حادة أوشني (جواهر ماسين) - الطّيف

عاد يوسف الى بيته كامد الوجه مغموما تائها، بعد أن أمضى ساعات يجوب الشوارع والأزقة، لم يترك أي مكان لم يبحث فيه عن أمه التي غادرت بيته منذ ثلاثة أيام ، شاركه البحث القاصي والدّاني من ألأهل وا لجيران، طرقوا كل ألأبواب اتصلوا بالدّرك، بحثوا في مستودع الأموات، نشروا صورها في كل المواقع التّواصلية دون جدوى. كانوا جميعا في عَشواءَ من أمرهم.
كانت الدموع تغسل لحيته التي بدأ بعض الشيب يغزوها، سجد لله باكيا مُتضرعا أن يرد إليه أمه فهي امرأة مسنة ومصابه بمرض الزهايمر، الذي أنساها ماضيها وحاضرها ، وأنساها من تكون. وهوجالس فوق سجادته رأى طائرا أو ماشابهه يحوم فوق رأسه، حَدّجَ ببصره إلى ذلك الظل الأسود الذي يظهر ويختفي بلمح البصر.فرك عينيه لعله خداع البصر نتيجة الإرهاق وقلة النوم،ثم هلل وكبر بصوت سُمع صداه في كل أرجاء البيت..تدافع إخوته وكل من كان بالبيت من الأقارب والجيران وتحولقوا حوله وهو شاخص ببصره لذلك الطيف. فجأة دخلت أمهم الحاجة زينب بإزارها الأبيض (تاميزارت) تشد خصرها باسثاو الحزام الأمازيغي الأصيل وعلى رأسها منديل أبيض هلل الجميع وكبر وصلى على النبي العدنان، وتسابقوا لاحتضانها وتقبيل يديها الموشومتين. لكن سرعان ما بهتوا لقد كانت كريشة خفيفة، تمشي ولا تمشي قدماها لا تلامسان الارض،خرجت كما دخلت، لحق بها الجميع بما فيهم الجيران رجالا ونساء كبارا وصغارا، حتى الذين كانوا بمنازلهم وسمعوا تلك الجَلَبَة كأنهم تحت تأثير سحر ساحر، كان الكل واجما فارغا فاه يتبع الحاجة زينب العائدة من بعيد تمشي الهوينا. حتى بلغت مكانا قصيا منتبذا قرب البحر ينبت فيه القصب والأشواك، تتخذها الطيور المهاجرة من أوربا منطقة عبور.لم يفكر أحد في البحث بها لوعورة مسالكها. وعلى بعد أميال لاح للجميع جسد ممدد منكب على وجهه. وقف الطّيف عند رأسه، مُتفحصا كل الوجوه الواجمة، وحلّ بالجّثة ولبسها من رأسها كما يُلبَس الثوب.
بقلم جواهر ماسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى