيل الفضاء الرمزي الذي يقدِّم أشياء الطبيعة على هيئة تخفي وراءها مقاصد الشاعر وما يريد أن يطرقه حقيقة .
- يكشف تعامل الشاعرين مع الطبيعة عن جانب من شعريتيهما ؛ فهو يضيء أبعاد رؤية الشاعرين ويقدِّم الطبيعة ثيماتٍ تحمل دلالاتٍ يقصد انها لحظة كتابة القصيدة .
تتوزَّع عناصر الطبيعة على مساحة التجربة الشعرية للشاعرين بكثافة تُعينُ على الكشف عن ملامح شخصيتيهما إذا ما تتبعناها بدقة ، كما تكشف عن ملامح أسلوبيهما الشعريين .
المراجع
سليم أحمد إبراهيم القريشي، الطبيعــــــة بيـــن نازك الملائكة وبدر شاكر السياب (دراسة موازنة) ، كلية الآداب – الجامعة العراقية ، رسالة ماجستير في اللغة العربية وآدابها تخصص (أدب حديث) ،1433هـ/2012م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى