المكّي الهمّامي - قَرِيبًا، تَكْسِرُ قُضْبَانًا (*)

{إلى آدمَ، في منفاه..!}

يَسْأَلُني مَحْجوبٌ عَنْكَ
[أَ تَذْكُرُ مَحْجوبًا، يا وَلَدي،
طائِرَكَ الْغِرِّيدَ الْأَنْقَى..؟]
تَسْألُني الْوَرْدَةُ تَنْبُتُ أَوْثَقَ،
حَوْلَ الصُّلْبِ؛ وتَرْقَى..
تَسْأَلُني، عَنْكَ، شِقِيقَةُ
رُوحِكَ [تَعْرِفُها، طَبْعًا..!]
قُدْسُ الْأَبْهَى..
🐦

تَسْأَلُني أَشْجارُ الشَّارِعِ..
أَطْيارُ الْفَجْرِ الأُولَى..
ضَوْءٌ يَتَسَلَّلُ، خَجِلاً،
مِنْ ثَقْبٍ في سَقْفِ المَعْنَى..
وسَماءٌ أُخْرَى
أَخْطَأْتُ كِتابَتَها
[كَمْ أُخْطِئُ، يا وَلَدي..!]
تَعْبُرُها الغَيْمَةُ غامِضَةً،
ومُبَلَّلَةَ المَسْرَى..
🐦

تَسْأَلُني عَنْكَ المُوسيقَى،
صاعِدَةً مِنْ صَمْتِ الأَحْجارِ،
ذُهولاً أعْمَى،
وبَياضًا لا تَأْوِيلَ لَهُ..!
[أَوِّلْ ، يا آدَمُ، لي
هَذي الرُّؤْيَا..!]
🐦

يَسْأَلُني الشَّايُ الْأَخْضَرُ،
عَنْكَ طَوِيلاً، كُلَّ مَساءٍ..
وكَراسِيُّ المَقْهَى
[أَيْنَ جَلَسْنا..!]
والنَّادِلُ مُبْتَسِمًا،
والأَشْياءُ الأَسْمَى..
🐦

تَسْأَلُني الطُّرُقاتُ،
خَطَوْناها صَوْبَ الشَّاطِئِ،
حَيْثُ الصَّخْرُ الرَّمْلِىُّ،
وحيثُ الأَصْدافُ تَلألَأُ
تَحْتَ الشَّمْسِ، وحيثُ الزُّرْقَةُ
[هَلْ تَتَخَيَّلُها، الْآنَ، مَعي..؟]
سَيِّدَةُ الأَلْوانِ الأَشْهَى..
🐦

تَسْأَلُني تِينَةُ جَدِّكَ، عاكِفَةً،
قُرْبَ الغارِ، كَصُوفيٍّ يَتَعَبَّدُ..
تَحْرُسُ "جَبَلَ النَّاظورِ"
مِنَ الإفرنْجِ [غُزَاةً، ولُصُوصًا،
وسَماسِرَةً مِنْ كِلِّ جِهاتِ الماءِ،
يَجِيئُونَ..!]
تَمِيلُ بِكامِلِ فِتْنَتِها..
وتُطِلُّ عَلَى هَذي الدُّنْيا،
هازِئِةً، ثابِتَةً في تُرْبَتِها..
لا تَخْشَى المَهْوَى..
🐦

تَسْأَلُني النَّجْمَةُ، تَبْرُقُ
وَسْطَ الظُّلْمَةِ.. أَرْياحٌ
تَعْصِفُ عُرْضَ البَحْرِ.. فَراغٌ
يَتَفَلْسَفُ في مَغْزَى المَوْتِ..
وأَصْواتُ الغابَةِ تَأْتِي،
[أَنْصِتْ، تَسْمَعْ..!]
مُتْرَعَةً بطُفولاتٍ شَتَّى..
🐦

تَسْأَلُني القِطَعُ النَّقدِيَّةُ،
في "الكَتالوغِ".. ورُقْعَةُ
شِطْرَنْجِكَ، مُشْرِقَةً..
ما زالَتْ بَصْمَةُ إبهامِكَ،
فَوْقَ القَلْعَةِ، يا (آدَمُ)
[حَدِّقْ، تُبْصِرْها، ناطِقَةً: هل تَنْهارُ
قِلاعُ الحَقِّ، لِتَعْلُوَ في البُطْلانِ
قِلاعٌ مَبْغَى..؟!]
🐦

يَسْأَلُني الْعالَمُ، عَنْكَ،
حَبيبَ القَلْبِ..
ولَيْسَ لَدَيَّ جَوابٌ، أَبَدَا..!
أَ أَقُولُ بِأَنَّكَ مُخْتَطَفٌ..!
أَ أَقولُ بِأَنَّكَ مُنْتَزَعٌ،
كَالغُصْنِ الغَضِّ،
مِنَ الجِذْعِ الأَبْقَى..
🐦

مُقْتَلَعٌ،
كَالنَّايِ،
بمِشْرَطِ عاهِرَةٍ صَدِئٍ
[لا تَرْحَمُ..!]
مِنْ قَصَبِ الأَصْلِ الأَتْقَى..
🐦

الواضِحُ أَنَّكَ مُعْتَقَلٌ،
في قَبْرُونَةَ [أَرْضٌ مَنْفَى..!]
سَجَّانُكَ زانٍ..
وعَدُوُّكَ فانٍ..
وقَريبًا، تَكْسِرُ قُضْبَانًا..
وتَطيرُ، جَناحًا
لا تُخْطِئُهُ العَيْنُ..
تُحَلِّقُ أَعْلَى..!
🐦


شعر/ المكّي الهمّامي

____________________
(*) القصيدة إدانة شعريّة لجريمة التَّغْيِيب الأبويّ
#التغييب_الأبوي_جريمة_ضد_الإنسانية


(بنزرت التّونسيّة)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى