1- القط
لا أحد يعرف من جاء به ﺇلى هذه الحانة ولا أحد يتذكر متى كان ذلك ٬كأن وجود القط هنا ! قد تمّ خارج الزمن . صاحبة الحانة ٬المرأة البدينة ٬ لا تجيب بشيء محدد حين يكون موضوع السؤال قط "حانة مارسيليا " " مغاوْري " . هذا هو لقبه الذي حصل عليه من رواد البار فضلاً عن الركلات التي تطال مؤخرته كل حين . في مقدمة الرأس غور ينتهي بقاع متعفّن هو ما تبقّى من عين تالفة . قلّما يثير شفقة أحد ٬ عدا صاحبة الحانة التي تسعفه ببعض بقايا الطعام ٬تجمعه من الموائد في آخر الليل ٬حتى دون أن يكون قد حقق رغبتها في طرد الجردان التي تتراكض في مخزن الخمور ٬ حيث لم يفلح في ﺇبادتها فأصبحت تعربد على مرمى حجر من عينه السليمة .يقضي سحابة يومه مضطجعاً على "الكونتوار" أو يلفّ بين الطاولات طلباً لبقايا طعام . في جولاته المتوجسة تلك ٬ يحدث أن تطوّح به رجل عاليّاً أو تدوس قدم قصداً على ذيله ٬ينطّ محدثاً مواءً ممطوطاً فتعلو من جهة في البار قهقهة . ..يلود" مغاوري " بالكونتوار ساخطاً على اليوم الذي بدأ فيه قطّاً يتسول فتات هؤلاء السكارى . .
2 ــ حانة" مارسيليا"
يخرجون ويدخلون ...بعضهم يخرج وبعضهم يدخل : ماسحو أحذية ٬بائعو السجائر بالتقسيط ٬مخبرون ٬ سماسرة ٬قوادون ٬مرابون ٬لصوص ٬ مجرمون ٬ متسولون ٬ سكارى وغير سكارى (ولكن بلية البار لشديدة ) يسرقون ٬يعرضون تجارتهم الممنوعة والمسموح بالمتاجرة فيها ٬ يشربون ٬ يصخبون ٬ يتقيؤون أحشاءهم ٬ يتبولون يساومون على بعض الحاجات ٬ يتنصتون ٬ يترصدون ٬ يتربصون بالآخرين ...ضجرون ٬ نزقون ٬ يشربون ٬ يتقيؤون أحشاءهم ٬تشتبك الأرجل ٬ أرجل الذين يجلسون ٳلى الموائد وأرجل الذين يجوبون بينها بحثاً عن طا لب خدمة أو ضحية . لا مكان هنا للشرف والأخلاق ٬ يتبولون على الأخلاق ويبصقون على الشّرف . ماسحو الأحذية ينظرون ٳلى الأحذية تحت الطاولات.تسيري(تلمع حذاءك؟ !) دق على صندوقه بفرشاة التلميع , أتاه الجواب ليس كما كان يتوقعه ٬ جعلته الصفعة التي انهالت عليه من الخلف يترنح ثم يفقد توازنه ويسقط على ٳحدى الطاولات .لصّ !ٳبن الكلب ! أرسلتك لتحضر لي سجائر فاختفيت " لا حمار ولا خمس فرنكات " أمسك الصبي من ياقة قميصه ورفسه سقط الصندوق من يد الصبي ﺇنتشلوا الطفل من براثن الرجل الذي كان يرغي ويزبد أخرجوا الصبي٬ عاد الرجل ٳلى مائدته وواصل شرابه كاشفاً عن صدره الذي ﺇختلط بياض شعره بسواده.
3 ـ ٳنتصار عابر:
خرج القط من غفوته فوق الكونتوار ٬تمطى . الرائحة التي ﺇنطلقت من الأطباق التي جيء بها من المطعم المجاور للبار ٬ أخرجت القط من غفوته تلك . نطّ ٳلى الأسفل ٬ﺇتجه ٳلى حيث وضعت الأطباق على مائدة الرجل الذي كشف عن صدره . أقعى وتطلع الى المائدة ٬بدأ يتوسل الى الرجل بمواء واهن ممطوط لكن الرجل زجره . أصر القط على المواء ."طصب " قالها الرجل بنرفزة هذه المرة ٬ ولكن٬ يبدو أن القط لم يلاحظ ذلك الغضب الذي تسور وجه الرجل .وفي لحظة تلتها صرخة هستيرية ﺇنقضّ الرجل على القط والتقطه من قفاه ٬حاول أن يضربه برأسه غير أن القط تمكن من وجه الرجل فأثته بخدوش ..الرجل الذي يبدو أنه لم يبلع الإهانة وجه ضربة ثانية للقط فكانت برداً وسلاماً على رأسه٬ أنشب القط مخالبه في وجه الرجل حتى أسا ل دمه ٬صرخ الرجل بجنون ٬ فكر فيما يجب عمله لرد الاعتبار لنفسه ٬جاءته الفكرة حين لمح الشوكة على المائدة . سحبها ثم شكها في عين القط السليمة وأدارها في المحجر٬ٳنتفض القط وطفر من بين يدي الرجل مصدراً مواءً غريباً ٬جرى على غير هدى ٬ارتطم بالطاولات قبل أن يضع حاجز الكونتوار حداً لهروبه ٬وأسفله جلس ٬كان جسده يرتعش وكانت خيوط من الدماء تنساب من عينه التي كانت من قبل سليمةً .خيم صمت على فضاء البار . حتى الرجل الذي كان قد أحس بالظفر ٬سكت٬ ربما ٳنتبه ﺇلى الوجوم الذي ساد أوجه الرجال ثم الى النظرات التي تعلقت به كأنما لتؤنبه . خرج صوته بعد ذلك متهدجاً . لماذا تنظرون الي ٬ هكذا؟!أنا لم أكن أريد به سوءاً!! هو الذي بدأ حربه معي ٬أنظروا!!لقد أدمى وجهي وشوهه٬من سيعيد الي نضارته ؟!أأنتم ستعيدونها !! تكلموا!!.
لا أحد يعرف من جاء به ﺇلى هذه الحانة ولا أحد يتذكر متى كان ذلك ٬كأن وجود القط هنا ! قد تمّ خارج الزمن . صاحبة الحانة ٬المرأة البدينة ٬ لا تجيب بشيء محدد حين يكون موضوع السؤال قط "حانة مارسيليا " " مغاوْري " . هذا هو لقبه الذي حصل عليه من رواد البار فضلاً عن الركلات التي تطال مؤخرته كل حين . في مقدمة الرأس غور ينتهي بقاع متعفّن هو ما تبقّى من عين تالفة . قلّما يثير شفقة أحد ٬ عدا صاحبة الحانة التي تسعفه ببعض بقايا الطعام ٬تجمعه من الموائد في آخر الليل ٬حتى دون أن يكون قد حقق رغبتها في طرد الجردان التي تتراكض في مخزن الخمور ٬ حيث لم يفلح في ﺇبادتها فأصبحت تعربد على مرمى حجر من عينه السليمة .يقضي سحابة يومه مضطجعاً على "الكونتوار" أو يلفّ بين الطاولات طلباً لبقايا طعام . في جولاته المتوجسة تلك ٬ يحدث أن تطوّح به رجل عاليّاً أو تدوس قدم قصداً على ذيله ٬ينطّ محدثاً مواءً ممطوطاً فتعلو من جهة في البار قهقهة . ..يلود" مغاوري " بالكونتوار ساخطاً على اليوم الذي بدأ فيه قطّاً يتسول فتات هؤلاء السكارى . .
2 ــ حانة" مارسيليا"
يخرجون ويدخلون ...بعضهم يخرج وبعضهم يدخل : ماسحو أحذية ٬بائعو السجائر بالتقسيط ٬مخبرون ٬ سماسرة ٬قوادون ٬مرابون ٬لصوص ٬ مجرمون ٬ متسولون ٬ سكارى وغير سكارى (ولكن بلية البار لشديدة ) يسرقون ٬يعرضون تجارتهم الممنوعة والمسموح بالمتاجرة فيها ٬ يشربون ٬ يصخبون ٬ يتقيؤون أحشاءهم ٬ يتبولون يساومون على بعض الحاجات ٬ يتنصتون ٬ يترصدون ٬ يتربصون بالآخرين ...ضجرون ٬ نزقون ٬ يشربون ٬ يتقيؤون أحشاءهم ٬تشتبك الأرجل ٬ أرجل الذين يجلسون ٳلى الموائد وأرجل الذين يجوبون بينها بحثاً عن طا لب خدمة أو ضحية . لا مكان هنا للشرف والأخلاق ٬ يتبولون على الأخلاق ويبصقون على الشّرف . ماسحو الأحذية ينظرون ٳلى الأحذية تحت الطاولات.تسيري(تلمع حذاءك؟ !) دق على صندوقه بفرشاة التلميع , أتاه الجواب ليس كما كان يتوقعه ٬ جعلته الصفعة التي انهالت عليه من الخلف يترنح ثم يفقد توازنه ويسقط على ٳحدى الطاولات .لصّ !ٳبن الكلب ! أرسلتك لتحضر لي سجائر فاختفيت " لا حمار ولا خمس فرنكات " أمسك الصبي من ياقة قميصه ورفسه سقط الصندوق من يد الصبي ﺇنتشلوا الطفل من براثن الرجل الذي كان يرغي ويزبد أخرجوا الصبي٬ عاد الرجل ٳلى مائدته وواصل شرابه كاشفاً عن صدره الذي ﺇختلط بياض شعره بسواده.
3 ـ ٳنتصار عابر:
خرج القط من غفوته فوق الكونتوار ٬تمطى . الرائحة التي ﺇنطلقت من الأطباق التي جيء بها من المطعم المجاور للبار ٬ أخرجت القط من غفوته تلك . نطّ ٳلى الأسفل ٬ﺇتجه ٳلى حيث وضعت الأطباق على مائدة الرجل الذي كشف عن صدره . أقعى وتطلع الى المائدة ٬بدأ يتوسل الى الرجل بمواء واهن ممطوط لكن الرجل زجره . أصر القط على المواء ."طصب " قالها الرجل بنرفزة هذه المرة ٬ ولكن٬ يبدو أن القط لم يلاحظ ذلك الغضب الذي تسور وجه الرجل .وفي لحظة تلتها صرخة هستيرية ﺇنقضّ الرجل على القط والتقطه من قفاه ٬حاول أن يضربه برأسه غير أن القط تمكن من وجه الرجل فأثته بخدوش ..الرجل الذي يبدو أنه لم يبلع الإهانة وجه ضربة ثانية للقط فكانت برداً وسلاماً على رأسه٬ أنشب القط مخالبه في وجه الرجل حتى أسا ل دمه ٬صرخ الرجل بجنون ٬ فكر فيما يجب عمله لرد الاعتبار لنفسه ٬جاءته الفكرة حين لمح الشوكة على المائدة . سحبها ثم شكها في عين القط السليمة وأدارها في المحجر٬ٳنتفض القط وطفر من بين يدي الرجل مصدراً مواءً غريباً ٬جرى على غير هدى ٬ارتطم بالطاولات قبل أن يضع حاجز الكونتوار حداً لهروبه ٬وأسفله جلس ٬كان جسده يرتعش وكانت خيوط من الدماء تنساب من عينه التي كانت من قبل سليمةً .خيم صمت على فضاء البار . حتى الرجل الذي كان قد أحس بالظفر ٬سكت٬ ربما ٳنتبه ﺇلى الوجوم الذي ساد أوجه الرجال ثم الى النظرات التي تعلقت به كأنما لتؤنبه . خرج صوته بعد ذلك متهدجاً . لماذا تنظرون الي ٬ هكذا؟!أنا لم أكن أريد به سوءاً!! هو الذي بدأ حربه معي ٬أنظروا!!لقد أدمى وجهي وشوهه٬من سيعيد الي نضارته ؟!أأنتم ستعيدونها !! تكلموا!!.