محمد عباس محمد عرابي - جمال البيان في التعبير عن سطوة الأحزان وقفة مع قصيدة الحزن للشاعرة كريمة ثابت

في قصيدة الحزن استطاعت الشاعرة القديرة كريمة ثابت توظيف أساليب البلاغة ،وخاصة البيان البلاغي بفنياته الجميلة في التعبير عن الأحزان بمهارة واقتدار، وسيتم في هذا المقال بيان ذلك من خلال ثلاثة محاور :
المحور الأول : براعة الاستهلال وحسن الغلق والختام:
لقد تجلت لنا منذ البيت الأول في القصيدة (براعة الاستهلال في قولها : الحزن ليس له صوت
أخرس لئيم!
يمشي على عكازه ليفقأ عيون الأرض.
فالحزن ليئم يفقأ عيون الأرض )
وانتهاء بحسن الغلق والختام في عدم القدرة على مصارعة ونضال هذا الأخرس اللئيم!) ولا حيلة إلا التسليم حيث تقول :
سأتركني لك
لتمارس سطوتك كما شئت
فما عدت أقوى على نضالك من جديد!!
المحور الثاني :نص قصيدة الحزن :
تقول الشاعرة القديرة كريمة ثابت في قصيدة الحزن:
الحزن ليس له صوت
أخرس لئيم!
يمشي على عكازه ليفقأ عيون الأرض
ويدهس ياسمينها الأبيض!
بلا أدنى مبالاة
الحزنُ
لقيطٌ
ليس له أم القمته ثديها ذات حنان
ولا أب دثره ذات شقاء بالأمن!
الحزنُ
غامضٌ
كسحابةٍ ضبابيةٍ مخبوءةُ بحكايةٍ أسطوريةٍ مرعبة!
يأتينا ماداً ذراعه الأخطبوطية
ليحتضنَ أحلامنا
ويئد براعمَ ضحكاتنا التي لم تولد بعد
ويقتات بقايا ليلاتنا المبهجة
نصحو لنجده ينام إلى جانبنا في الفراش
مبللاً شراشفنا التي بالكاد غسلناها
ونقعناها بشمسِ الظهيرة بالأمس القريب
لتطهر من رائحته الكريهة
بالكاد تخلصنا من سواده
لنلتحف بياضَ إيامنا
تباً لك أيها الحزن
مرارا حاولت أن أتبرأ من سطوتك
مراراً أفرغت اسطواناتك المترعة باللدغات الطازجة
والطعنات الفتية!
لكنك محارب صبور !
حتى وإن تواريت خلف كثبان ابتسامات هشة
أو أخذتك غفوة قصيرة
تعود مرةً أخرى
رافعاً راية النصر
معلنا دولتك الجديدة في دمي
ماصا ذكريات الفرح
حتى الثمالة
غالبا
سأتركني لك
لتمارس سطوتك كما شئت
فما عدت أقوى على نضالك من جديد!!
المحور الثالث: من ملامح البيان في قصيدة الأحزان:
فقد وظفت الشاعرة كريمة ثابت التشبيه والاستعارة بمهارة لإبراز شدة الأحزان ،فقد اتسمت أبيات القصيدة بالتشخيص الذي يوضح المعاني فها هو الحزن يتم تشبيهه بإنسان على سبيل الاستعارة لكنه إنسان أخرس، وأنه بالرغم من كونه يمشي على عكازه إلا أنه يفقأ عيون الأرض ،ويحول الصفاء والجمال لقبح لعنفه وشدته ،وفي هذا تقول الشاعرة :
الحزن ليس له صوت
أخرس لئيم!
يمشي على عكازه ليفقأ عيون الأرض
ويدهس ياسمينها الأبيض!
بلا أدنى مبالاة.
وها هي الشاعرة تواصل تشخيص الأحزان وتشبيهها بالمحسوس الإنسان لكنه لقيط لا أم له ولا أب وفي هذا تقول الشاعرة :
لقيطٌ
ليس له أم القمته ثديها ذات حنان
ولا أب دثره ذات شقاء بالأمن!
ثم تتوالى التشبيهات والاستعارات في أبيات القصيدة فها نحن نجد الحزن :"غامض –سحابة ضبابية مخبوءة " وهو كالأخطبوط الذي يريد أن يبدد أحلامنا وآمالنا ).
الحزنُ
غامضٌ
كسحابةٍ ضبابيةٍ مخبوءةُ بحكايةٍ أسطوريةٍ مرعبة!
يأتينا ماداً ذراعه الأخطبوطية
ونجد ه كإنسان (مبدد الأحلام – يقتل ويئد براعمَ ضحكاتنا التي لم تولد بعد، يقتات الليالي ،يرافقنا بثقله وهمه وغمه صباح مساء يقظة ونوم نجد الحزن في فراشنا التي نحرص على تطهيرها من آثار الحزن وكلنا أمل في أن يفر لنعيش حياة هانئة سعيدة )حقا لقد أبدعت الشاعرة في توظيف البيان توظيفا بارعا لإبراز طبيعة الأحزان للعيان ،وفي هذا تقول الشاعرة :
ليحتضنَ أحلامنا
ويئد براعمَ ضحكاتنا التي لم تولد بعد
ويقتات بقايا ليلاتنا المبهجة
نصحو لنجده ينام إلى جانبنا في الفراش
مبللاً شراشفنا التي بالكاد غسلناها
ونقعناها بشمسِ الظهيرة بالأمس القريب
لتطهر من رائحته الكريهة
بالكاد تخلصنا من سواده
لنلتحف بياضَ إيامنا


وتواصل الشاعرة كريمة ثابت بيانها الفني البلاغي في إبراز طبيعة الأحزان ولداغاتها وطعناتها المتواصلة رغم تواريها للاستراحة لكنها استراحة مقاتل مصر على تحقيق النصر ،يود ترك خصمة بلا زاد ولا عدة حيث تقول :
تباً لك أيها الحزن
مرارا حاولت أن أتبرأ من سطوتك
مراراً أفرغت اسطواناتك المترعة باللدغات الطازجة
والطعنات الفتية!
لكنك محارب صبور !
حتى وإن تواريت خلف كثبان ابتسامات هشة
أو أخذتك غفوة قصيرة
تعود مرةً أخرى
رافعاً راية النصر
معلنا دولتك الجديدة في دمي
ماصا ذكريات الفرح
حتى الثمالة
غالبا
سأتركني لك
لتمارس سطوتك كما شئت
فما عدت أقوى على نضالك من جديد!!
وأمام سطوة الأحزان لا نملك إلا أن نقول : (اللَّهُمَّ إنِّا نعوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجَالِ).

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى