د. خالد عبدالغني - رأفة بقلبها يلغى قانون اجتماعي

نزل القرءان الكريم منجما - متفرقا - على الرسول الأعظم سيدنا محمد ص ، كما نزل في كثير منه ليعلاج عددا من القضايا الشخصية والعامة كأمر المرأة المجادلة وحادثة الإفك وأمر تحريم الخمر وفداء الأسرى والقائمة في هذا تطول وتطول، ولقد أكثر المؤرخون والمفسرون والمستشرقون في ذكر أمر زواج النبي ص من السيدة ام المؤمنين زينب بنت جحش فمنهم من أحسن ومن أساء بدون قصد او بقصد ، ومن أعظم من رد هذه الشبهة المفكر والفيلسوف المصري نظمي لوقا في كتابه "محمد في حياته الخاصة" وأما شيخنا محمد الغزالي فقد رد الواقعة المسيئة بقوله "إن الذي كتب هذا الكلام كان يجلس فس خمارة"، وتأويلي للواقعة أنه عندما استحالت الحياة الزوجية بين الزوجين زيد بن حارثة وكان ابنا بالتبني للرسول ص وبين زوجته زينب بنت جحش ابنة عمة رسول الله ، بسبب أنفتها وشعورها بالكبرياء وعلو المكانة فهي قرشية وحرة وهو مولى تربى في قريش ، وحدث الطلاق كنتيجة طبيعية لعدم التكافؤ الاجتماعي وفق الأعراف السائدة يومذاك ، بالرغم من محاولات الرسول التوفيق بينهما كما جاء بالقرءان اذا يقول لزيد "أمسك عليك زوجك " ، حدث الطلاق وعرفت المدينة هذا الخبر من تأبي زينب على زوجها لمكانتها وطلاقها منه ، وكان العرف ايضا ألا تبقى المرأة بلازوج ولا يبقى الرجل بلا زوج أيضا فالإسلام والعرف الاجتماعي يحثان هنا على التزويج للرجل والمرأة على الزواج والنصوص النبوية كثيرة في هذا أيضا، وهنا فكر النبي في أمر تزويج السيدة زينب لأحد من المسلمين بالمدينة ولكن ـابيها على زوجها صار أمرا معلنا وكان السؤال من هذا الذي يصلح للزواج منها بعد ما عرف وشاع ، ومن ترضاه لقبول الزواج منه بعد تلك التجربة القاسية التي عاشتها مع زيد ؟ فصار الأمر محيرا ، وهنا يفكر النبي في الرأفة بهذا القلب المفجوع والمتألم معا ، فيفكر في الزواج منها لأنه الأنسب من وجهة نظرها لهذا الأمر ولأن الرسول تزوج من قبل بأهداف كلها من أجل الدعوة وتماسك الجماعة المسلمة ورعاية ابناء الزوجات اللاتي مات عنهن ازواجهن وتضميدا لجراحهن الخ ، ولا مانع من ان يتسق الرسول مع منهجه في الحياة والدعوة الى الله على هذا النحو ولو كان الأمر هذه المرة مع إحدى قريباته فيفكر في الزواج منها ليرحم هذا القلب المتألم الذي لم تتجاوز صاحبته سن الشباب ، ولكن هناك في المقابل ذلك القانون الاجتماعي الذي يحرم الزواج من زوجة الابن المتبنى ، فيكون التنزيل الالهي للايات والاحكام القرانية التي تلغي هذا القانون الاجتماعي رحمة ورأفة للسيدة زينب كما نزل القرءان من قبل ومن بعد ليعالج مشاكل شخصية او حالات فردية للرجال والنساء على السواء وهي كثيرة لمن يريد البحث عنها ، فيكون الأمر للنبي بالزواج منها وتحريم التبني كل ذلك من أجل الرحمة بقلب السيدة أم المؤمنين زينب بنت جحش . وتم تخليد زيد بذكره في القرءان لتعويضه عما لحقه من أذى - كان في جوهره معاناة نفسية - من الغاء بنوته للرسول وشيوع تأبي زوجته عليه خاصة وأن زيدا قد أثار الضغينة لدى بعض المسلمين نتيجة مكانته عند سيدنا رسول الله ولربما لاحظ هو نفسه - أي زيد - بعض التشفي في أعينهم او في كلامهم بعد كل ما حدث ، وواقعة اعتراض بعض المسلمين على تولية ابنه اسامة قيادة الجيش في إحدى الغزوات وكان الرد الحاسم من سيدنا رسول الله "فوالله لئن طعنتم فى إمارتى أسامة، لقد طعنتم إمارتى أباه من قبل، وأيم الله إنه كان للإمارة لخليق، وإن ابنه من بعده لخليق بالإمارة".


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى