د. محمد العدوي - جذور اللهجات العامية المصرية / 46 سيف بن ذي يزن

يقول الكاتب الكبير الأستاذ خيري شلبي في تقديمه لكتاب سيرة فارس اليمن الملك سيف بن ذي يزن : " ولقد عاشت هذه السير طوال الأزمنة الماضية وحتى الآن لأنها تحمل في مكوناتها إمكانية البقاء إنها ليست ومجرد وقائع وأحداث شائعة مثيرة تنجح في تفريغ طاقة الشر عند بعض الناس إنما هي منظومة من القيم الأخلاقية العظيمة تزرع في نفوس الأجيال قيم البطولة والنبل والفروسية وتكرس لارتباطهم بالوطن والقوم فهي إذن تعتبر سجلا للوجدان الثقافي الشعبي مصاغا في أجمل صورة " ..

ويقول أيضا في المقدمة إن هذه السيرة هي الأكثر انتشارا في التراث الشعبي للصعيد بعد السيرة الهلالية ويعزو سبب ذلك إلى أن قبائل بني هلال كان لها تغلغل في الصعيد منذ العصر الفاطمي .. ومن وجهة نظري فإن وجود هذه السيرة كان لازما لإحداث التوازن بين الجذرين الكبيرين للعرب وهما عدنان وقحطان حيث كانت الحرب مستعرة طوال العصور الوسطى بين القيسية واليمانية في الحجاز والشام ومصر والمغرب العربي والأندلس وصار لكل منهم موروثه الشعبي الذي يحكي تاريخه ..
وعندما صار للعرب القيسية ملحمة تحكي رحلة واحدة من أهم قبائلها تحتم على العرب اليمانية وهم الأغلبية في صعيد مصر أن يكون لهم ملحمة تستعيد أمجادا قديمة من خلال قصة الملك معديكرب بن السميفع أشوع الحميري والذي عرف عند العرب باسم سيف بن ذي يزن والذي قاد حركة تحرير اليمن من الاحتلال الحبشي .. وقد دارت وقائع تلك الحرب قبيل ظهور الإسلام وانتهت بانتصار العرب ودخول الملك مظفرا إلى قصر غمدان بصنعاء في يوم مشهود حيث وافته وفود العرب للتهنئة ..
وغالبية قبائل الصعيد تنحدر من عرب الحجاز ذوي الأصول اليمنية وعلى رأسهم بلي وجهينة القضاعية التي تنسب نفسها إلى حمير .. ولازالت أسماء بعض العشائر والقرى تشير إلى هذا الارتباط ومنهم الصوامعة في كل من طهطا وأخميم بسوهاج وفرشوط ونجع حمادي بقنا .. والصوامعة تحريف عن الصوانعة أي المجاورين لصنعاء حيث يوجد في محافظة البيضاء اليمنية مدينة تحمل نفس الاسم وهو الصومعة وكذلك في منطقة تبوك يطلق على إحدى عشائر البركات البلوية اسم الصوامعه ..


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى