حميد العنبر الخويلدي - الشاعر والنحلة سيّان

البغدادي الاصيل الشاعر المبدع عبد الفتاح المطلبي الذي ورث رباط العمود الاصيل في رأينا ، العمود الشعري المفعم بالحيوية و بالوجداني والعاطفي ، فلعله احياناً يشعرنا انه طفرة نوعية من زمن حضاري مخزون مؤجل لزمننا لينفع الوقت ويسد الفراغ وعَوَز الحاجة في الراهن،

النص ،،،
======.

( المطلبي اسس الى وجود قصيدة عمود عربية كاملة الشرط )


بينَ يأسٍ ونفحَـــةٍ منْ رَجاءِ
قد توسّلتُ خاشـعاً بالسماءِ
قلتُ يا رافعَ الســماءِ أغثني
فحِبــــالي تعثّـــرَتْ بدلائي
أنتَ أدْرَى بفاقةِ الروحِ منّي
وتَراها تنــــــــوءُ بالأعــــــباءِ
كل يومٍ تُحمـّل الروح بلوَى
تبتليها بمــــــارجٍ من عناءِ
ينتقُ العِــرقُ أمنياتٍ فأهفو
فإذا الأمنياتُ محضُ خواءِ
ويزلُّ اللسانُ في ألفِ حرفٍ
ويكون الكـــلامُ سِنْخَ هُراءِ
أأرى في الحياةِ يوما سخيّاً
وصدى الروح ينتهي بالرواءِ
وتسوق الريـــاحُ غيمَ غِياثٍ
وتضجُّ القِفـــــــــارُ بالآلاءِ
دعْ غيوم الرجاء تهمي فإني
لستُ أقوى على طويلِ البلاءِ
جُدْ إلهي على الدُنــــا بنبيٍّ
وعلى ذا الظــلام بالأضواءِ
فارَ تنّورُها ومــــا من نبيٍّ
وزماني يشـــــــحُّ بالأنبياءِ
في زماني تغوّلَ الهجرحتى
صارَ بيداً فكـــــلُّ شيءٍ ناءِ
وكأنّي وإن علتْــني سقوفٌ
ككثيبٍ مُجَــــــــلّلٍ بالعراءِ
يستبيحُ الرجــاءَ يأسٌ مريرٌ
ويشوبُ الآمــالَ داءُ عَماءِ
وكأن الضـــميرَ كائنُ وهمٍ
وزفيرَ الصدورِمحضُ رِياءِ
وبني الناسِ أضحـوا سراباً
والأحاديثَ كومةٌ من هَباءِ
أنا من بينهم أجـــــودُ بقلبي
قطرةً قطرةً لكــــــلِّ الظِماء
نبضةً نبضةً صنعتُ هطولي
ومن الأمنيات وَدْقي ومائي
وكأنَّ الأيّام أمستْ بحاراً
يعتريـــها تقلّــبُ الأنــــواءِ
فحذارِ من الرياح السوافي
و أعاصيــر خيـــبةٍ وبلاء
يتعالى من مائجِ الوقتِ موجٌ
وعليهِ عِمـــــامةٌ من جُفاءِ
وغيومٌ من التبـــاريحِ تترى
هاطلاتٍ على المُنى بالغباءِ
وأنا في الوصيدِ أبسطُ قلبي
وطِلاء الأيام تثغو ورائي
علّمتني أن أعصرالوجدَ خمراً
وأكيدَ العُــــــذّال بالصهباءِ
وإذا شحَّ في الكؤوسِ سُلافٌ
أملأ الكأسَ من نزيفِ دمائي
فيسيل اللعاب من شدقِ ذئبٍ
قد تمنّى وليــــــمةً أشــلائي
غير اني اغيظه كل يوم
حين تشدو ربابتي وغنائي
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،


الشاعر والنحلة سيّان. نص نقدي مقابل .
===============
نجاح باهر ان تجد نفسك امام حاصل حركي اعتباري يسمو بالنص افقياً وعمودياً في آنٍ واحدٍ ، آيلاً لصنع صيغة الذروة ، فلو رجع به تهافتياً بعدها اعني الذروة ، رسم ناموس القصيدة وحدّدَ عمرَها الطولي قياساً باعتبارها كتلة ناجزةً ، فان كان خطْاً بالفٍ عقدةٍ تصويرية ، اخذ ذروتَه نصفَه ورجع وكما صنع ابو الاندرينا يومها ،،الا هبّي بصحنك فاصبحينا ،، ولكن اي رجعة هي نعم بنفس القوة التصاعدية واقوى حتى الوصول للاستواء هناك لقاعدة النص السفلى ، اذ تدفع
بها ارادات وحدة النص العضوية جميعاً ، وهذا منظور يتحلى به ابداع الخالدين المَهَرة ، امثال اخي وحبيبي الشاعر الوريث عبد الفتاح ،
فلعلك وانت تستهل التلقي مع شعره تُجْذَبُ حالاً لحين تلاشيك واذا بك جزءًا من النص من ماهياته واكْسيره حتى سكرك الاخير وشبعك ،
( بين يأس ونفحة من رجاء
قد توسّلت خاشعاً بالسماء
قلت يارافع السماء اغثني
بحبالي تعثّرت بدلائي )
فايُّ قوّةٍ تلك التي سحبتْكَ وانتَ انتَ ، وايُّ وازع اعتراك ، فلو تمعّنتَ ظاهرةً مثلها واعطيتَنا سبباً للفائدة فكرياً كأنْ يكون نقداً ،
نعم نقول انها دالْةُ الشعر ، فللشعر دالّةٌ تختلف عن دالّة القصة والرواية وعن كل جنس حتماً ، هكذا خلقت الاجناس بطبيعتها ، وكالفاكهة طعماً ومذاقا ونكهةً ،
ليس الخوخ كالبرتقال وليس العنب كالتين ، وهكذا ، وكما ينطبق على الورد وشذاه كذلك ،
فمثل الشاعر في صنعه النّصّي كمثل النحلة في صنعها ، النحلة لاتحط على قبيح ونتنٍ ابداً بالبتّة ، انما تعرفون انها تحطُّ على نقي الزهر وعاطره ، على مياسمه وشذاه النضيج ، النحلة اول ما تكسر عذريةَ الورد ، والشاعر مقتنٍ كذلك
منتقٍ لايمدُّ ملقطَاً الا على حَسَنٍ جداً يصلح حتماً كخامة رحيقية المزاج والمودّى ولو كان الذي امامَه مَيْتَاً ،
( علّمتني ان اعصر الخمر وجداً
واكيد العذال بالصهباء
واذا شحَّ في الكؤوس سلافٌ
املأ الكأس من نزيف دمائي )

هذا طبع الصنعة في الشعر ايام كانت اجناسه ، عموداً حرّاً حداثوياً سردياً او نثراً استرسالياً ومضيْاً وغيره ،،
الشعر في خطوطه البيانية له السهم المعلّى له الاعتباري في الفوق ،له من البنّاء ما حلى للذات ووافقت في اللحظة ،
القصة والرواية ، مساحة رُسِمَتْ قبلُ ، بل كانت وجوداً ادّى وظيفته وكاشف الخليقة في العرض الكوني يوم مَثّلَ افراده حقيقته ،
نعم استقرَّ ردحاً تحت الليل والنهار والزمن الدهر قد تكون طينة الرواية من زمن الفراعنة والى الان جاء ،، العقاد ونجيب محفوظ ،، فقلبا عنها حجارتها او كسرا محارتها واخرجا الالق
المخزون وهذا مداد ومعطى الفن من هنا تنفتق جيوب الفن ويجتني المبدعون أخْذَاتِهم ، الجمال مخزون، الجمال كمادة تصلح ، تريد البحث والهجرة تريد مبدعاً داخلا رياضاته ، ليعرف كيف سيتمكن الطريدةَ ليأتِ بها فيكمل البُنى في اللحظة الفريدة وهو وراء الحجب لابد ،
المطلبي هكذا لو سألتوا عن سرِّ جمال شعره العجيب هذا ، نعم نفسّر لكم ولكن بحقيقة منهجنا الاعتباري الذي نؤمن به كمنهج سارعليه اشياخي الذي اعرف ، ولا نوشي على المعتزلة قد نكون وعسانا نعيد الوصل ، وهذا من الحظوظ ،

( فيسيل اللعابُ من شدق ذئب
قد تمنّى وليمةً اشلائي
غير اني اغيظه كلَّ يومٍ
حين تشدو ربابتي وغنائي )

عبد الفتاح في جماله كله ياتي اول ماياتي يلامس اشياءه بفم نحلة وحس نحلة ومسبار نحلة وجنح نحلة ورقّة نحلة ، خفيف ظل يهدم هيكله ، فابقاه على رصيف بغداد لااعرف اين ، قد في شارع ابي نؤاس ، ولكن خمرته حزنه وخياله ،
يكاشف ويؤانس بعدما يختار بارادات متفوقه جداً ، المبدعون دعاة الشعر الخالد يأتوننا برياضات متميزة لايجيد صوفيتها اي كان ، انما همُ الخاصّةُ ، اكثر الربًُّ منهم لنا سبحانه ليغيروا الرّثَّ بالنقي ، فيتغيّر الواقع حتما ، بديهياً ،
ومثلهم مرصودون حتماً باشارةٍ من هناك
في الغيوب ، اذ تعلم اننا مثاليون وفي نفس الوقت واقعيون ،
لانبتعد ابداً فلو ابتعدنا تُهْنا ،
التواضع والجنوح للايمان نعمة المبدع ،
هنيئاً ايها المطلبي ،،

الناقد الاعتباري
حميد العنبر الخويلدي
العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى