الدكتور محمد عباس محمد عرابي - كتاب النص الأدبي للأطفال للدكتور سعد أبو الرضا وأبرز قضاياه الأدبية والنقدية

يتناول الباحث في هذا المقال (1)كتاب النص الأدبي للأطفال للدكتور سعد أبو الرضا وأبرز قضاياه الأدبية والنقدية من خلال محورين؛ المحور الأول نبذة حول مكونات كتاب النص الأدبي للأطفال للدكتور سعد أبو الرضا ،المحور الثاني : أبرز القضايا الأدبية والنقدية في كتاب النص الأدبي للأطفال، وفيما يلي بيان ذلك :
أولا : نبذة عن كتاب النص الأدبي للأطفال للدكتور سعد أبو الرضا
صدرت الطبعة الأولى(1414هـ/1993م ) لكتاب (النص الأدبي للأطفال أهدافه ومصادره وسماته رؤية إسلامية) للدكتور سعد أبو الرضا (رحمه الله ) عن رابطة الأدب الإسلامي العالمية ،مكتب البلاد العربية وطبعته دار البشير بعمان - الأردن ،وقد جاء الكتاب في هذه الطبعة في 196صفحة من القطع المتوسط ،ثم صدرت الطبعة الثانية (2005م)عن مكتبة العبيكان بالرياض ،وجاءت في 244صفحة من القطع المتوسط
و كتاب (النص الأدبي للأطفال أهدافه ومصادره وسماته رؤية إسلامية) كما أشار أبو الرضا (رحمه الله ) في مقدمته جاء في بابين الأول نظري ،واشتمل على ثلاثة فصول ،والثاني اشتمل على الجوانب التطبيقية ،وجاء في فصلين.
وفيما يلي عرض لمحتويات الكتاب كما أبان أبو الرضا (رحمه الله ): الباب الأول (التنظير ): وقد تضمن ثلاثة فصول:
الفصل الأول: كان بمثابة مدخل لتحليل العلاقة بين الثقافة والأدب بغية تحديد مفهوم أدب الأطفال الإسلامي وفنونه ووسائله وغاياته ،وبين أبو الرضا أنها علاقة وثيقة ؛فالأدب الإسلامي جزء أساسي في منظومة الثقافة إلا أنه له وسائله وأساليبه التعبيرية التي تجسده ،وتحقق أهدافه ووسائله في إثراء فكر الأطفال، وهذا له الدور البارز في بناء شخصية أطفالنا دينيا ونفسيا وعقليا ووجدانيا .
الفصل الثاني :وعرض للأدب ومراحل الطفولة (المبكرة والمتوسطة والمتأخرة )وفوائد ذلك في بيان الخصائص النفسية والفنية التي يمكن أن تتوفر في النص الأدبي الإسلامي الملائم لكل مرحلة من مراحل الطفولة ،وما يعين الأطفال على تذوق النص وتمثل جمالياته ،وقد عرض الفصل لبعض نماذج من النصوص الأدبية الإسلامية التي تلائم هذه السن ،وتوضح ما رآه أبو الرضا خلال تحليلها .
الفصل الثالث :مصادر أدب الأطفال، وقد عرض الفصل لأربعة مصادر :المصادر الإسلامية (القرآن والسيرة النبوية والحديث الشريف )- المصادر التراثية - الترجمة - المتغيرات
الباب الثاني ( الجوانب التطبيقية: من أجناس أدب الأطفال) : ،وجاء في فصلين دارت حول المسرحية والقصة والمنظومة ،وجاء الفصلان على النحو التالي :
الفصل الأول: المسرحية وتناول فيه أبو الرضا (رحمه الله ):بعض وظائف مسرحية الأطفال، وخصائصها في ضوء خصائص وسمات مسرحيات الكبار ،وفي هذا الفصل تم تحليل نموذجين هما :
النموذج الأول :المسرحية الشعرية (جحا والبخيل لأحمد سويلم )؛ لأن المسرحية الشعرية غنية بالوسائل الفنية الجمالية ،ولها غاياتها وقيمها التي من أبرزها رعاية الجار ، وفي هذا التحليل تم عرض السمات الخاصة بمسرحيات الأطفال(الحدث ،الصراع ،اللغة ،الحوار )
النموذج الثاني :المسرحية النثرية (مسرحية فراش الرسول (صلى الله عليه وسلم ) لمرزوق هلال ،وفي هذا التحليل ناقش أبو الرضا (رحمه الله ):توظيف التراث في (مسرحية فراش الرسول (صلى الله عليه وسلم )،وبين كيفية الربط بين القيمة الدينية ،والوسيلة الفنية ،وامتزاجهما في الأعمال الأدبية الإسلامية للطفل .
الفصل الثاني : وفيه عرض أبو الرضا (رحمه الله ) للقصة والمنظومة حيث قارن أبو الرضا (رحمه الله ) بين القصة والمسرحية من حيث دورهما في تحقيق أهداف وغايات أدب الأطفال ،كما عرض لخصائص بناء القصة الإسلامية للأطفال مستضيئا في ذلك بآراء من كتبوا في هذا المجال ،كما تناول قصص الخيال العلمي (مفهومها - نشأتها - مزاياها )،وحلل بعض النماذج التطبيقية للقصص والمنظومات ،حيث جعل دراسته وتحليله لكتاب (ديوان شوقي للأطفال )لعبد التواب يوسف حيث تحدث أبو الرضا عن شوقي وتوجيهاته في أدب الأطفال،وقدم جدولًا يتضمن توزيع هذه القصص والمنظومات على مراحل الطفولة ،وأبان أسس هذا التوزيع ،ثم قام بتحليل نموذجين لقصتين من قصص هذا الديوان تناسب القصة الأولى ( الأرنب وبنت عرس في السفينة )أطفال مرحلة الطفولة المبكرة ،والتي وظف فيها شوقي سفينة نوح عليه السلام ،وعرض أبو الرضا رأيه في هذا التوظيف .وأما النموذج الثاني الذي حلله أبو الرضا (الثعلب والديك )وهو يلائم أطفال الطفولة المتأخرة .
ثم تناول أخيرًا المنظومة حيث حدد مفهومها ومزاياها وخصائصها ،وحلل نموذجًا لها (الرفق بالحيوان ) حيث بين أهمية الإيقاع في المنظومة ،وتشكيل خصائصها ،وتحقيقها لأهداف أدب الأطفال الإسلامي .وأردف أبو الرضا (رحمه الله ) ذلك بقائمة المصادر والمراجع التي اعتمد عليها في إعداد هذا الكتاب
ثانيًا :أبرز القضايا الأدبية والنقدية في كتاب النص الأدبي للأطفال:
من خلال عرض محتويات الكتاب يتضح أنه يتناول تأصيل للنص الأدبي للأطفال أهدافه ومصادره وسماته من رؤية إسلامية، وتحليل أدبي لبعض هذه النصوص ،ومن خلال هذا التأصيل والتحليل تضمن الكتاب عدة قضايا أدبية ونقدية من أبرز هذه القضايا ما يلي :
جهود مشكورة في العناية بالأطفال وقراءاتهم وتثقيفهم :يذكر أبو الرضا ويقر بأن السنوات الأخيرة شهدت عقد ندوات على المستوى الوطني والدولي تستهدف العناية بالأطفال وقراءاتهم وتثقيفهم،لكنه يجب أن يكون للجانب الأدبي الجمالي نصيب وافر ،خاصة بالنسبة لمرحلة الطفولة المبكرة،وأن تكون القيمة الإسلامية جوهرية أساسية فيما يقدم من نماذج أدبية ،ولقد كانت لمجالس الطفولة العربية ونشاطها الملحوظ في الاهتمام بالأطفال ،وتربيتهم ،وصقل مواهبهم ووجداناتهم ،أثر عظيم في إحياء الأمل ،ومحاولة خلق أجيال واعية قادرة على الإحساس بالجمال وتذوق الأدب والتمسك بدينها الإسلامي (2)
جهود رابطة الأدب الإسلامي العالمية في إثراء أدب الطفل بالنماذج الإسلامية :يتحدث الدكتور أبو الرضا عن هذه الجهود فيقول :" لقد قامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية بحث الكُتاب على إثراء أدب الطفل بالنماذج الإسلامية، فعقدت ندوات متخصصة من أجل ذلك ،كما قامت بنشر النصوص المحققة لهذه الأهداف ،وأزكت من النقد الأدبي الإسلامي المواكب لهذا الاتجاه ،وتوصي أعضاؤها بإثراء هذا الميدان رعاية للنشء ،واستجابة لديننا الحنيف في حثه على رعاية الطفل وحسن تنشئته ،والأمل كبير في مزيد من النماذج الإسلامية الإيجابية المحققة لما ننشده إن شاء الله"(3)
أدب الأطفال الإسلامي متنوع المستويات :وفي هذا يقو أبو الرضا :"فالقصة التي قد تكون مناسبة لمرحلة الطفولة المتأخرة ،قد تكون غير مناسبة لمرحلة الطفولة المبكرة من حيث تركيب حدثها ،والتمثيلية التي تناسب مرحلة الطفولة المبكرة قد لا تشبع مرحلة الطفولة المتأخرة، وهكذا "(4)

قلة النماذج الأدبية لمرحلة الطفولة المبكرة : يذكر أبو الرضا في هذا الكتاب : قلة النماذج الأدبية لمرحلة الطفولة المبكرة،وهي الفترة من (3-6)سنوات ؛لأن النموذج الأدبي لهذه المرحلة من حياة الطفل يتطلب رصيدًا من معرفة التطورات النفسية والعقلية والجسمية التي تشكل حياته ،وإدراكًا لكثير من الخبرات التي تتكون لدى الطفل في هذه السن ،وإلمامًا باحتياجاته واهتماماته ،بجانب ثراء مهارة الخلق الفني والإبداع لدى الأديب نفسه (5)
كاتب أدب الطفل الإسلامي الناجح :يرى أبو الرضا أن كاتب أدب الطفل الإسلامي الناجح هو الذي يوظف المسرح بخصائصه الفنية ؛للوصول إلى عقل الطفل ووجدانه ،وينجح في إقناعه بفكرته ،ويغرس فيه من القيم والمبادئ الإسلامية ما يعلي من شأنه ،وينمي فيه الوازع الديني ،كما يصقل ذوقه ،ويزيد من حصيلته اللغوية ،ويضيف إلى ثقافته بصفة عامة ؛ما يهيئه لمواجهة سوية لحياته ومشكلاتها. (6)
الاستفادة من الأشكال الفنية لأدب الأطفال ووسائل التجسيد فيها : يقول أبو الرضا (رحمه الله ) ندعو إلى الاستفادة من مختلف الأشكال الفنية لأدب الأطفال ووسائل التجسيد فيها ،وأن توظف لتصل أطفالنا بديننا ،وتراثنا وفكرنا ،وحياتنا المتجددة ،وقيمنا الأصيلة ،من خلال أدب حي يُقدم للأطفال ،لا يغفل الماضي ،ولا يتجافى عن الحاضر ،وإنما يصل بينهما باتزان واعتدال ،وينتقل بأطفالنا إلى رؤية مستقبلية تحقق لهم نماء الفكر وخصوبة الوجدان ،واتساع الخيال ورقي الذوق ،وفاعلية المواجهة للقضايا ،كما تصل بهم إلى مرحلة الرشد في أمن وأمان "(7)
* تلبية الأدب الإسلامي لاحتياجات الأطفال النفسية ،وإشباع اهتماماتهم العقلية
وفي هذا يقول أبو الرضا (رحمه الله ) " أطفال اليوم بُناة الغد، عليهم تقوم نهضة الأُمة وتقدمها، يشيدون حضارتها، ويحمون مجدها، ويذودون عن حياضها، هم مناط آمالنا، ومعقد رجائنا، فما أشد حاجتنا إليهم: أقوياء الأبدان، أصحاء النفوس، أذكياء العقول، يتمتعون بوعي راق، وفهم ثاقب، ونظر بعيد، وخيال خصب وذوق رهيف، ووازع ديني قوي"وبين أنه من الضروري تزويد هؤلاء الأطفال بالفن الإسلامي الذي يعدهم لتحقيق الأهداف المنوطة بهم وخاصة الأدب الإسلامي ؛لأن الأدب الإسلامي يلبي احتياجات الأطفال النفسية ،ويشبع اهتماماتهم العقلية ،ويربي أذواقهم ويصقل مشاعرهم . من هنا كانت أهمية أدب الأطفال الإسلامي بفنونه المتنوعة :المسرحية ،والقصة والمنظومة الشعرية وغيرها يكتبها كُتاب مبدعون "(8)
ارتقاء البناء الفني للقصة :يرى أبو الرضا أنه "يجب أن يرتقي البناء الفني للقصة (المقدمة للأطفال )بما يتناسب مع النمو الجسمي والعقلي لهم ،وبما يعلي من إدراكهم للجمال الفني "(9)
فوائد القصص القرآني للأطفال : يؤكد أبو الرضا على أن القصص القرآني مفيد للأطفال حيث يقول :" يمكن للقصص القرآني إذا أُحسن استثماره فنيا ،وتوظيفه فكريًا وثقافيا ،أن يستثير لدى الأطفال من الخيال ما ينمي لديهم هذا الاتجاه ،فيعينهم على إذكاء تصوراتهم ،واستحضار كثير من الصور التي تنمي خيالهم ،مما يساعدهم على حسن مواجهة الحياة بمشكلاتها ،والتفكير السليم في قضاياها ،والتمتع بمظاهر الجمال السوية في الحياة " (10)
حرص أحمد شوقي على تنمية القيم في نفوس الأطفال :وفي هذا يقول أبو الرضا :"أُلفت عدة كتب وسلاسل قصصية في أدب الأطفال تحرى كُتابها القضايا الإنسانية ،وأبرزوا المبادئ الأخلاقية في شكل فني ملائم ، فأحمد شوقي مثلا وظف فنيا سفينة نوح (عليه السلام )في تسع قصص مختلفة للأطفال ،كما استثمر في ثلاث أخرى ما عُرف عن سيدنا سليمان (عليه السلام )،ومعرفته لغة الطير (11)،وقد حاول شوقي بذلك تثبيت كثير من قيم الوفاء ،وحسن الخلق ،والأمانة والتواضع في نفوس الأطفال،وإمتاعهم وتسليتهم ،والإحساس بالنغم لديهم ،وإثراء حصيلتهم اللغوية (12)
ومن الكتب الأخرى التي سارت على نهج شوقي مجموعات (قصص الأنبياء )التي أشرف عليها الأستاذ /محمد أحمد برانق التي أصدرتها دار المعارف بالقاهرة ،وعددها عشرون كتيبا، كما ألف عبد الحميد جودة السحار (قصص الأنبياء )في ثمانية عشر جزءًا،وأعد محمد علي قطب كتاب قصص القرآن للأطفال .وألف عبد اللطيف عاشور (قصص الأنبياء للأطفال )،وكتب وصفي آل وصفي بالاشتراك مع إبراهيم يونس سلسلة (قصة وآية )صدرت عن دار المعارف بالقاهرة.
ويرى أبو الرضا (رحمه الله )أن هذه النماذج تثري الجانب الثقافي ،وفي الوقت نفسه لا تهمل الجانب الجمالي الفني ،ليس فقط باهتمامها بالبناء القصصي ،ولكن من خلال عبارات قصيرة خفيفة ،سهلة ،كما قد يتضمن بعضها صورا بيانية ذات تأثير جمالي ،وتدفق في الصياغة يؤازر الوسائل السابقة في الإمتاع والتأثير ،وهي تناسب نهاية مرحلة الطفولة المتوسطة ،ومرحلة الطفولة المتأخرة . (13)
السيرة النبوية والأحاديث الشريفة زاد ثري لأدب الأطفال :حيث يذكر أبو الرضا أن " هناك من المجموعات القصصية (مجموعة أمهات المؤمنين) التي أشرف عليها الأستاذ /محمد أحمد برانق و أصدرتها دار المعارف بالقاهرة ،وعددها ست عشرة قصة ؛منها :خديجة الطاهرة ،وخديجة الزوجة وخديجة سيدة النساء ..إلخ ،وهي نماذج يمكن أن تكون ملائمة لمرحلتي الطفولة المتوسطة و الطفولة المتأخرة ؛لطولها ،ورقي أسلوبها برغم بساطتها ويسره ،ولما فيها من كثرة الأحداث ،إذ يغلب عليها جانب القص والحكاية ،وحشد المواقف التي غالبًا ما يكون التتابع الزمني التاريخي أحد العوامل الرابطة بينها ،وتجذب الأطفال من خلال عناصر التشويق كالبدء بالسؤال المثير ،الحافز على البحث عن المجهول ،وانتظار انكشاف جوانب الخبر أو الحكاية ،وتقديم الغريب من الأحداث والمواقف ومحاولة الإيهام بالواقع اعتمادًا على تحديد الزمان والمكان وملامحهما ،وذكر الشخصيات بأسمائها الحقيقية "(14)
لا لتقسيم كل قصة إلى أقسام : انتقد أبو الرضا تقسيم كل قصة من قصص المجموعات القصصية (مجموعة أمهات المؤمنين) إلى أقسام،ويرى أن "هذا التقسيم يهدد ترابطها وتتابعها ؛لأن هذا التقسيم وسيلة لتجاوز ما قد يعتري تتابع الأحداث من فجوات زمنية وفنية ،ومن ثم يغلب عليها شكل السيرة بتاريخيته ،لا التتابع القصصي بفنيته ،وهي خالية من الصور ما عدا الغلاف "(15)
مجموعات (محمد خير البشر) تعلي شأن الجانب القصصي وفنيته :يرى أبو الرضا أن مجموعات (محمد خير البشر) لعبد التواب يوسف تعلي شأن الجانب القصصي وفنيته حيث تم توظيف الأحداث والمواقف في بنية فنية تقنع بالصفة المتحدث عنها من صفات الرسول (صلى الله عليه وسلم )وتتوافر فيها العناصر الفنية للقصة كالحبكة والعقدة والحل الناتج عن التسلسل القصصي (16)
حكايات من كليلة ودمنة لها ما لها وعليها ما عليها : بين أبو الرضا أن حكايات من كليلة ودمنة لوصفي آل وصفي لها ما لها وعليها ما عليها ،فهي تتميز بأنها زاوجت بين الحوار والسرد للكشف عن أبعاد الحدث وجلاء بعض صفات الشخصية ،واعتمادها كثيرًا على الجمل القصيرة التي يسهل متابعتها ،بالإضافة إلى سهولة العبارة وفصاحة كلماتها ،وبعض الصور الفنية التي تحقق الجمال الفني ،إلا أن الصور الملونة والرسوم لم تحقق الأهداف المنوطة بها ،وتحتاج إلى التناسق والتناغم والتآزر مع الأفكار المرتبطة بها . (17)
قصص "ألف ليلة وليلة "لكامل كيلاني :يرى أبو الرضا أنها تميزت باليسر والسهولة والوضوح ،وراعت التيسير على الأطفال من خلال تقسيم كل قصة إلى أقسام متتابعة مما يسهل على الأطفال استيعابها ،ومتابعتها فكريا ،وتوضيح الفكرة من خلال الصور الملونة المصاحبة . (18)
قصة رحلة إلى القمر لأحمد نجيب ذات تشكيل قصصي متميز :يرى أبو الرضا أن قصة رحلة إلى القمر لأحمد نجيب ذات تشكيل قصصي متميز فهي تتسم بفاعلية تتابع الحدث ،وقصر الجمل التي تتآزر مع الصور والحقائق والإطار القصصي (19)
الإيقاع والحدث بمسرحية "جحا والبخيل "لأحمد سويلم : يقول أبو الرضا نقلًا عن شكري عياد نجد في هذه المسرحية غلبة الإيقاع في بناء
هذه المسرحية (هي مسرحية وظفت التراث من خلال صياغة شعرية )،مما يضاعف من تأثير العناصر الدرامية فيها ،وتحقيق تفاعل معها ،ولا يتشكل هذا الإيقاع من الوزن الشعري عندما يقترن بالمعنى فحسب لكنه مرتبط بحركة الأحداث ،ونمو التعقيد فيه، وتنويع المؤلف بين سرعة الحركة الدرامية وبطئها ،وتطور الشخصيات ،والكشف عن داخلها ،وتوظيف الأغنية ،وظاهرة التكرار الذي يتخذ عدة دلالات تدعم بناء المسرحية مع استخدام كلمات تتآزر مع بعضها في ائتلاف واتساق مجسدة للفكرة والنغمة ،وذلك هو مفهوم الإيقاع العام ،وتتصدر الأغنية هذا البناء كما يختتم بها ،وفي أغنية البدء تتحدد أهداف ثلاثة للغاية من هذه المسرحية : الفكرة الإسلامية ،والتسلية والغرابة والبطولة (20)
ويذكر أبو الرضا أن :" لغة المسرحية بسيطة واضحة سهلة ،برغم تحقيقها لجوهر الفن في أدب الأطفال بدرجة واضحة أيضًا ،إذ يمكن لمن هم في نهاية مرحلة الطفولة المتوسطة مرحلة الطفولة المتأخرة أن يتذوقوا ويستمتعوا بمثل هذه المسرحية ،ويعوا أهدافها ،ويتمثلوا غاياتها "(21)
