د. خالد محمد عبدالغني - قدري حفني مؤسس علمي الوعي والسلوك

ثم يقدم لنا العلامة قدري حفني طرحا فريدا عن علم النفس بعامة ولقد ذهب في دعوته للحوار إلى أن نفرق بين علمين مستقلين ومتمايزين ضُما تحت عباءة علم النفس هما علم الوعي وعلم السلوك نشأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر للبحث عن علم يقدم اكبر فائدة لصاحب رأس المال بدافعية اكبر لضمان أقصى إنتاجية من العامل ولإثارة أقصى دافعية لدى المستهلك فيزيد من استهلاكه ليزداد صاحب رأس المال ربحا دون وعي من العامل والمستهلك بحقيقة العلاقة بين تكلفة السلعة وسعرها ومدى حاجته الموضوعية إليها ، وحاجة الجماهير العملة للتخفف من معاناتها التي تمثلت في اغترابها، ولما كانت التسمية المريبة لهذا العلم الوليد "علم النفس " فقد حققت الغرض منها فمن خلالها تم استعاد "الوعي" ومحاصرة جذوره الأصيلة داخل حدود الإبداع الفني والفكر الفلسفي والاعتقاد الديني باعتبار أن كل ذلك ليس من العلم في شيء ومن خلال هذه التسمية تبلور "علم السلوك" ونضج وتجددت ملامحه وإن ظل مصرا على التخفي ، وهكذا فإن عباءة علم النفس التي نعرفها اليوم تضم في الحقيقة جسدين متمايزين تاريخا وموضوعا ومنهجا ولا علاقة بين أي منهما وبين مصطلح "النفس" . فعلم السلوك يرجع بتاريخه القديم إلى جذور علم الطبيعي القائم على الملاحظة الموضوعية متخذا من السلوك القابل للملاحظة والضبط موضوعا له ومن التجريب منهجا، أما علم الوعي فيرجع بتاريخه القديم إلى جذور التعبير الفني والعقيدة الدينية والفكر الفلسفي متخذا من الوعي بشقيه الشعوري واللاشعوري موضوعا له ومن الملاحظة بالمشاركة منهجا. ومن هنا فلابد من التكريس للانفصال بين علمي الوعي والسلوك والسعي لتأصيل كل منهما وكل هذا تحت الدعوة لتصنيف جديد للعلوم الإنسانية(قدري حفني :1980).
وهناك رؤيته حول العلم والتفكير العلمي والإرهاب وفيها أنه استرعى انتباهه أن قادة التنظيمات الإرهابية من دارسي كليات القمة الطب والهندسة وفسر ذلك بكونهم من الذين علموا أحادية الرأي والرؤية من خلال دراستهم للعلوم الطبيعية ون مقرراتهم الدراسة تخلو من مواد تتعلق بالتفكير العلمي والتدريب عيه ، أو المنطق أو مناهج البحث أو الفلسفة أو العلوم الإنسانية بعامة ، وخلص إلى أن محاولة القضاء على الأفكار بدعوى اجتثاث الجذور الفكرية للعنف أو للعنف المضاد ليست سوى أوهام تدحضها حقائق العلم والتاريخ معا ، فحين تحاول السلطة ذلك فإنها لا تنجح في المدى البعيد في القضاء على أي من الفكر أو السلوك وكذلك فحين يحاول المتمردون على السلطة توجيه رصاصاتهم إلى من يعتبرونهم بمثابة رموزها الفكرية فإنهم يغامرون بتعريض مجمل مسعاهم للانتكاس. وحول طريقة معالجة أثار العنف والتعصب تبنى المؤلف طريق الرصاصة مقابل الرصاصة والفكرة مقابل الفكرة والقبول بحق الأفكار جميعا في التعبير عن نفسها مهما كانت درجة الاختلاف معها أو النفور منها بما يتضمنه ذلك القبول من تسليم واع بما سوف ينجم عنه من فوضى فكرية ، إن فوضى الأفكار أقل ضررا من إرهاب العنف وضجيج الكلمات مهما كان ما يسببه من إزعاج أهون كثيرا من صوت لعلة الرصاص(قدري حفني :2007) .




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى