وَقف على حافة النافذة ، مدَّ بصره باتجاهي ، ثم حرك رأسه يميناً ويساراً ، وكأنه تأكد من أنني أنا ، ومال برأسه على ساقه اليسرى ، ليحل عقدة خيطٍ ، التف على هذه الساق ، فظهرت من تحته ، ورقة كأنها صفحة من مخطوط قديم ، انتزعها بمنقاره ، وألقاها ناحيتي ، ليعود أدراجه.
الورقة متهالكة ، فضضتها برفق خشية أن تتمزق.
الذي أعلمه تماماً ، أنَّ في طيِّها ما لا يمكنني التكهن به ، قرأتها بتمعن ، لتأخذني حالة من التفكر.
خرجت بالكاد من نفق ضيق جداً، كنت أتنفس بلهفة ، كمن غاب عن صدره الهواء ردحاً من الزمن، أنظر لون بشرتي ، الذي تحول إلى اللون الأزرق تمامً.
كلما امتلأ صدري بالهواء ، خفَّت حدة هذا اللون ، وعاودني الشعور بالراحة ، والاسترخاء ، حتى اختفى لوني الأزرق ، ومعه ذلك الشعور المقيت بالإجهاد ، سرت فوق الأرض، بانتفاء الأغلال التي أحاطتني من قبل ، والتخلص من الأصفاد التي كنت بها مُقَرَّنةً، لم تَخل أنفاسي من تنهد متقطع، هرعت باحثة عن أرض خضراء ، أتلمس بعض الأكسجين ، في هواء نقي ، يعيد إلي عافيتي ، فاهتديت إلى مرج أسرني بالروائح التي غشيتني منه ، بمجرد أن وليت وجهي تجاهه ، أتحسس بتلات الزهور ، مخملية الملمس ، وإن آلمتني بعض أشواكها، رائحتها تتمدد داخلي ، لتنقيني مما علق بي، أسير كمن لا يريد أن يتوقف ،ولكنِّي آثرت الجلوس على الأرض المعشوشبة ، تتخللها زهور تتمايل تداعب ملامحي في حنو حبيبين التقيا بعد طول غياب، تعيد صياغتي من جديد وأنا لها مستسلمة.
أتأمل حال الإنسان ، يطوع كل شيء بحسب هواه، أنا المجلود، لا يهم مَنْ يكونُ الجلاد ، المهم أنه مستمر بالجلد ، ضعيف يتلظى ، ويحاول التخلص من الرمضاء بالنار .
وكما أنني أصرخ فإن الجلاد يتألم، يفوح لهيبه الداخلي الذي يحرقه ببطء وحده ،حتى وإن لفظ محتواه في المجلودين ، فإنه لا يمكنه التخلص من آلامه ورعونته ، تلك التي تجلده أيضاً . تختلف آلة الجلد ، ولكنه يبقى جلداً، عنصرية جلاد مجنون ، ومجلود صامد ، فإذا مات المجلود من شدة الجلد ، وقف بجانب رفاقه شبحاً يطارد الجلاد ليل نهار ، فيزداد سعارا، يزيد من هذا السعار صمود المجلود، ما أشبه الأمر بتك الكيانات الكبرى ، التي امتلكت ما فوق الأرض ، وما في باطنها ، وسلحت الكواكب والأرض والبحر ، ويقلقها فقط أن يعلو صوتك وتقول : لا
حتى ( سالومي ) ، ظل الملك يراودها عن نفسها ، وهي العاهرة العارية ، التي ترقص بابتذال ،
لم تقبل مهراً أقل من دمٍ نبيل، ولا أنبل من دم نبيٍّ ، فكان لها ما أرادت.
طويت الورقة ، وضعتها في جيبي ، وسرت متمهلة فوق الأرض، أي أرض ، لا يهم ! أرنو شاخصة.
فإذا ( سالومي ) ترقص عاريةً من جديد وكلما اقترب منها الملك تمنعت، فشرطها القديم مازال باقيا، المهر هو دم نبيل.
قال لها متوسلاً : ولكن لم يعد في زماننا أنبياء.
قالت له : فالأمثل فالأمثل.
استجاب دون قيد أو شرط، وقام يلقي تحت أقدامها جملة من الجماجم ،ولكنها تطمع في المزيد، فسارع في إرضائها بإلقاء المزيد من الجماجم الأخرى ، ولكن شاربة الدماء لا تشبع ، وكلما طلبت المزيد أعطاها ، نعم لها من الجماجم ماتشاء، حتى صار العالم يباباً.
يسير آخرون فوق الجماجم ، ورغم عظامهم النخرة ، فهي تتطلع إلى حصد جماجمهم.
ويبقى في الأفق صغارٌ ، يسيرون تتعثر خطاهم ، فقد قاموا من فورهم ، يتهجون أشياء ( آدم ) التي علمه الله أسماءَها دون ظهير يحميهم.
فمن تُراه يحميهم من بطش الملك وسطوة ( سالومي )؟
تلك العارية المبتذلة !!!، لا تشبع ولا تموت دورها قاصر على إعدام البراءة ، التي صارت سُبَّةً لمن يعتنقها ، وسوأة ، يجب التخلص منها.
الورقة متهالكة ، فضضتها برفق خشية أن تتمزق.
الذي أعلمه تماماً ، أنَّ في طيِّها ما لا يمكنني التكهن به ، قرأتها بتمعن ، لتأخذني حالة من التفكر.
خرجت بالكاد من نفق ضيق جداً، كنت أتنفس بلهفة ، كمن غاب عن صدره الهواء ردحاً من الزمن، أنظر لون بشرتي ، الذي تحول إلى اللون الأزرق تمامً.
كلما امتلأ صدري بالهواء ، خفَّت حدة هذا اللون ، وعاودني الشعور بالراحة ، والاسترخاء ، حتى اختفى لوني الأزرق ، ومعه ذلك الشعور المقيت بالإجهاد ، سرت فوق الأرض، بانتفاء الأغلال التي أحاطتني من قبل ، والتخلص من الأصفاد التي كنت بها مُقَرَّنةً، لم تَخل أنفاسي من تنهد متقطع، هرعت باحثة عن أرض خضراء ، أتلمس بعض الأكسجين ، في هواء نقي ، يعيد إلي عافيتي ، فاهتديت إلى مرج أسرني بالروائح التي غشيتني منه ، بمجرد أن وليت وجهي تجاهه ، أتحسس بتلات الزهور ، مخملية الملمس ، وإن آلمتني بعض أشواكها، رائحتها تتمدد داخلي ، لتنقيني مما علق بي، أسير كمن لا يريد أن يتوقف ،ولكنِّي آثرت الجلوس على الأرض المعشوشبة ، تتخللها زهور تتمايل تداعب ملامحي في حنو حبيبين التقيا بعد طول غياب، تعيد صياغتي من جديد وأنا لها مستسلمة.
أتأمل حال الإنسان ، يطوع كل شيء بحسب هواه، أنا المجلود، لا يهم مَنْ يكونُ الجلاد ، المهم أنه مستمر بالجلد ، ضعيف يتلظى ، ويحاول التخلص من الرمضاء بالنار .
وكما أنني أصرخ فإن الجلاد يتألم، يفوح لهيبه الداخلي الذي يحرقه ببطء وحده ،حتى وإن لفظ محتواه في المجلودين ، فإنه لا يمكنه التخلص من آلامه ورعونته ، تلك التي تجلده أيضاً . تختلف آلة الجلد ، ولكنه يبقى جلداً، عنصرية جلاد مجنون ، ومجلود صامد ، فإذا مات المجلود من شدة الجلد ، وقف بجانب رفاقه شبحاً يطارد الجلاد ليل نهار ، فيزداد سعارا، يزيد من هذا السعار صمود المجلود، ما أشبه الأمر بتك الكيانات الكبرى ، التي امتلكت ما فوق الأرض ، وما في باطنها ، وسلحت الكواكب والأرض والبحر ، ويقلقها فقط أن يعلو صوتك وتقول : لا
حتى ( سالومي ) ، ظل الملك يراودها عن نفسها ، وهي العاهرة العارية ، التي ترقص بابتذال ،
لم تقبل مهراً أقل من دمٍ نبيل، ولا أنبل من دم نبيٍّ ، فكان لها ما أرادت.
طويت الورقة ، وضعتها في جيبي ، وسرت متمهلة فوق الأرض، أي أرض ، لا يهم ! أرنو شاخصة.
فإذا ( سالومي ) ترقص عاريةً من جديد وكلما اقترب منها الملك تمنعت، فشرطها القديم مازال باقيا، المهر هو دم نبيل.
قال لها متوسلاً : ولكن لم يعد في زماننا أنبياء.
قالت له : فالأمثل فالأمثل.
استجاب دون قيد أو شرط، وقام يلقي تحت أقدامها جملة من الجماجم ،ولكنها تطمع في المزيد، فسارع في إرضائها بإلقاء المزيد من الجماجم الأخرى ، ولكن شاربة الدماء لا تشبع ، وكلما طلبت المزيد أعطاها ، نعم لها من الجماجم ماتشاء، حتى صار العالم يباباً.
يسير آخرون فوق الجماجم ، ورغم عظامهم النخرة ، فهي تتطلع إلى حصد جماجمهم.
ويبقى في الأفق صغارٌ ، يسيرون تتعثر خطاهم ، فقد قاموا من فورهم ، يتهجون أشياء ( آدم ) التي علمه الله أسماءَها دون ظهير يحميهم.
فمن تُراه يحميهم من بطش الملك وسطوة ( سالومي )؟
تلك العارية المبتذلة !!!، لا تشبع ولا تموت دورها قاصر على إعدام البراءة ، التي صارت سُبَّةً لمن يعتنقها ، وسوأة ، يجب التخلص منها.