حققت مسرحية فراش الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الشكل الدرامي للتراث :
يرى أبو الرضا أن مسرحية فراش الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) لمرزوق هلال قدمت لمحات من حياة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) تقديمًا مسرحيًا يمكن للأطفال الاقتداء بأخلاقها كالتواضع والرحمة والعدل . لكن يرى أبو الرضا أيضًا أن اشتمال هذه المواقف المسرحية خلال النص على عنصر الحكاية قد أمتعهم برغم ما يتهدد ذلك من تعدد الحدث وتعدد العقد ،مما أصاب بنية المسرحية بالتفكك ،وتشتت ذهن الطفل في متابعتها والاستفادة منها (22)
قصص الخيال العلمي تنمي ثقافة الأطفال :
يرى أبو الرضا أن "قصص الخيال العلمي تنمي ثقافة الأطفال،بما تزودهم به من معلومات ومعارف وخبرات ،ووسائل تعين على تجديد التفكير ،وحيوية البحث ،وشمولية النظر والبعد عن الجمود والتحجر ،وتأصيل وغرس عادات سلوكية إيجابية تتصل بحب العلم والتقصي ،وارتياد الجديد والمجهول ،وخلق الرغبة والابتكار ،ويتصل ذلك بما يدعو إليه ديننا من صور إتقان للعمل والإخلاص فيه .(23)
أهمية الأناشيد والمنظومات الشعرية في أدب الأطفال: يرى أبو الرضا أهمية الأناشيد والمنظومات الشعرية في أدب الأطفال فهي تشبع حاجاتهم النفسية ،ويمكن استثمارها في غرس كثير من فيم الإسلام في نفوس الأطفال ،وتعويدهم بعض الشعائر كالصلاة مثلا (24)
وختامًا ندعو الله أن ينفع بهذا الكتاب الأجيال ومحبي أدب العربية، وأن يثيب عليه الدكتور سعد أبو الرضا (رحمه الله ) عليه خير الثواب ،وأن يرفع به درجاته في الجنة آمين .


(1) تم نشر هذا المقال في مجلة الأدب الإسلامي في العدد الخاص بالدكتور سعد أبو الرضا (رحمه الله )وأسكنه فسيح جناته .
(2)سعد أبو الرضا: النص الأدبي للأطفال أهدافه ومصادره وسماته رؤية إسلامية) للدكتور سعد أبو الرضا (رحمه الله ، الطبعة الأولى، رابطة الأدب الإسلامي العالمية ،مكتب البلاد العربية ، دار البشير بعمان - الأردن ، (1414هـ/1993م ) ، ص 172
(3)المرجع السابق ،ص 93
(4)المرجع السابق ،ص 18
(5)نفسه ، ص 170
(6)نفسه ، ص 90
(7)المرجع السابق ،ص 21
(8)المرجع السابق ،ص5وما بعدها
(9)المرجع السابق ،ص 38
(10)المرجع السابق ،ص 42
(11)ينظر :عبد التواب يوسف ،ديوان شوقي للأطفال ،القاهرة ،دار المعارف ،1984م ،ص 59- 73،وقد تناول أبو الرضا (رحمه الله ) بدراسته وبيان الجوانب الفنية لكتابات شوقي للأطفال
(12)سعد أبو الرضا: النص الأدبي للأطفال أهدافه ومصادره وسماته رؤية إسلامية) للدكتور سعد أبو الرضا ،مرجع سابق ، ص 43
(13)المرجع السابق ، ص 46-47
(14)المرجع السابق ، ص 49
(15)نفسه ، ص 50
(16)نفسه ، ص 50
(17)نفسه ، ص 58
(18)نفسه ، ص 61
(19)نفسه ، ص 76
(20)نفسه ، ص 102
(21)نفسه ، ص 118
(22)نفسه ، ص 124
(23)نفسه ، ص 143
(24)نفسه ، ص 174

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى